تشكيليون يعيدون الحياة لأكبر جدارية في تونس

مبادرة استجابت لاستهجان التونسيين عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي تجاه التشويه الذي طال رسوم الجسر، الذي يعد أحد أكبر المعارض الفنية المفتوحة في أفريقيا والعالم.
السبت 2019/03/30
سلاحي هو فني

كشف طلاء “جسر القرش الأكبر” بقلب العاصمة التونسية باللون الرمادي عن رفض التونسيين للقتامة وحبهم للحياة، وقد أعادت نخبة من التشكيليين تحت وسم “الرمادي لا يليق بي… أنت فسخ (أمح) وأنا نعاود (أعيد)”، الحياة لأكبر جدارية في أفريقيا، مؤكدين أن تونس تتنفس ألوانا وهي رسالتهم للعالم التي تختزل تعلقهم الشديد بالتحرر والحرية.

تونس – شنّت مجموعة من الفنانين على امتداد ثلاثة أيام حملة شعارها “الرمادي لا يليق بي… أنت فسخ (أمح) وأنا نعاود (أعيد)”، هدفها بث الروح من جديد في “قنطرة القرش الأكبر” (جسر) الواقعة في قلب العاصمة التونسية بعد أن قامت وزارة التجهيز بإزالة جداريات كانت مرسومة على أعمدة الجسر تعبر عن مشاهد من واقع تونس منذ ثورة 14 يناير 2011.

جاءت هذه المبادرة، في منتصف شهر مارس الحالي، استجابة لاستهجان التونسيين عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي للتشويه الذي طال هذه الرسوم، التي شكلت واحدا من أكبر المعارض الفنية المفتوحة في أفريقيا والعالم، فهي تتكون من 120 عملا فنيا شارك في رسمها حوالي مئة فنان تونسي وعربي.

وعلى الرغم من أن وزارة التجهيز التونسية بررت ما أقدمت عليه بأنها قامت فقط بدهن الرسوم التي تحولت إلى جدران للملصقات الإعلانية وفضاء لكتابة عبارات مسيئة، فإن عددا من الفنانين التشكيليين اعتبروا هذا الفعل جريمة في حق الفن.

شباب مبدع
شباب مبدع

وأفضى الحراك التونسي الكبير إلى تفاعل وزارتي الثقافة والتجهيز إيجابيا وسماحهما بإعادة تزيين القنطرة، وقد شارك في هذه المبادرة أكثر من عشرين فنانا تشكيليا تونسيا، أغلبهم من الشباب.

وحملت إحدى هذه الجداريات توقيع الفنانة التشكيلية الشابة أماني الشيحي، طالبة بمعهد الفنون الجميلة بتونس، بكلمات مؤثرة، حيث كتبت “قل ما شئت عني فسلاحي هو فني.. قل ما شئت عني فإبداعي هو رغم عني.. لون بما شئت فالرمادي لم يكن همي.. حبي لفني غرامي وعايش في دمي”.

وقالت الشيحي، البالغة من العمر 24 عاما، لـ”العرب” إن “في محو العديد من الأعمال الفنية بقنطرة القرش الأكبر بالعاصمة دون العودة إلى الهياكل المشرفة على هذا المشروع أو الفنانين إهانة للمبدع في العموم ومسّا من حرية التعبير والإبداع”.

وأضافت “تحت إشراف وزارة الثقافة باشرت مجموعة من أقطاب الفن التشكيلي ضمت طلبة المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس ونقابة الفنانين واتحاد الفنانين والعديد من الأساتذة، إعادة الحياة للقنطرة”، مشيرة إلى أن هذه المبادرة مثلت رد اعتبار للفنانين التشكيليين والشباب وكذلك تحديا للون الرمادي وإعادة لإشراقة البلاد بالألوان من جديد.

وأعرب عدد من الفنانين المشاركين في المبادرة عن رغبتهم في وضع بصمة على جدارياتهم، لأنها تحمل رسالة تندد بأي عمل تخريبي، وحول ذلك أفادت الشيحي بأنها تعمدت التركيز على ألوان مضيئة غلب عليها اللون الأصفر حتي تحيل على الشباب المبدع.

كما قالت إحدى الفنانات المشاركات إنها عمدا رسمت وجه فتاة تخرج منه الألوان، مؤكدة أنه يمثلها ويمثل حبها للألوان.

ويرى البعض أن هذه الورشة الفنية المفتوحة تحت شعار “تونس تتنفس ألوانا” هي أكبر معرض جماعي للعموم، وأنها فضاؤهم للتواصل مع غير القادرين على الذهاب إلى المعارض الفنية، آملين في تزيين كل القناطر المتواجدة في تونس.

وقد بلغ عدد الجداريات حتى الآن حوالي 240 عملا فنيا بانتظار المزيد.

وكشف رفض اللون الرمادي عن حب التونسيين للحياة والتحرر معتبرين أن الألوان خير من يمثل في ذلك، حيث كتبت انسام جندوبي، طالبة بمعهد الفنون الجميلة وإحدى المشاركات في المبادرة “أنا النسمة.. أنا الكلمة الحرة.. أنا الفن.. الدنيا بالألوان تزهى”.

الدنيا بالألوان تزهى
الدنيا بالألوان تزهى

 

24