تشكيك في جدوى الهبة الأوروبية للبنان لمعالجة اللجوء السوري

الحكومة اللبنانية تلقفت تهم توطين اللاجئين السوريين بإعلان المديرية العامة للأمن العام اللبناني بدء تطبيق إجراءات جديدة "مشددة" بحق الموجودين منهم في لبنان.
الجمعة 2024/05/10
ضغوط متزايدة

بيروت - يشكك محللون في جدوى الهبة الأوروبية للبنان في معاجلة معضلة اللاجئين السوريين في البلاد، بل ذهبت بعض الأطراف السياسية إلى اعتبارها مكافأة مالية للحكومة اللبنانية من أجل توطينهم.

وقال الخبير الاقتصادي اللبناني جاسم عجاقة، إن حجم الهبة الأوروبية المالية الممنوحة للحكومة اللبنانية “ضعيف”، معتبراً أن حجم الاحتياجات الشهرية للبنان يفوقها بكثير.

وأكد عجاقة أن الكلفة المباشرة على خزينة الدولة من اللجوء السوري “لا تقل عن 1.72 مليار دولار سنوياً، “أما الكلفة غير المباشرة فلا تقلّ عن بضعة مليارات سنوياً”.

وأضاف عجاقة، إن رئيسة الاتحاد الأوروبي، لم توضح إن كانت المساعدة لدعم الاستثمارات أم الاستهلاك، وما هي الآلية التي ستتبع في ذلك، موضحاً أنه في الحالتين، “لا المبلغ كاف للدعم، ولا الآلية واضحة”.

ومن جهته، رأى العميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ بول مرقص، أن الهبة يجب أن تكون على شكل دفعة على حساب المساعدات الخارجية، لاستضافة اللاجئين السوريين مؤقتاً، “وألا يشكل ذلك أي وجه من وجوه الإدماج أو التوطين”.

وشدد مرقص بألا تُرَتَّبَ على لبنان أي التزامات سياسية في المقابل “أي أن يكون القبول مشروطاً”.

736

مليون يورو ستخصص لدعم لبنان من أجل الاستجابة لأزمة اللاجئين السوريين

وتلقفت الحكومة اللبنانية تهم توطين اللاجئين السوريين بإعلان المديرية العامة للأمن العام اللبناني، الخميس، بدء تطبيق إجراءات جديدة “مشددة” بحق الموجودين منهم في لبنان، ضمن “إستراتيجية تتضمن خارطة طريق لضبط وتنظيم” هذا الملف.

وقالت المديرية في بيان، إن الإجراءات تتضمن الطلب من السوريين المخالفين لنظام الدخول والإقامة، بالتوجه مباشرة إلى المراكز الحدودية لمنحهم التسهيلات اللازمة، وتسوية أوضاعهم ومغادرة لبنان، تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحق غير المغادرين.

وأضاف البيان أن الإجراءات تشمل أيضاً، التشديد على المواطنين اللبنانيين بعدم تشغيل أو إيواء أو تأمين سكن لسوريين مقيمين بطريقة غير شرعية في لبنان، وإقفال كافة المؤسسات والمحال “المخالفة” التي يديرها أو يستثمرها سوريون، تحت طائلة تنظيم محاضر ضبط إدارية وعدلية بحق المخالفين.

ودعت المديرية، إلى عدم السماح للسوريين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بممارسة أي عمل مأجور من خارج قطاعات العمل المحددة لهم.

وتضمنت الإجراءات وقف العمل بمنح أو تجديد الإقامات بموجب عقد إيجار سكن، أو بسند لتعهد المسؤولية (كفالة شخصية)، إضافة إلى تعديل شروط تجديد الإقامات بموجب كفالة مالية.

ومنذ استعادة الجيش السوري السيطرة على الجزء الأكبر من مساحة البلاد، تمارس بعض الدول المضيفة للاجئين بينها لبنان ضغوطاً لترحيلهم من أراضيها بحجة تراجع حدّة المعارك. لكن ذلك لا يعني، وفق منظمات حقوقية ودولية، أن عودة اللاجئين باتت آمنة في ظل بنى تحتية متداعية وظروف اقتصادية صعبة وملاحقات أمنية تشمل اعتقالات تعسفية وتعذيبا.

الكلفة المباشرة على خزينة الدولة من اللجوء السوري لا تقل عن 1.72 مليار دولار سنوياً، أما الكلفة غير المباشرة فلا تقلّ عن بضعة مليارات سنوياً

والأسبوع الماضي، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين من بيروت عن مساعدات بقيمة مليار يورو دعماً “لاستقرار” لبنان، معوّلة على “تعاون” السلطات لمكافحة عمليات تهريب اللاجئين التي شهدت ازدياداً في الآونة الأخيرة باتجاه قبرص.

وتأتي زيارة المسؤولة الأوروبية برفقة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس إلى بيروت، في وقت أعادت نيقوسيا في الفترة الأخيرة قوارب مهاجرين انطلقت بصورة غير نظامية من لبنان، وعلى وقع تكرار بيروت مطالبة المجتمع الدولي بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، بعد توقف المعارك في محافظات سورية عدة.

وقالت فون دير لايين خلال مؤتمر صحافي إثر لقائها والرئيس القبرصي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي “أستطيع الإعلان عن حزمة مالية بقيمة مليار يورو للبنان، ستكون متاحة بدءاً من العام الجاري حتى 2027” من أجل المساهمة في “الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي”.

وأضافت مخاطبة السلطات “نعوّل على تعاونكم الجيد لمنع الهجرة غير النظامية ومكافحة تهريب المهاجرين”، في إشارة إلى قوارب الهجرة غير النظامية التي تنطلق من سواحل لبنان.

وأكدت كذلك عزم الاتحاد الأوروبي على دعم الجيش والقوى الأمنية اللبنانية عبر “توفير معدات وتدريب على إدارة الحدود”.

وبحسب متحدث باسم الاتحاد الأوروبي في بروكسل، فإن 736 مليون يورو من إجمالي المبلغ ستُخصص “لدعم لبنان في الاستجابة للأزمة السورية وأزمة اللاجئين السوريين وكل ما يتعين على لبنان التعامل معه نتيجة الأزمة السورية” في حين أن المبلغ المتبقي مخصص في إطار التعاون الثنائي لدعم الجيش والأجهزة الأمنية.

ويستضيف لبنان الذي يشهد أزمة اقتصادية حادة منذ العام 2019، نحو مليونَي سوري، أقلّ من 800 ألف منهم مسجلون لدى الأمم المتحدة، وهو أعلى عدد من اللاجئين في العالم نسبة لعدد السكان. ويعبر كثر من سوريا إلى لبنان عبر طرق التهريب البرية أملاً في ركوب قوارب الهجرة غير القانونية التي أصبح شمال لبنان نقطة انطلاق لها. ويبحث المهاجرون عن حياة أفضل في دول أوروبية، وغالبا ما يتوجهون إلى قبرص، الجزيرة المتوسطية التي تبعد أقل من 200 كيلومتر عن لبنان.

2