تشديد القيود على روسيا ينذر بعودة صعود أسعار الغاز

لندن - ينذر تشديد القيود الأوروبية على الغاز الروسي بعودة صعود الأسعار مع نهاية العام الحالي خاصة وأنها شهدت ارتفاعا في الآونة الأخيرة، ممّا يغذي المخاوف من تكرار الأزمة التي تكشّفت مع اندلاع الحرب في أوكرانيا قبل عامين.
ويتوقع محللو القطاع صعود سعر الغاز وأيضا الوقود خلال الشتاء المقبل وسط استمرار الضبابية المحيطة بمخاطر الإمدادات، ومن بينها استمرارية التدفقات القادمة من روسيا.
وتذبذبت العقود المستقبلية المرجعية بين المكاسب والخسائر هذا الأسبوع بعد تداولها الشهر الماضي ضمن نطاق ضيق نسبيا عقب تراجعها في فبراير إلى أدنى مستوى منذ 2021.
ولكن تصاعد التوترات في الشرق الأوسط خلال الأسابيع الماضية أدى إلى بروز ضغوط صعودية على الأسعار. ويوضح منحنى العقود الآجلة في الفترة الحالية ارتفاع الأسعار في العام المقبل عن مستواها في الشهر الماضي.
وارتفعت العقود المستقبلية الهولندية الأقرب أجلا، التي تعد معيارا لأسعار الغاز في أوروبا، بنسبة 1.73 في المئة لتصل إلى 27.82 يورو للميغاواط/ساعة خلال الأسبوع الجاري.
ونسبت وكالة بلومبرغ إلى فريدريك بارناود المدير التجاري لشركة سكيورينغ أنيرجي فور يوروب الألمانية قوله “هناك دوما خطر على الإمدادات، وما يزال مرتبطا بروسيا. وانتهاء اتفاقية نقل الغاز مع أوكرانيا قد يغير ميزان القوى في السوق”.
وأضاف في مقابلة على هامش قمة فاينانشال تايمز العالمية للسلع في سويسرا مؤخرا “هناك أيضا احتمال فرض المزيد من العقوبات على روسيا، فما زلنا في حالة حرب”.
وأكد بارناود أن الغارات الروسية الأخيرة على صهاريج تخزين الغاز في غرب أوكرانيا توضح المخاطر على الإمدادات.
وعندما تنتهي صلاحية الاتفاق المبرم بين روسيا وأوكرانيا لنقل الغاز هذا العام، سيكون قرار البرلمان الأوروبي هذا الأسبوع محفزا لإثارة المخاوف من عدم وصول الإمدادات إلى أسواق أوروبا.
وصوّت البرلمان الأوروبي الخميس الماضي لصالح إقرار قواعد تسمح للحكومات الأوروبية بحظر واردات الغاز الروسي من خلال منع الشركات الروسية من حجز طاقة البنية التحتية للغاز.
وتجنب الأوروبيون فرض عقوبات على الغاز الروسي، الذي يعتمد عليه بعض الأعضاء بشكل كبير. وكحلٍّ بديل، تهدف السياسة الجديدة إلى إنشاء طريق قانوني للحكومات لمنع تلك الإمدادات، رغم أنه لم يشر أيّ مستورد رئيسي إلى أنه سيستخدمه.
وتسمح القواعد الجديدة لسوق الغاز في الاتحاد للحكومات بمنع مصدري الغاز من روسيا وروسيا البيضاء مؤقتا من تقديم عطاءات للحصول على القدرة على البنية التحتية اللازمة لتوصيل الإمدادات عبر الأنابيب.
وقلصت موسكو ضخ الغاز عبر الأنابيب بعد فبراير 2022، مما أدى إلى تقليص الطريق الرئيسي لإمداداتها للوصول إلى أوروبا.
لكن مع ذلك تواصل الإمدادات الروسية التدفق، ومعظمها عبر موانئ في إسبانيا وبلجيكا وفرنسا. كما أن معظم مواقع التخزين ممتلئة، والبنية التحتية لاستيراد الغاز المسال أصبحت جاهزة.
القواعد الأوروبية الجديدة تمنع مصدري روسيا وروسيا البيضاء مؤقتا من تقديم عطاءات لضخ الإمدادات عبر الأنابيب
وزادت الشحنات العام الماضي إلى 22 مليار متر مكعب، ارتفاعا من 16 مليار متر مكعب في 2021، وفقا لتحليل الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، كان الطقس معتدلا في فصلي الشتاء الماضيين، وما تزال السوق عرضة لتقلب شديد ورد فعل قوي على اضطراب الإمدادات.
ويعني الاعتماد على إمدادات الغاز المسال العالمية أن التوقف في منشآت الإنتاج الواقعة على بعد آلاف الكيلومترات قد يؤثر أيضا على أسعار الغاز في أوروبا.
ولم تؤكد دول الاتحاد أنها ستستخدم الخيار القانوني الجديد، لكن متحدث باسم وزارة الطاقة الإسبانية، لم تذكر رويترز هويته، قال إن بلاده “تؤيد الموقف المشترك للاتحاد بشأن حظر الغاز الروسي”.
وأوضح أنه إذا فعلت إسبانيا ذلك بمفردها، فيمكن للشركات الروسية ببساطة إرسال وقودها إلى موانئ أخرى في الاتحاد الأوروبي.
وأكدت وزارة الطاقة البلجيكية أن الحكومة تقوم بتحليل القانون وشروطه، والتي تشمل أن تقييد واردات الغاز الروسي لا يمكن أن يعطل تدفقات بين دول الاتحاد الأوروبي. وتعيد بلجيكا تصدير جزء كبير من الغاز الروسي الذي تتلقاه إلى دول أخرى.
ويتعين على أغلبية معززة من دول الاتحاد الموافقة على هذه السياسة قبل أن تدخل حيز التنفيذ، وهي خطوة من المتوقع أن يتم تمرير القانون فيها دون تغييرات.
وقال ماركو سالفرانك مدير تجارة السلع في أوروبا بشركة أكسبو سوليوشنز السويسرية “ما تزال هناك علامات استفهام كبيرة حول الشتاء المقبل”. وأضاف “الكثير قد يحدث، وبالتأكيد قد يغير ذلك الوضع نسبياً في أوروبا بسرعة”.
وفرض الأوروبيون عقوبات على واردات النفط والفحم الروسية المنقولة بحرا، وتحتاج العقوبات إلى موافقة بالإجماع من دول الاتحاد. وتعهدت المجر بعرقلة الحظر على واردات الغاز الروسي.