تشديد الحكم بحق صحافي تونسي يعيد الجدل حول المصادر

النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين تعتبر أن الحكم هو الأعلى في تاريخ الصحافة التونسية.
الأربعاء 2023/05/17
5 سنوات للقاسمي

تونس - شددت محكمة استئناف تونسية الحكم بالسجن من سنة إلى خمس سنوات في حق صحافي يعمل في محطة إذاعية خاصة نشر معلومات أمنية، على ما أفاد محاميه الثلاثاء.

وحوكم خليفة القاسمي وهو مراسل لإذاعة "موزاييك أف أم" الخاصة الأكثر متابعة في تونس بتهمة “إفشاء عمدا إحدى المعلومات المتعلقة بعمليات الاعتراض أو الاختراق أو المراقبة السمعية البصرية أو المعطيات” على ما أفاد المحامي رحالي الجلالي.

وحُكم على القاسمي في البداية بالسجن لمدة عام واحد في نوفمبر 2022 واستأنف الحكم وهو حاليًا مُفرج عنه بكفالة، وفقًا لمحاميه.

وقالت أميرة محمد نائبة نقيب الصحافيين التونسيين إن “هذا هو أقسى حكم تصدره المحاكم التونسية بحق صحافي”. وتابعت “إنه انجراف خطير للسلطة واعتداء صارخ على حرية الصحافة”.

كما حُكم في القضية ذاتها على شرطي أدين بتقديم معلومات للصحافي، بالسجن 10 سنوات في الاستئناف. وكان قد حُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات أمام محكمة البداية.

واعتقل القاسمي وسجن مدة أسبوع في مارس 2022 بعد أن نشر موقع راديو “موزاييك أف أم” معلومات تتعلق بتفكيك “خلية إرهابية” واعتقال أفرادها.

وشددت الأحكام الصادرة بحق الشرطي والصحافي بموجب قانون مكافحة الإرهاب.

القاسمي اعتقل وسجن مدة أسبوع في مارس 2022 بعد أن نشر موقع راديو “موزاييك أف أم" معلومات تتعلق بتفكيك "خلية إرهابية" واعتقال أفرادها

واعتبرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين أنّ هذا الحكم “هو الأعلى في تاريخ الصحافة التونسية” ولم يُعرف له مثيل حتى في كل الأنظمة التونسية.

وأضافت النقابة أن الحكم على خليفة القاسمي طبق قانون مكافحة الإرهاب تجاوز فج للسلطة في توجه استهدافي صريح يؤكد التوجه القمعي لسلطة تخرق الإجراءات والشكليات وحق الدفاع والتنكيل بالصحافيين.

وتعتبر قضية عدم الكشف عن المصادر الصحافية من القضايا الشائكة في العمل الإعلامي والصحافي في الإعلام العالمي والعربي كافة، وتونس ليست استثناء، ومن حين إلى آخر تطفو على السطح، ولاسيما حينما يتعلق الأمر بمصائر أرواح بشرية.

والمبدأ العام في الصحافة على عكس ما هو شائع في المجتمع الصحافي التونسي هو شفافية المصادر.

وجاء القانون التونسي منسجما مع بنود العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وبقية المواثيق الدولية ذات العلاقة المصادق عليها وقد تضمن المرسوم عدد 115 لسنة 2011 المؤرّخ في الثاني من نوفمبر 2011 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر في فصله 11 تدابير تقدمية تؤدي حتما إلى إحداث تطور كبير في حرية الإعلام في تونس.

إذ نص الفصل 11 من المرسوم المذكور أن تكون مصادر الصحافي عند قيامه بمهامه ومصادر كل الأشخاص الذين يساهمون في إعداد المادة الإعلامية محمية، ولا يمكن الاعتداء على سرية هذه المصادر سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة إلا إذا كان ذلك مبرّرا بدافع ملحّ من دوافع أمن الدولة أو الدفاع الوطني وخاضعا لرقابة القضاء. ويجادل خبراء أمنيون بالقول “الحال مع الصحافي خليفة القاسمي مختلف إذ يتعلق الأمر بمعلومات عن خلية إرهابية”.

ويعتقد مراقبون أن “مفهوم حماية حق الصحافيين في الاحتفاظ بأسرار مصادرهم ليس مطلقا لا تحده حدود“.

واعتبر الصحافي في التلفزيون التونسي فطين بن حفصية “إن التعاطي الإعلامي مع الأحداث الإرهابية بطرح قانوني زجري فقط (قانون الإرهاب) يضعنا رأسا في برك قانونية وأخلاقية راكدة لا خروج منها يكون فيها الصحافي الحلقة الأضعف”.

5