تشدد الفرقاء اليمنيين يعاكس المزاج الإقليمي الميال إلى السلام

ردود فعل الفرقاء اليمنيين على مبادرة المبعوث الأممي إلى اليمن انعكاس للفجوة العميقة في الرؤى التي لم تتمكن الضغوط الدولية من ردمها، وتعبير صارخ من الطرفين عن أن وقت السلام لم يحن بعد.
الجمعة 2016/06/24
كما لو أن الحرب قدر الأجيال اليمنية المتعاقبة

صنعاء - أصبح الصراع على موقع الرئاسة صريحا وواضحا بين فرقاء الساحة اليمنية، ما يضع هؤلاء الفرقاء في دائرة الاتهام من قبل شرائح واسعة من اليمنيين بـ”الأنانية” وبتقديم الصراع على السلطة، على جهود تحقيق السلام والذي أصبح مطلبا ملحّا في بلد يواجه أوضاعا أمنية واجتماعية صعبة وتداهمه المجاعة وتتربص به الأوبئة.

ويأتي تمسّك ممثلي الحكومة اليمنية والمتمرّدين الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح في مفاوضات الكويت كلّ باشتراطاته ومطالبه، مضادّا لمزاج إقليمي ودولي يميل إلى إيجاد مخرج سلمي للأزمة اليمنية وتجنيب الشعب اليمني المزيد من ويلات الحرب.

ورغم أن التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية، بقيادة المملكة العربية السعودية، وصل إلى مرحلة إحداث التفوّق الميداني الساحق على قوات الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح، إلاّ أن الدول الفاعلة في التحالف أبدت وقوفها إلى جانب خيار السلام، وكانت قوّة الدفع الرئيسية لإطلاق مفاوضات سياسية في الكويت برعاية أممية.

كما أنّ جهود تلك الدول كانت وراء صمود المفاوضات طيلة شهرين رغم التباعد الشديد في وجهات النظر بين ممثلي الحكومة وممثلي المتمرّدين، وأيضا رغم الخروقات الكثيرة للهدنة المعلنة منذ العاشر من أبريل الماضي، والتي تعزى أساسا إلى محاولة قوات الحوثي وعلي عبدالله صالح تحسين وضعها الميداني لتقوية موقفها في المفاوضات.

ويرى يمنيون منحازون لخيار السلام، أن الفرقاء السياسيين يغلّفون مواقفهم من الصراع بقضايا ومطالب عامّة، لكن المطلب الجوهري لهم هو الحفاظ على السلطة والخوف على استحواذ الطرف المقابل عليها.

ورفض وزير الخارجية اليمني، رئيس الوفد الحكومي في مشاورات الكويت، عبدالملك المخلافي، بشدة مطلب الحوثيين بمناقشة قضية مؤسسة الرئاسة، مؤكدا أنه “ليس محل نقاش”.

وقال في سلسلة تغريدات على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر” إن “الالتزام بالقرار الأممي 2216 هو الخيار الوحيد أمام الميليشيا إذا أرادت السلام”.

وعلى الطرف المقابل ينظر المتمرّدون الحوثيون وحليفهم علي عبدالله صالح إلى موقع رئاسة الجمهورية على أنه الغنيمة الكبرى التي لا يجب التفريط فيها باعتبارها الضمانة للحفاظ على دور فاعل في المشهد اليمني.

وكان وفد المتمردين إلى مفاوضات الكويت قد أكّد تعليقا على إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد نيته طرح خريطة طريق لحل الأزمة اليمنية، تمسكه “بالقضايا الجوهرية المراد حلّها بمشاورات الكويت، وفي مقدمتها مؤسسة الرئاسة”، معتبرا أن هذه المسألة تشكل “محورا رئيسيا في المشاورات ترتبط بها بقية القضايا المطروحة”.

واعتبر مراقبون أن ردود فعل الفرقاء اليمنيين على مباردة ولد الشيخ انعكاس للفجوة العميقة في الرؤى التي لم تتمكن الضغوط الدولية من ردمها، وتعبير صارخ من الطرفين عن أن وقت السلام لم يحن بعد وأنه مازالت هناك رهانات مغايرة مثل إمكانية الحسم العسكري من قبل الجيش التابع للحكومة الشرعية ومساحات للمراوغة وفرض سياسة الأمر الواقع على الأرض كما هو الحال لدى المتمردين. وقالت مصادر سياسية مطلعة على كواليس مشاورات السلام اليمنية التي ترعاها الأمم المتحدة إن جهود الأطراف اليمنية مازالت منصبة على إقناع المجتمع الدولي بوجهة نظرها وليس إحداث أي اختراق في مسارات الحوار المفضي إلى السلام.

وعن خلفيات الفشل المبكر لخارطة الطريق التي يعمل على إنجازها ولد الشيخ، لفت المحلل السياسي اليمني عبدالله إسماعيل في تصريح لـ”العرب” إلى أنّ ما قدمه المبعوث الأممي لم يكن رؤية مكتملة بقدر ما هو رسائل اختبار للأطراف اليمنية بغية الحصول على ردود أفعال ستؤسس لرؤيته القادمة. وقال إسماعيل إن رؤية المبعوث الأممي تتكئ في جوهرها على الكثير من التفاؤل ولكنها تتغافل عن الكثير من الحقائق على الأرض من بينها استحالة تنازل الحكومة الشرعية عن رؤيتها للحل المتمثلة في القرار الأممي 2216، وفي المقابل عدم جاهزية الانقلابيين لتقديم تنازلات، خاصة أن جماعة الحوثي جماعة أيديولوجية من الصعب أن تعلن الاستسلام، فضلا عن أن قراراتها بيد راعيتها إيران التي تستخدمها كورقة في صراعها الإقليمي.

وأشار عبدالله إسماعيل إلى أن مجيء المتمرّدين إلى الكويت لم يكن للبحث عن حل سياسي وإنما للاستفادة من الهدنة والمشاورات لإحداث اختراق عسكري وهو ما حدث بالفعل وما قد يجعل عودة الخيار العسكري قريبة جدا.

وكانت ميليشيات الحوثيين قد خرقت الهدنة في مختلف الجبهات في محاولة لتحقيق تقدم على الأرض يعزز من موقفها التفاوضي ويخفف من الضغط الذي قد تتعرض له من قبل الدول الراعية لمشاورات السلام اليمنية في الكويت.

وقد تمكنت ميليشيات الحوثي وقوات صالح من السيطرة على بعض الجبال في منطقة قباط التي تطل على قاعدة العند العسكرية الاستراتيجية قبل أن يتمكن الجيش الوطني بغطاء من طائرات التحالف العربي من إجبارها على التراجع.

3