تشاؤم يسود الأردن بشأن مخرجات التحديث السياسي

عمان - يسود تشاؤم في الأردن من تراجع حرية التعبير والاحتجاج بعد أن أقدمت السلطات في المملكة على اعتقال عدد من الطلبة المحتجين على اتفاق النوايا الذي وقعته عمّان مع تل أبيب بشأن مبادلة الطاقة بالمياه، ما يشوش على المناخ السياسي العام وأشغال مجلس النواب المنهمك في مناقشة توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
وقال نقيب المحامين الأردنيين مازن أرشيدات إن توقيف الشبان على خلفية إعلان النوايا تعسّف وإساءة في استعمال السلطة.
وبيّنَ أن ملف الحريات العامة في تراجع مستمر منذ سنوات، وأن تقييم الأردن في مؤشر الحريات قد يصل إلى (- 10) العام المقبل، في إشارة منه إلى تردي أوضاع الحريات.
ودعا رئيس الحكومة لاتخاذ قرار فوري بالإفراج عن كل الموقوفين على خلفية احتجاجات “إعلان النوايا” دون شروط وكفالات.
وشدد على أن الإجراءات التي تمارس على الأرض، تعني أن الدولة الأردنية بمؤسساتها لا تريد إصلاحا سياسيا وحريات عامة، مضيفا “كيف سنقنع المواطن بالمشاركة السياسية والانضمام للأحزاب”.
وتأتي تحذيرات نقيب المحاميين، في وقت انطلق البرلمان الأردني في دورته التاسعة عشرة في مناقشة توصيات اللجنة الملكية للتحديث السياسي والتي ستمهد عند إقرارها لحكومات برلمانية وقانوني أحزاب وانتخاب جديدين.
ويتوجس الأردنيون من أن يكون مصير توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية كمصير مخرجات من سبقها من لجان إصلاح سياسي والتي وضعت أعمالها على الرفوف ولم تطبق إلى حد اليوم.

ويريد الأردنيون المزيد من الحريات السياسية وحرية التنظم والاحتجاج والتعبير عن الرأي والتي تقيّدها في الوقت الحالي ترسانة قوانين وأوامر حكومية.
ومددت الحكومة الأردنية مؤخرا العمل بقانون الدفاع المثير للجدل والذي يمنح الحكومة سلطات واسعة يقول معارضوها إنها توظف في قمع الاحتجاجات ومصادرة حرية الرأي والتعبير.
ويؤكد مراقبون أن الساحة السياسية الأردنية ستشهد صخبا أكبر خلال الأشهر القادمة على أمل أن تتمكن من تحفيز الأردنيين على الانضمام للأحزاب وتغيّر معدلات وصول النواب إلى قبة البرلمان في الانتخابات القادمة.
ورغم أن عددا من الأحزاب والشخصيات السياسية بدأت تستكشف معالم التغيير السياسي في البلاد وتحضر لمواكبتها، تنقد قوى أخرى مشاريع القوانين التي تقدمت بها لجنة التحديث السياسي.
ومنحت لجنة التحديث السياسي على سبيل المثال الأحزاب حصة كبيرة في البرلمان يقول منتقدون إنها لا تعادل وزنها الحقيقي، بينما استهدفت المكون العشائري القوي اجتماعيا في المملكة.
وتنذر هذه الأجواء بابتداء معركة قوية داخل المنظومة السياسية، حيث يتوقع مراقبون أن يبرز مجددا مصطلح “قوى الشد العكسي” التي تتمثل في العرف السياسي الأردني التيار المحافظ الذي يسعى للحفاظ على الوضع الراهن، ويكرس الواقع شبه الريعي للدولة، والذي يساعد هذه القوى على احتكار السلطة والمال.
ويرى هؤلاء أن هذه القوى ستسعى لإعاقة الدورة الدستورية لهذه المخرجات، وتوظف حالة اليأس العام والعزوف الشعبي لإضعاف الحالة السياسية بشكل متزايد ووضع العصي في دواليب الإصلاح والتغيير.