تسويق منتجات القنب الهندي يضفي زخما على الأعمال في المغرب

يترقب المتابعون انتعاش مناطق إنتاج القنب الهندي في المغرب مع الشروع في تسويق منتجاته وزيادة المساحات المزروعة، حيث تراهن عليه الحكومة لتحويل الأقاليم الشمالية من حجر عثرة أمام التنمية إلى فرصة لتعزيز الاستثمارات وتوليد الوظائف.
الرباط - بدأ المغرب هذا الشهر في بيع المنتجات المعتمدة على القنب في الصيدليات والتي تشمل مستحضرات التجميل، والمكملات الغذائية مثل ألواح الشوكولاتة والحلوى بموجب لوائح صارمة.
وهذه أول خطوة لتسويق تلك المنتجات بعدما أعلنت الحكومة قبل عامين “خطة عمل” لاستغلال هذه المادة المحضورة طبيا وصناعيا، وبدأ في يوليو من 2022 سريان قانون لتقنين استعمالاته.
وشرعت الصيدليات ببيع 9 مكملات غذائية و10 مستحضرات تجميل بعد مرحلة منح الرخص في أوقات سابقة للمزارعين والشركات والمختبرات.
وترى الحكومة أن تطوير الزراعات المشروعة للقنب الهندي كفيل بتحسين دخل المزارعين وحمايتهم من شبكات التهريب الدولي للمخدرات وجلب الاستثمارات العالمية، بهدف الاستفادة من مداخيل السوق الدولية لهذه النبتة.
ولدى المسؤولين قناعة بإمكانية تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمناطق المعنية بهذه النبتة داخليا، مع الاستفادة من ارتفاع معاملات تقنين القنب طبيا وصناعيا، خارجيا.
ويتم إخضاع عمليات الزراعة والحصاد والتسويق والتصدير لمراقبة صارمة، وتم جني أول محصول قانوني العام الماضي بنحو 296 طنا.
وزادت السلطات من مساحات الأراضي المسموح فيها بزراعة القنب الهندي هذا العام ثمانية أضعاف ما كانت عليه في عام 2023 لتبلغ 2552 هكتارا مقارنة مع 286 هكتارا.
ولكن في ظل هذا التوجه الجديد يحذر رافضون لتقنين زراعة القنب الهندي، من تأثيره على زيادة مساحات زراعة المخدرات، وتفاقم ظاهرة الاتجار فيها داخل السوق المحلية.
وتقول كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب إن الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي احتضنت في مقرها قبل هذا القرار اجتماعا حاسما بحضور ممثلين عن الوكالة ومديرية الأدوية والصيدلة التابعة لوزارة الصحة وممثلين للصيادلة.
وأوضحت “في البداية، ستكون المنتجات متاحة حصريا في الصيدليات، وبعد ذلك يمكن للمصنعين فتح نقاط بيع خاصة بهم، بشرط تلبية المعايير القانونية المطلوبة والحصول على التراخيص”.
وأكد رئيس المجلس الوطني لنقابة الصيادلة حمزة قديرة أن هذا التوزيع الخاضع للرقابة سيحمي المجتمع وخاصة الشباب من سوء الاستخدام.
ويدعم العديد من الصيادلة وقادة الصناعة في البلاد هذا الاتجاه الجديد، ويعتقدون أن من المهم تنظيم محتوى رباعي هيدروكانابينول (تي.أتش.سي) في هذه المنتجات.
وقال الصيدلاني محمد سلامي لوكالة الأناضول إن “وكالة لتقنين أنشطة القنب الهندي، أجرت مشاورات مع فيدرالية صناعة الأدوية من أجل تطوير منتجات من هذه المادة في المغرب”.
وأوضح سلامي، وهو نائب رئيس كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، أن مجموعة من النقابات والصيادلة لم تشملهم المشاورات.
2552
هكتارا مساحة الأراضي المخصصة للإنتاج في 2024 من 286 هكتارا في 2023
ولفت إلى أن “بعض المختبرات والشركات تقوم بتسويق المنتجات المستخلصة من القنب، منها المكملات الغذائية ومواد التجميل”.
وتعنى وكالة تقنين أنشطة القنب الهندي بمهمة تنفيذ إستراتيجية الدولة في مجال زراعة القنب الهندي، وإنتاجه وتصنيعه وتحويله وتسويقه وتصديره واستيراد منتجاته لأغراض طبية وصيدلية وصناعية.
وأوضح سلامي أن تركيبة القنب الهندي تضم مجموعة من المكونات، مثل مادة الكانابيديول المعروفة بسي.بي.دي، التي تدخل في تركيبات المكملات الغذائية ومواد التجميل.
وأضاف “هي مادة لا تسبب الإدمان وليس لها تأثير على الجانب النفسي وعلى الدماغ، مما يسمح لها بأن تكون ضمن هذه المواد التي سيتم تسويقها”.
وأشار إلى أن البلدان الأخرى، مثل بلجيكا تستخلص مواد أخرى يتم استعمالها في الأدوية ومستمدة من القنب الهندي.
وأوضح أن تسويق المكملات الغذائية ومواد التجميل، سيكون على مستوى الصيدليات من أجل تفادي الاستعمال غير الصحيح وغير القانوني، وما يخالف استعمالها.
وفي أبريل الماضي أشارت وكالة تقنين أنشطة القنب الهندي إلى أن 42 منتجا أُنتجت انطلاقا من قانون سنة 2023، وتم وضعها للتسجيل لدى مديرية الأدوية والصيدلة التابعة لوزارة الصحة. ويتعلق الأمر بنحو 11 منتجا تجميليا وللنظافة الجسدية و31 منتجا مكملا غذائيا.
عائدات السوق العالمية للقنب الطبي بلغت نحو 16.5 مليار دولار في 2019، فيما تشير التوقعات إلى أن هذا الرقم سيصل إلى نحو 44.4 مليار دولار بحلول 2024
وأوضحت الوكالة أن وزارة الصحة سلمت 7 رخص تسجيل، اثنتان تتعلقان بمكملات غذائية، و5 تتعلق بمنتجات للتجميل وللنظافة الجسدية، علما أن المنتجات الأخرى الموجودة قيد الدراسة بمديرية الأدوية والصيدلة ستستفيد قريبا من رخص التسجيل.
وقبل انطلاق التسويق، انخرطت البلاد في عملية التشريع والتدريب وملامسة احتياجات السوق. وفي يناير الماضي أعلنت اعتزامها على إنشاء أول منطقة اقتصادية لتحويل القنب الهندي إلى استعمالات طبية وصناعية، بمدينة إساكن شمال البلاد على مساحة 10 هكتارات.
ومهمة المنطقة، تحويل نبات القنب الهندي من أجل استخلاص منتجات ذات أغراض طبية وتجميلية وصناعية، وتم تخصيص 45 مليون درهم (4.5 مليون دولار) لإحداث هذه المنطقة.
وخلال مايو 2023 انطلق أول موسم لزراعة القنب الهندي عقب “خطة عمل” تم الإعلان عنها قبل سنة لاستغلال هذه العشبة المخدرة طبيا وصناعيا.
وذكرت وكالة تقنين أنشطة القنب الهندي في أبريل الماضي أنها منحت 2905 تراخيص زراعية، من أصل 2942 طلبا تمت دراسته سنة 2024، مقابل 609 تراخيص سنة 2023.
ويراهن المغرب على دخول سوق القنب الهندي على المستوى الدولي بعد تقييم تجربة تجارة منتجاته في السوق المحلية، بينما يؤكد خبراء أن الاستثمار في تطوير سوق محلية للقنب الطبي والصناعي يأتي بسبب عائداته المادية وفوائده الطبية.
وتظهر الأرقام الرسمية أن عائدات السوق العالمية للقنب الطبي بلغت نحو 16.5 مليار دولار في العام 2019، فيما تشير التوقعات إلى أن هذا الرقم سيصل إلى نحو 44.4 مليار دولار بحلول 2024.
وأشار المدير العام لوكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال منير البيوسفي، إلى أن الأرقام المتوفرة حاليا تفيد بأن سوق المنتجات المصنعة من القنب الهندي على الصعيد الدولي تعرف نموا بنحو 30 في المئة، بينما يرتفع الرقم إلى 60 في المئة في السوق الأوروبية.
وذكر في تصريحات سابقة أن “بحكم الجوار، يسمح هذا القرب للمغرب بالانفتاح على مجال اقتصادي واعد، وضمان موطئ قدم في السوق الدولية”.
واعتبر أن تقنين زراعة القنب الهندي “سيمكن من تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمناطق المعنية، فضلا عن رفع المستوى الاجتماعي للفئات المعنية بهذه الزراعة”.