تسهيلات جمركية مصرية لجذب الاستثمار وزيادة الإنتاج

أمعنت السلطات المصرية في منح المزيد من الحوافز المغرية للمستثمرين لحثهم على ضخ أموال جديدة في الاقتصاد، وقررت تشجيعهم عبر إقرار خطة تشمل تقليص زمن الإفراج الجمركي للبضائع إلى أقصى حد ممكن لتيسير عمليات التصدير والاستيراد.
القاهرة - تواصل الحكومة المصرية حفز الهمم الاستثمارية من خلال قرارات تشجع على جذب الأجانب وزيادة الإنتاج محليا، وتعظيم كفاءة التجارة الداخلية والخارجية.
ووافق مجلس الوزراء أخيرا على خفض زمن الإفراج الجمركي إلى يومين فقط مع عمل الخدمات الجمركية في العطلات الرسمية، ويوم الجمعة، وإتاحة سداد الرسوم طوال الوقت من دون تقييد بعدد ساعات العمل في البنوك.
وتتضمن التغييرات الجديدة، السماح للشركات للمرة الأولى بتقسيط الضريبة الجمركية على واردات المواد الخام، من أجل تشجيع الصناعة وزيادة الإنتاج وتوفير سيولة لدى المصنعين.
ويتوقف نجاح خطة تقليص فترة التخليص من ثمانية أيام إلى يومين على التنفيذ الفعلي، ومدى قدرة الحكومة على التعامل مع التحديات المحتملة.
وكشفت مصادر مطلعة لـ“العرب” أن الخطوة سيكون لها تأثير على الإيرادات الجمركية، حيث تواجه الحكومة بعض التحديات على المدى القصير في تحصيل الإيرادات، مما يستدعي وضع إستراتيجيات بديلة لتعويض هذا الأثر.
ويحمل القرار أبعادا واسعة، حيث يسعى إلى تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز التجارة، ما يسهم في تحسين تنافسية الاقتصاد المصري على المستويين الإقليمي والدولي.
ويعدّ الإفراج الجمركي أحد العوامل الحاسمة في حركة التجارة الدولية، ويرتبط مباشرة بتكاليف النقل والتخزين، وسرعة دوران رأس المال، وقدرة الشركات على تلبية الطلب في الأسواق المحلية والدولية.
في المقابل، يؤدي تأخير التخليص الجمركي عن السلع إلى ارتفاع التكاليف التشغيلية، وهو ما ينعكس سلبا على أسعار المنتجات، وعلى تنافسية الاقتصاد المصري.
ويعدّ خفض زمن الإفراج الجمركي تطورا نوعيا يهدف إلى تحقيق عدة أهداف، منها تسهيل التجارة وتحسين تصنيف مصر في المؤشرات العالمية مثل سهولة ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي، خاصة أنه يرتبط بتحسين إجراءات التخليص بجاذبية الاستثمار الأجنبي.
ويلعب خفض تكاليف التخزين والنقل دورا حاسما في تقليل العبء على التجار والمصنعين، ويساعدهم في تسريع دورة الإنتاج وزيادة الكفاءة.
وتعزز الخطوة الحكومية تحفيز الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتسهم الإجراءات الجمركية السلسة في جذب المستثمرين الباحثين عن بيئة أعمال مرنة، كونها تحد من البيروقراطية والفساد الإداري. ومن أهم القرارات المصاحبة لتسريع التخليص الجمركي، السماح بتقسيط الضريبة الجمركية على واردات المواد الخام.
ويرى مستثمرون أن مثل هذا الإجراء خطوة إيجابية لدعم قطاع التصنيع لما له من تأثيرات مباشرة، مثل تحسين التدفقات النقدية للشركات، حيث يساعدها تقسيط الرسوم في تخفيف الضغط المالي، بما يمكّنها من إعادة توجيه رأس المال إلى عمليات الإنتاج والتطوير.
وقال أسامة حفيلة نائب رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين إن “القرار الجديد يعمل على زيادة الإنتاجية، ويؤدي إلى وفرة المواد الخام بشكل أسرع ومن ثم تحسين أداء المصانع وتعزيز الإنتاج المحلي.”
وأضاف في تصريح لـ“العرب” أن “الخطوة تدعم الصادرات المصرية من خلال خفض التكاليف التشغيلية للمصانع، ما يجعل المنتجات المصرية أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق الخارجية.”
وأشار حفيلة إلى أن القرار من العوامل التي تشجع الصناعات الصغيرة والمتوسطة أيضا، ويتيح هذا الإجراء للشركات الناشئة والصغيرة فرصة للاستفادة من تسهيلات الدفع، ما يدعم توسّعها ونموّها.
◙ خفض زمن الإفراج الجمركي من 8 أيام إلى يومين تطور يهدف إلى تسهيل التجارة وتحسين تصنيف مصر في المؤشرات العالمية
ومن شأن الخطوة الجديدة تحسين كفاءة الإمدادات، وضمان تسريع التشغيل وتحسين معدلات التصدير، مع تعزيز سمعة المنتجات المصرية عالميا.
وعادة ما يؤدي تقليص زمن الإفراج الجمركي إلى تحسين الثقة بالتجارة الخارجية، ويجعل الكثير من المستوردين الأجانب أكثر اطمئنانا عند التعامل مع الشركات المصرية.
وأكد أيمن رضا عضو مجلس إدارة جمعية مستثمري العاشر من رمضان أن قرار مجلس الوزراء يدعم المستثمرين من خلال خفض التكاليف اللوجيستية، ويجعل المنتجات المصرية أكثر تنافسية في الأسواق الدولية.
وأوضح لـ“العرب” أن توفير السلع بشكل أسرع في السوق المحلية جراء هذا القرار سيمنع حدوث نقص في المواد الأساسية أو المدخلات الصناعية.
وتابع “القرار يعمل كذلك على خفض تكاليف الاستيراد، نظرا إلى تقليل فترات التخزين في الموانئ والمستودعات، ما يسهم في استقرار الأسعار للمستهلك النهائي.”
وذكر رضا أن الخطوة من شأنها أيضا تشجيع المستثمرين الأجانب على التعامل مع السوق المصرية، حيث ستتمكن الشركات من إدخال بضائعها بسرعة وسهولة دون تعقيدات جمركية.
وإذا جرى تنفيذ هذه الإجراءات بفاعلية، من المتوقع أن تكون لها انعكاسات إيجابية ملحوظة على الاقتصاد المصري، مثل تحسين مناخ الاستثمار، وسوف تصبح مصر وجهة أكثر جذبا للمستثمرين، وزيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وكذلك تدعم رفع معدلات النمو الصناعي، حيث ستتاح للمصانع فرصة أكبر للابتكار والتوسع مع تقليل الأعباء المالية.
ومن الإيجابيات الأخرى، تحفيز قطاع النقل والخدمات اللوجيستية، حيث سيؤدي تقليل فترات الانتظار بالموانئ وتحسين إدارة المخزون إلى تطوير هذا القطاع وزيادة فرص العمل.
ولا يمكن إغفال التطور الإيجابي المرتقب أن يظهر على تحسين الميزان التجاري عبر زيادة الصادرات وتقليل الاعتماد على الاستيراد المكلف، وتعزيز القوة الشرائية للمستهلكين، وخفض أسعار بعض المنتجات نتيجة تقليل التكاليف اللوجيستية والجمركية.
ورغم فوائد هذه القرارات، إلا أنّ محللين يعتقدون أن ثمة تحديات قد تواجه التنفيذ الفعلي لقرار الحكومة، مثل ضمان كفاءة البنية التحتية الجمركية، وتتطلب سرعة الإفراج الجمركي أنظمة إلكترونية متطورة باستمرار، وقوة عاملة مدربة، وتحديثا مستمرا للإجراءات الجمركية.
ويرى هؤلاء أنه من العراقيل أيضا، الحاجة الملحة إلى الرقابة على التهرب الجمركي، حيث قد تُستغل تسهيلات التقسيط من قبل بعض الشركات للتهرب من دفع الرسوم الجمركية، مما يستلزم تعزيز نظم الرقابة والمتابعة.
ومنها أيضا توفير التمويل الحكومي لمساندة هذا التغيير، وتطبيق مثل هذه الإصلاحات قد يحتاج إلى استثمارات في تطوير الأنظمة الجمركية وتعزيز قدرات الموانئ وهي خطوة تعي الحكومة أهميتها.
وحال نجحت السلطات في التغلب على التحديات وتفعيل القرار بصورة صحيحة، فمن المتوقع أن تشهد البلاد ازدهارا كبيرا في قطاعي الصناعة والتجارة، مما سيسهم في تحسين الأداء الاقتصادي العام ودعم رؤية الدولة نحو النمو المستدام.