تسريع وتيرة تنويع الاقتصاد هدف عراقي طموح لمواجهة البطالة

الحكومة العراقية تسعى إلى خفض البطالة تدريجيا وتتبنى سياسات لدعم التنمية، وتعتمد منهجا يهدف إلى تعزيز النمو.
الأربعاء 2025/02/19
البطالة في العراق من بين الأعلى عربيا

بغداد - تسعى الحكومة العراقية إلى التركيز أكثر على تسريع وتيرة تنويع مصادر الدخل، ليس لتعزيز التنافسية بين القطاعات، وخاصة الصناعة والسياحة فحسب، وإنما أيضا من أجل مواجهة أزمة البطالة المزمنة.

وفي بلد تشكل فيه إيرادات النفط أكثر من 90 في المئة مع تعداد سكان يبلغ أكثر من 45 مليون نسمة تشكل البطالة صداعا للمسؤولين، وهي من بين الأعلى عربيا.

ويعاني العراق العضو في منظمة أوبك من مشكلة بطالة حادة منذ عقدين. وتشير بيانات وزارة التخطيط إلى أن النسبة انخفضت من 16.6 في المئة خلال العام 2022 إلى 14 في المئة بنهاية العام الماضي.

ومنذ سنوات يتعرض العراق إلى ضغوط لزيادة صادراته غير النفطية وتعزيز الإيرادات الحكومية، للحدّ من تعرض الاقتصاد لصدمات أسعار النفط، وفق توصيات جديدة لصندوق النقد الدولي.

وحذرت المؤسسات الدولية المانحة في مقدمتها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مرارا من أن انخفاضات أكبر في أسعار النفط، أو تمديد تخفيضات أوبك+ للإنتاج، قد يؤثران على حسابات العراق المالية والخارجية.

مظهر صالح: نهدف إلى نمو سنوي بالأنشطة غير النفطية إلى 5 في المئة
مظهر صالح: نهدف إلى نمو سنوي بالأنشطة غير النفطية إلى 5 في المئة

وأكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية مظهر محمد صالح في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء العراقية الرسمية الثلاثاء، أن الحكومة تسعى إلى خفض البطالة تدريجيا وتتبنى سياسات لدعم التنمية، وتعتمد منهجا يهدف إلى تعزيز النمو.

وأوضح صالح أن الحكومة حددت هدفين أساسيين في سياستها الاقتصادية، أولهما رفع معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى ما لا يقل عن 5 في المئة، وهو معدل يتجاوز ما ورد في خطة التنمية الوطنية 2024 – 2028.

أما الهدف الثاني فيتمثل في خفض معدلات البطالة تدريجيا، بحيث يتم فك قيودها عن المرتبتين العشريتين لتستقر مستقبلاً عند المرتبة العشرية الواحدة، وصولاً إلى المعدل الطبيعي البالغ 4 في المئة.

وتُظهر إحصائيات دولية وجود أكثر من ستة ملايين عراقي عاطلين عن العمل. ومع تدفق العمالة الأجنبية يتوقّع أن يتزايد العدد بشكل سريع مع ارتفاع الفاتورة المالية المترتّبة على ذلك.

وتقول لجنة العمل في البرلمان العراقي إن أكثر من 4 مليارات دولار تدفع سنويا للعمال الأجانب بالعملة الصعبة ويتم تسريبها إلى الخارج.

ويؤكد صالح أن تحقيق الأهداف المرجوة في تنويع مصادر الدخل ومكافحة البطالة يستلزمان التركيز على أولويات التنمية الاقتصادية، التي تمثل الصناعة التحويلية إحدى ركائزها الأساسية.

وتسهم الصناعات بمختلف مستوياتها في امتصاص 60 في المئة من البطالة، ما يؤدي إلى تنويع مصادر الدخل وزيادة الناتج المحلي الإجمالي بوتيرة متسارعة.

وتتبنّى الحكومة اليوم ثلاث سياسات رئيسية في هذا المجال، تتماشى مع المناخ التقني السائد، حيث يتمثل الاتجاه الأول في السير بمبادرات القروض الشبابية، التي استفاد منها العشرات من تجمعات الشباب لتحريك القوى العاملة المنتجة والعاطلة عن العمل.

4

في المئة معدل البطالة المستهدف، نزولا من 14 في المئة حاليا، وفق بيانات وزارة التخطيط

ويتمثل الاتجاه الثاني في تأسيس “بنك ريادة”، كمصرف خاص يحظى بدعم حكومي واسع ويهدف إلى منح القروض للمشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة.

أما الاتجاه الثالث فيستهدف تشكيل لجنة الضمانات السيادية، التي تسعى إلى دعم الصناعات المحلية الكبيرة، وخاصة في القطاع الخاص، من خلال قروض يتم تأمينها من البنوك في كبرى دول أوروبا الغربية واليابان وغيرهما.

وسيتم تأمين خطوط الائتمان تلك بضمانة سيادية من الدولة العراقية، لتمويل استيراد خطوط إنتاج صناعية متقدمة، حيث تتحمل الدولة 85 في المئة من تكاليف القرض.

ووفق صالح، تشمل أولويات التنمية الصناعية الحكومية خمسة مجالات رئيسية، تأتي في مقدمتها الصناعات المرتبطة بالبنية التحتية، لاسيما تلك المتعلقة بطريق التنمية وحركة الإعمار والتشييد والبناء.

كما تشمل الصناعات الدوائية والصناعات البتروكيميائية والمشتقات النفطية، بالإضافة إلى الصناعات الهندسية المتطورة التي تعتمد على أحدث التقنيات.

ولا يغفل البرنامج الحكومي توسيع قاعدة الاستثمار في قطاع النفط، ولاسيما في مجال تصنيع الغاز الطبيعي والمصاحب، الذي يشهد جهودا حثيثة للوصول إلى تصفير حرقه، بما يسهم في دعم قطاع صناعة الطاقة الكهربائية.

ويشير صالح إلى أن المدن الصناعية الجديدة التي يجري إنشاؤها على طريق التنمية ستشكل محورا أساسيا في إستراتيجية التنمية الصناعية الشاملة في العراق، ضمن إطار البرنامج الحكومي.

وطريق التنمية مشروع إستراتيجي عبارة عن طريق بري وخط لسكك الحديد يمتد من العراق إلى تركيا وموانئها، يبلغ طوله 1200 كيلومتر، ويهدف إلى نقل البضائع بين أوروبا ودول الخليج.

وشدد صالح على أن النهضة الصناعية الجديدة في بلاده “تعتمد على رؤية إستراتيجية تقوم على الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، وفق فلسفة اقتصادية تهدف إلى بناء السوق الاجتماعي.”

11