تسريب الامتحان خاتمة منطقية لسنة دراسية كويتية مضطربة

قطاع التعليم يحتاج إلى عملية إصلاح جذرية ترتقي إلى مرتبة إعادة الصياغة والتطهير الشامل.
الأربعاء 2024/06/05
اختبار الطلبة تحول إلى امتحان عسير للدولة

الكويت- جاءت ظاهرة الغش في الامتحانات التي شكا منها أولياء التلاميذ والكوادر التدريسية في الكويت، بمثابة خاتمة منطقية لسنة دراسية مضطربة شهدت العديد من المصاعب والهزات الناتجة عن سوء تسيير مزمن وعن فساد وجد طريقه إلى العملية التعليمية على غرار العديد من المجالات في البلد الذي يتطلّع إلى إطلاق عملية إصلاح شاملة برعاية القيادة السياسية الجديدة، وبمتابعة واهتمام من أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد شخصيا.

ولجأت وزارة التربية الكويتية إلى اتّخاذ إجراء غير مسبوق تمثّل في سحب اختبار مادة التربية الإسلامية وإلغائه بعد أن تم توزيعه على لجان الاختبارات ووصوله إلى أيدي الطلبة في بعض اللجان، وذلك بعد اكتشاف حدوث تسريب للاختبار.

وأخذت عملية التسريب صدى استثنائيا بفعل صرامة الوزارة في التعاطي معها ومحاسبة المسؤولين عنها، لكنّ أوساطا كويتية منتقدة للعملية التعليمية في الكويت اعتبرت ما حدث امتدادا لعمليات غش كثيرة ومتعدّدة الأشكال تطال التعليم في مختلف مستوياته وصولا إلى مخرجاته ونتائجه النهائية.

وذكّرت تلك الأوساط بمعضلة تزوير الشهادات العلمية التي تحاول السلطات مواجهتها وتلاقي صعوبات في اجتثاثها.

وأُعلن مطلع شهر مارس الماضي عن تدشين حملة واسعة النطاق لتطهير قطاع التربية من حَمَلة الشهادات المزوّرة. لكنّ ما يقرب من أربعين ألف موظّف في جميع قطاعات الوزارة وإداراتها تخلّفوا عن تقديم مؤهلاتهم الدراسية للتدقيق وفقا لقرار ديوان الخدمة المدنية، بينما تمّ تسجيل تزايد مفاجئ في أعداد المستقيلين من وظائفهم في وزارة التربية للتهرب من التدقيق والمحاسبة.

كما ذكّرت الأوساط ذاتها بالاضطرابات التي شهدتها السنة الدراسية الحالية وقالت إنّ نهاية السنة جاءت مطابقة لبدايتها.

وكان سوء توزيع الكادر التدريسي على مدارس البلاد قد تسبب بتأخر استئناف الدروس في عدد من المدارس، بينما انطلقت السنة الجامعية بأزمة منع الاختلاط بين الجنسين داخل قاعات الدرس ما أثار احتجاجات الطلاب على القرار الذي دفعت باتجاهه قوى إسلامية ساعية لفرض أيديولوجيتها على العملية التعليمية في الكويت.

ولا يعزل مهتمون بشؤون التعليم في الكويت عثرات القطاع وضعف مخرجاته عن الفساد الذي تسرّب إلى العديد من مؤسسات الدولة، وذلك بالاستناد إلى عدم ملاءمة أوضاع القطاع ونتائجه بالإنفاق الضخم المخصص له من قبل الدولة حيث تصل ميزانية وزارة التربية إلى 7.12 مليار دولار.

◄ مطالبات بفتح ورشة الإصلاح الجذري للعملية التعليمية في الكويت كجزء من الإصلاح الشامل الذي مهدت له قرارات الأمير

وتحدّث الإعلام المحلّي عن “حالة استنفار” في الوزارة إثر اكتشاف تسريب اختبار مادّة التربية الإسلامية. وقالت صحيفة الرأي إنّ وزير التربية والتعليم العالي والبحث العلمي عادل العدواني ألغى سفره إلى دولة قطر حيث كان مقررا أن يحضر اجتماع مكتب التربية العربي لوزراء التربية ووزراء التعليم العالي لدول مجلس التعاون الخليجي، وتوجه إلى الوزارة ومن ثم إلى المطبعة السرية وعقد اجتماعا مع المسؤولين وقرر إعفاء ووقف جميع أعضاء المطبعة عن العمل والبالغ عددهم خمسة وعشرين فردا وإحالتهم إلى التحقيق، مع تقليص العدد وتكليف أعضاء جدد.

كما كلف الوزير المصالح الفنية المختصة بإعداد نماذج جديدة، وفي سرية تامة، لجميع الامتحانات المتبقية المقبلة للقسمين العلمي والأدبي، ووقف جميع النماذج الحالية سواء الأساسية أو البديلة، وسحبها من المطبعة السرية وطباعة النماذج المستحدثة مع تغيير آلية العمل بها، إضافة إلى التواصل مباشرة مع وزارة الداخلية والتنسيق معها لضبط كل المتورطين في تسريب الامتحانات.

وتعقيبا على حادثة التسريب، دعت جمعية المعلمين إلى ضرورة أن تُبادر وزارة التربية باتخاذ الإجراءات اللاّزمة والصارمة، بشأن القضية. وأعربت عن أسفها البالغ “لحدوث هذه الظاهرة والقضية المؤسفة والتي تُشكّل تحديا أمام وزير التربية لما لها من انعكاسات سلبية واسعة تضع الوزارة على المحك، ومحل تشكيك في قدراتها ومصداقيتها، إلى جانب ما تمثله من مساس مؤسف بالثقة والأمانة التي يتحلى بها العاملون في القطاع التربوي”.

وتقول جهات مهتمّة بالعملية التربوية والتعليمية في الكويت إنّ القطاع يحتاج إلى عملية إصلاح جذرية ترتقي إلى مرتبة إعادة الصياغة والتطهير الشامل.

وترى في التغييرات السياسية التي شهدتها البلاد مؤخّرا بفعل قرارات الأمير التي قضت بحلّ البرلمان وتعليق العمل بمواد في الدستور، فرصة لفتح “ورشة” إصلاح التعليم المؤجّلة منذ سنوات بسبب المماحكات السياسية حول الموضوع، والتي لطالما وقف وراءها أعضاء مجلس الأمّة الممثلون لتيارات مختلفة ومجموعات مصالح يريد كل منها فرض توجهاته ورؤاه على العملية التعليمية.

3