تسارع وتيرة سحب الجنسية في الكويت رغم المحاذير الحقوقية

سرعة حسم ملف الجنسيات وجه لانسيابية اتخاذ القرارات وتنفيذها التي أصبحت متاحة للحكومة بعد حل البرلمان.
الاثنين 2024/10/07
امتياز صعب المنال للمسحوبة جنسيتهم

الكويت - يتتالى في الكويت الإعلان عن قرارات سحب الجنسية من أشخاص تقول السلطات إنّهم من غير مستحقيها لمخالفتهم شروط الحصول عليها. ويظهر ذلك عزما من السلطات على غلق الملف المتلكئ منذ سنوات، وذلك على الرغم من المحاذير الحقوقية التي تثيرها بعض الدوائر حول الإجراء الذي يقول منتقدوه إنّه يمس بحق أساسي لبعض “المواطنين” ويلحق الضرر بهم وبأبنائهم ويعقّد حصولهم على خدمات أساسية من صحة وتعليم مجانيين وغيرهما من الامتيازات الكبيرة الممنوحة لحَمَلة الجنسية الكويتية.

وأصبحت السلاسة التي تتخذ بها قرارات سحب الجنسية نموذجا عن زوال الصعوبات التي كانت تواجهها الحكومة الكويتية في اتّخاذ الكثير من القرارات وتطبيقها، وخصوصا عندما يتعلّق الأمر بملفات إشكالية مثل ملف الجنسية.

ويرجع ذلك إلى غياب البرلمان الذي كان يمثّل منبرا لمعارضي الحكومات ومعرقلي قراراتها، قبل أن يتمّ حلّه في مايو الماضي من قبل أمير البلاد الذي بادر أيضا إلى تعليق محدّد بسقف زمني للعمل بمواد في الدستور. ويُستند في قرارات سحب الجنسيات في الكويت على مواد في قانون الجنسية الكويتي الصادر سنة 1959 تمنع ازدواج الجنسية للمواطنين الكويتيين، كما تمنع الحصول عل جنسية البلد بالغش والتزوير.

وشهد الملف دفعة قوية عندما صدرت في مارس الماضي أولى قرارات اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية بسحب الجنسية من أحد عشر شخصا توالت بعدها القرارات المماثلة ليصل عدد المسحوبة جنسياتهم حتى شهر سبتمبر الماضي إلى أكثر من 1300 شخص، وفقا لأرقام رسمية. وشملت قرارات جديدة بسحب الجنسية ثلاثة وستين شخصا، هم خمس وخمسون امرأة وثمانية رجال تقرّر سحب الجنسية منهم لأسباب متنوعة، وتلخّصت إجمالا في “ثبوت مخالفتهم لشروط الحصول على الجنسية الكويتية”.

◙ سلاسة سحب الجنسية تمثل نموذجا عن زوال الصعوبات التي كانت تواجهها الحكومة الكويتية في اتّخاذ الكثير من القرارات وتطبيقها

وتضمنت المراسيم الصادرة بتلك القرارات الإشارة إلى بنود قانونية تستند إلى الفقرة الرابعة من المادة 13 من المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959، المتعلق بالجنسية الكويتية، والتي تتيح سحب الجنسية “في حال كانت مصلحة الدولة العليا أو أمنها الخارجي يتطلبان ذلك”. وشمل ذلك ثلاثة وخمسين شخصا “اكتسبوا الجنسية بطريقة التبعية لأفراد آخرين”.

ونص المرسومان الثالث والرابع، بحسب وسائل إعلام محلية، على سحب الجنسية من رجلين وامرأة بالإضافة إلى من اكتسب الجنسية تبعا لهم، بناء على الفقرة الأولى من المادة 13، التي تتعلق بمنح الجنسية بناء على معلومات كاذبة أو بطريقة الغش.

وبالإضافة إلى ذلك، أصدر مجلس الوزراء قرارين بسحب الجنسية من ستة أشخاص هم خمسة رجال وامرأة واحدة بناء على المادة الحادية والعشرين مكرر “أ” من المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959، والتي تنص على سحب الجنسية إذا تبين أن الشهادة تم منحها بناء على غش أو أقوال كاذبة، مما يؤدي إلى سحب الجنسية من أي شخص اكتسبها بطريق التبعية عن الحاصل الأصلي على الشهادة.

وانتقت دوائر حقوقية عمليات سحب الجنسية وقالت إنّها “تتم بشكل تعسفي ودون سابق إنذار، ما قد يحرم الأفراد المتضررين من الطعن على هذه القرارات أمام المحكمة”. وحذرت من أن الذين تشملهم القرارات يصبحون في حكم عديمي الجنسية و”يواجهون فقدان القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، وقد يتم ترحيلهم أو احتجازهم”. ووصفت القرارات بـ”الخطيرة لأنها يمكن أن تؤثر على أسر بأكملها بما في ذلك أفراد الأسرة الذين حصلوا على الجنسية كمُعالين”.

لكن وزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد اليوسف دافع عن سلامة قرارات سحب الجنسية واستجابتها لقوانين البلاد، مؤكّدا أن اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية تعمل على مراجعة كافة الملفات بشكل دقيق وبحث كل حالة على حدة، بما يضمن سلامة أي قرار يتم اتخاذه.

وأكّد لصحيفة الرأي المحلية حرص السلطات “على عدم إيقاع الظلم على أحد”، مضيفا قوله “نحرص على أن يكون قَسَمنا نصب أعيننا في أي قرار يتم اتخاذه، خصوصا أن ملف الهوية الوطنية يحظى باهتمام ومتابعة من القيادة”.

وبيّن أن اللجنة تستعين بعدد من الخبراء الدستوريين والقانونيين لضمان سلامة كل القرارات المتخذة من جميع النواحي وبنسبة مئة في المئة، مشيرا إلى أن جميع الملفات تعرض وتفحص وتراعى فيها مختلف المعايير القانونية والدستورية والإنسانية، وبالتالي ليس كل ما يُعرض على اللجنة من أسماء تتم الموافقة على قرار سحب الجنسية منه.

وتخصّص وزارة الداخلية الكويتية خطا هاتفيا “ساخنا” للإبلاغ عن مزوري ومزدوجي الجنسية الأمر الذي أثار المخاوف من تعرّض البعض لتهم كيدية، وهو ما تنفي السلطات إمكانية حدوثه مؤكّدة أنها لا تكتفي بالاعتماد على البلاغات التي ترد عبر الخط المذكور لكنّها تتخذ سلسلة طويلة ومعقّدة من إجراءات التثبّت والتدقيق قبل اتخاذ أي قرارات بسحب الجنسية من أي شخص.

3