تزايد ضغوط التجار في الأردن لضبط عمليات البيع الإلكتروني

كثفت أوساط الأعمال في الأردن ضغوطها على الحكومة بغية ضبط عمليات البيع الرقمي لتعزيز دور التجارة الإلكترونية في نمو الاقتصاد ضمن مظلة تعمل وفق أسس قانونية واضحة ومنظمة، لما تحمله هذه التعاملات من ضرر بالنسبة إليهم وإلى المستهلكين أحيانا بسبب التحيل والغش.
عمان- تواجه الحكومة الأردنية تحدي اعتماد قواعد أكثر صرامة لتنظم التجارة الإلكترونية بالبلاد بعد أن تزايدت مطالب التجار بضرورة اعتماد قوانين واضحة لهذا النشاط وكيفية التعامل معه لقطع الطريق أمام المتحايلين.
ويطالب عدد من ممثلي القطاعات التجارية إلى مأسسة العمل بالتجارة الإلكترونية في السوق المحلية، وفرض رقابة وشروط ضابطة تنظم العمل، وترفع ثقة المستهلكين، وتعزز المبيعات من خلالها.
ويرى هؤلاء أن هذا النشاط يفتقد إلى التنظيم والرقابة في ظل وجود العديد من الممارسات التجارية غير المرخصة للبيع عبر الإنترنت دون رقيب.
وكشفت وزارة الصناعة والتجارة والتموين عن إجراءات يجري الإعداد لها، منها إنشاء منصة خاصة بهذه النوعية من التجارة لتوفير بيئة ممكنة وبنية تحتية مشجعة للصناعات المحلية والتجار للوصول إلى أكبر شريحة من المستهلكين.
وتستهدف رؤية التحديث الاقتصادي تحويل البلد إلى مركز إقليمي للتجارة والاستفادة القصوى من وجود القنوات التجارية التقليدية والرقمية، بهدف توفير بيئة ملائمة لاستقطاب الشركات العالمية والمستثمرين وتحقيق النمو الاقتصادي.
ويؤكد نقيب تجار الألعاب يوسف أبوالسيلات أن التجارة الإلكترونية نمت في الأردن خلال فترة الجائحة، معتبرا أن الثقة بها متدنية في الأردن بسبب ضعف الرقابة عليها، وعدم وجود سجلات واضحة للمواقع الإلكترونية المرخصة.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى أبوالسيلات قوله “هناك بعض ممارسات التسويق الاحتيالية، تتعلق بعدم المصداقية، خاصة ما يتعلق بالتضليل السعري.”
ودعا وزارة الصناعة والتجارة والتموين، وغرف التجارة، إلى فرض رقابة على الصفحات التجارية على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة في الأمور الحساسة، مثل بيع الأدوية والعقاقير ومستحضرات التجميل وغيرها.
وطالب بأن تكون هناك جهة مسؤولة عن المواقع الإلكترونية التجارية، وعدم السماح لأيّ موقع بممارسة العمل إلا بعد استصدار سجل تجاري أو رخصة مهن، أو غيرها بحسب طبيعة منتجات الموقع، بهدف زيادة مصداقية العمل.
وأشار أبوالسيلات إلى حل الممارسات السلبية وتنظيم التجارة الإلكترونية، بما يتيح لها أن تكون رديفا معززا للتجارة التقليدية.
ويركز قطاع الألعاب، على سبيل المثال، في تجارته الإلكترونية على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وليس عبر مواقع إلكترونية متخصصة.
وقدر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) في عام 2021 حجم التجارة الإلكترونية في السوق الأردنية بنحو 788 مليون دولار، بينما بلغت المليار دولار في العام 2022.
وبحسب التقديرات التي تعود إلى العام 2023، فإن أكثر من 60 في المئة من الأردنيين البالغ عددهم قرابة 12 مليون نسمة يستخدمون الشبكات الاجتماعية.
ويعتقد نقيب تجار ومنتجي الأثاث أحمد الجنيدي أن تنظيم التجارة الإلكترونية سيساعد المستهلكين في الحصول على منتجات بسهولة وسلاسة، ومتابعة ترخيص أيّ تاجر يتعامل بهذه الآلية، للتأكد من وجود منصة حقيقية له.
واعتبر أن من الصعب على قطاع الأثاث وملحقاته أن يتعامل بالتجارة الإلكترونية بنجاح، نظرا إلى أن المستهلكين يجدون صعوبة في معاينة المنتجات عن بعد، لوجود مواصفات تتعلق بالألوان والجودة والأقمشة والقياسات والسعات وغيرها.
ووفق دراسة لغرفة تجارة عمّان، فإن 52 في المئة من المستهلكين المتعاملين بالتجارة الإلكترونية يفضلون البضائع المحلية على الأجنبية لو تم توفيرها إلكترونيا، لأن ذلك يتيح لهم فرصة التبديل أو الإرجاع في حال لم تكن المواصفات والمقاسات مختلفة.
وأشارت الدراسة إلى أن ذلك يتطلب تحديث البنية التحتية الرقمية للتجارة الإلكترونية، وتحسين البيئة التمكينية للتجارة الإلكترونية وتحقيق عدالة المنافسة مع التجارة التقليدية.
ولم تكن نقابة تجار ومصنعي القرطاسية والمكتبات والأجهزة المكتبية بعيدة عن فلك بقية القطاعات التجارية الأخرى المتضررة من انفلات التجارة عبر الإنترنت.
ويقول نقيب مصنعي القرطاسية محمد حجير إن مراقبة التجارة الإلكترونية ووضع ضوابط وشروط لها أمر مهم لحماية التاجر والمستهلك على حد سواء.
وأشار إلى أن استخدام التجار في قطاع القرطاسية للتجارة الإلكترونية ضعيف، إلا أنه وفي مواسم العودة إلى المدارس، تنشط من قبل قطاعات أخرى تبيع القرطاسية، عبر البث المباشر على صفحات الشبكات الاجتماعية، خاصة فيسبوك.
وأقرت الحكومة العام الماضي إستراتيجية للتجارة الإلكترونية التي ستنفذ على ثلاث مراحل خلال فترة زمنية مدتها عشر سنوات، بما يتسق مع الجدول الزمني لرؤية التحديث الاقتصادي.
وتمتد المرحلة الأولى بين عامي 2023 و2025، وتركز على إنشاء آلية تنسيق خاصة بالتجارة الإلكترونية، وإطلاق مشاريع تجريبية لتعزيز القدرة التنافسية للمشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، ومراجعة القوانين التنظيمية الحالية لتهيئة بيئة ممكنة.
أما المرحلة الثانية، فتمتد بين عامي 2026 و2029، وتهدف إلى بناء ميزة تنافسية في التجارة الإلكترونية بناء على النتائج المتوقع تحقيقها خلال المرحلة الأولى.
وترمي المرحلة الثالثة التي تمتد بين عامي 2030 و2033، إلى تطوير ميزة تنافسية والتكيف مع تقنيات التجارة الإلكترونية المستجدة، وإجراء التغييرات اللازمة في وقت مبكر لجعل البلد من أسرع مراكز التجارة الإلكترونية نموا في المنطقة.
وقال الناطق باسم وزارة الصناعة ينال البرماوي إن الإستراتيجية الموضوعة “تسعى إلى تنظيم القطاع عبر الخروج بإطار تشريعي ينظم التجارة الإلكترونية المحلية ويعزز إمكانيات القطاع التجاري محليا، والتجارة العابرة للحدود.”
وأوضح أن الهدف هو أن يصبح الأردن أحد المراكز الأسرع نموا في قطاع التجارة الإلكترونية وتجارة التجزئة عبر الإنترنت، لتخدم أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وكشف البرماوي أن العمل جار لإنشاء منصة خاصة بالتجارة الإلكترونية تهدف إلى توفير بيئة ممكنة وبنية تحتية مشجعة للصناعات المحلية والتجار للوصول إلى أكبر شريحة من المستهلكين.
1 مليار دولار حجم سوق التجارة الإلكترونية في البلاد بنهاية 2022، بحسب التقديرات
وبيّن أن المنصة ستتيح الفرصة لكل التجار، وستؤمن خط مدفوعات آمنا، وسهولة في الوصول إلى المستهلكين للمنتجات وخاصة المحلية، والتي بدورها تعمل على حماية المواطنين بتقديم معلومات كاملة وصحيحة عن السلعة المعروضة على المنصة وشروط بيعها.
ومن المقرر أن تطلق الحكومة برنامجا لزيادة استخدام المنشآت الاقتصادية الأردنية لحلول التجارة الإلكترونية عبر بناء قدرة المنشآت الناشئة ومتناهية الصغر على استخدام التجارة الإلكترونية.
وسيتضمن البرنامج كذلك دعم تقنيات الترويج الحديثة للتوسع في السوق المحلية، وزيادة حصة المعاملات التجارية الإلكترونية لدى المنشأة من إجمالي معاملاتها.