تزايد زخم العملات الرقمية للبنوك المركزية

من المتوقع أن يكون المركزي الأوروبي أول مؤسسة نقدية غربية ذات وزن ثقيل تمضي قدما بهذا الاتجاه في تحول جذري عن مواقف صناع القرار سابقا.
الأربعاء 2024/09/18
تحول أوروبي جذري

لندن – رصد باحثون ومحللو اقتصاد مؤخرا أن ثمة منحى تصاعديا من قبل العديد من البنوك المركزية في اعتماد عملات رقمية خاصة بها، ضمن جهود التحول الرقمي، على الرغم من أن شقا من الخبراء يرى فيها مخاطر على النظام المالي العالمي.

ويستكشف ما مجموعه 134 دولة تمثل 98 في المئة من الاقتصاد العالمي الآن نسخا رقمية من عملاتها، حيث وصل ما يقرب من نصفها إلى مرحلة متقدمة، وبدأت دول رائدة مثل الصين وجزر الباهاما ونيجيريا تشهد انتعاشا في الاستخدام.

ومن المتوقع أن يكون المركزي الأوروبي أول مؤسسة نقدية غربية ذات وزن ثقيل تمضي قدما بهذا الاتجاه في تحول جذري عن مواقف صناع القرار سابقا بأن تبني خطوة كهذه ثم انتشارها يضر بالنظام المالي العالمي.

وفي المنطقة العربية تسير بعض البنوك المركزية في الإمارات والسعودية ومصر على هذا الخط، وهي مدفوعة بالتجارب الناجحة لمثل هذه العملات المشفرة، التي باتت تحظى بتأييد واسع لأهميتها في مواكبة التكنولوجيا المالية.

جوش ليبسكي: زيادة انتشار هذه العملات يفند رواية انعدام استخدامها
جوش ليبسكي: زيادة انتشار هذه العملات يفند رواية انعدام استخدامها

وأظهر بحث أجراه مركز أبحاث المجلس الأطلسي ومقره الولايات المتحدة ونشر الثلاثاء أن جميع دول مجموعة العشرين تتطلع الآن إلى العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية والمعروفة باسم “سي.بي.دي.سي.أس”، وأن 44 دولة في المجموع تقوم بتجريبها.

وهذا أعلى من 36 بلدا قبل عام، وهو جزء من الدفع العالمي من قبل السلطات للرد على انخفاض استخدام النقد والتهديد لقوتها في طباعة النقود، من أمثال البيتكوين والتكنولوجيات الكبرى.

ونسبت رويترز إلى جوش ليبسكي وأنانيا كومار من المجلس الأطلسي قولهما إن “أحد أبرز التطورات هذا العام كان الزيادة الكبيرة في عملات البنوك المركزية الرقمية في جزر الباهاما وجامايكا ونيجيريا، وهي الدول الثلاث الوحيدة التي أطلقتها بالفعل”.

كما شهدت الصين، التي تدير أكبر مخطط تجريبي في العالم، استخدام نموذجها الأولي من الرنمينبي الإلكتروني الذي تضاعف أربع مرات تقريبا إلى 7 تريليونات يوان (987 مليار دولار) من المعاملات، وفقا للخبيرين.

وقال ليبسكي “كانت هناك رواية مفادها أن البلدان التي أطلقت عملات البنوك المركزية الرقمية شهدت استخداما منخفضا أو معدوما، ولكن في الأشهر الأخيرة شهدنا زيادة حقيقية”.

وأضاف “توقعي هو أن بنك الشعب الصيني (البنك المركزي الصيني) سيكون قريبا من الإطلاق الكامل بعد عام من الآن”.

ومن بين التطورات الكبيرة الأخرى إطلاق البنك المركزي الأوروبي لمشروع تجريبي لليورو الرقمي لعدة سنوات، مع ستة بنوك مركزية رئيسية أخرى.

كما انضمت الولايات المتحدة، التي كانت تتباطأ منذ فترة طويلة في التعامل مع الدولار الرقمي، إلى مشروع عملة رقمية لبنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي).

ولا تزال الولايات المتحدة متأخرة كثيرا عن كل البنوك الرائدة الأخرى تقريبا، لكن ليبسكي سلط الضوء على أنها واحدة من البلدان التي تكون فيها الخصوصية والمخاوف الأخرى بشأن العملات الرقمية للبنك المركزي أكثر وضوحا.

وفي مايو الماضي، أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يحظر الإصدار المباشر لعملة رقمية للبنك المركزي “للتجزئة”، وهو النوع الذي يستخدمه الجمهور.

ولم يتخذ مجلس الشيوخ أي إجراء بعد، لكنها تظل قضية حية في حملة الانتخابات الرئاسية بين المرشحين الديمقراطي دونالد ترامب، والمرشحة الجمهورية كامالا هاريس.

ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا واستجابة مجموعة الدول السبع للعقوبات، تضاعف عدد مشاريع العملات الرقمية للبنوك “بالجملة” من بنك إلى بنك فقط إلى 13 مشروعا.

لم يتخذ مجلس الشيوخ أي إجراء بعد، لكنها تظل قضية حية في حملة الانتخابات الرئاسية بين المرشحين الديمقراطي دونالد ترامب، والمرشحة الجمهورية كامالا هاريس

ويربط المشروع الأسرع نموا، والذي يحمل الاسم الرمزي “أم بريدج”، بين العملات الرقمية للبنوك من الصين وتايلاند ودولة الإمارات وهونغ كونغ والسعودية. ومن المتوقع أن يتوسع إلى المزيد من البلدان هذا العام.

ومن غير المرجح أن تكون روسيا واحدة من هذه البلدان، لكن مشروعها التجريبي للروبل الرقمي يعني أنه مقبول الآن في مترو موسكو وفي بعض محطات الوقود. كما تعمل إيران أيضا على الريال الرقمي.

وقال ليبسكي “بغض النظر عما يحدث مع الانتخابات الأميركية، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي متأخر سنوات”، في إشارة إلى اعتماد العملة المشفرة.

وفي أكتوبر 2022 كشفت جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت) أنها تبني شبكة دولية لتداول العملات المشفرة بين البنوك، في خطوة تهدف منها إلى تخفيف المخاوف من تداولها وتأثيرها على النظام المالي العالمي.

ووضع نظام سويفت مخططه لشبكة عملة رقمية للبنوك المركزية حول العالم بعد تجربة استمرت ثمانية أشهر على تقنيات وعملات مختلفة.

ونظرت التجربة، التي شاركت فيها البنوك المركزية لفرنسا وألمانيا بالإضافة إلى مقرضين مثل بنوك أتش.أس.بي.سي ويو.بي.أس وستاندارد شارترد، في كيفية استخدام العملات الرقمية للمؤسسات النقدية دوليا وحتى تحويلها إلى نقود ورقية إذا لزم الأمر.

وسبق أن قال بو لي، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي إن المقرض متعدد الأطراف “يساعد عشرات الدول في خطط العملات الرقمية للبنوك المركزية وسينشر قريبا دليلا إرشاديا”.

وأكد أن البنوك المركزية تبني ما تسميه منصة “إكس.سي” الخاصة بها، والتي تهدف إلى معالجة أو تسوية معاملات العملات الرقمية فيما بينها.

11