تزايد الضغوط الخارجية على موريتانيا بسبب العبودية

موريتانيا تؤكد أنها تعالج مخلفات العبودية المتوارثة عن أجيال، والتي من أبرز سماتها الأمية والبطالة والفقر.
السبت 2018/11/17
توعية المجتمع أولى خطوات القضاء على الظاهرة

نواكشوط - تزايدت الضغوط الخارجية على موريتانيا بسبب اتهامات بالتراخي في التصدي لظاهرة العبودية التي مازلت متفشية في المجتمع، فبعد إلغاء مزايا تجارية ممنوحة لها من قبل الولايات المتحدة، تلوح في الأفق أزمة أخرى مع كندا.

وقال وزير الثقافة الموريتاني والناطق الرسمي باسم الحكومة، إن بلاده ترفض أي تدخل كندي في شؤونها الداخلية مهما كانت علاقات البلدين. وأوضح سيد محمد ولد محم، في تصريحات نشرت الجمعة في وسائل الإعلام المحلية، إن بلاده “ذات سيادة ولن تقبل من أي كان مهما كانت العلاقة معه أن يتدخل في شؤونها الداخلية”.

وأضاف ردا على سؤال حول التزام رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، لناشطة موريتانية بالضغط على الحكومة لإطلاق سراح الناشط الحقوقي الموريتاني المعتقل بيرام ولد الداه ولد أعبيدي، “إن هذا الموضوع لدى العدالة، والحكومة قادرة على حمايتها من تدخلات الآخرين، كما أن الحكومة لا تتدخل في الملفات المطروحة لدى العدالة”.

وكانت حركة موريتانية مناهضة للرق تدعى “أيرا” قد نشرت صورة لترودو مع ناشطة في المنظمة أكدت أن ترودو وعدها بالضغط من أجل الإفراج عن ولد أعبيدي.

وأشار الوزير الموريتاني إلى أن الجميع يعلم أن الحكومة ليست طرفا في الموضوع وأن الطرف المدني الذي تقدم بالشكوى هو صحافي.

وكان هناك صحافي موريتاني قد رفع دعوى قضائية ضد ولد أعبيدي بتهمة التهديد بالقتل والتشهير والتحريض عليه بعد نشره لتقرير وثائقي عن نشاط ومسار رئيس حركة “أيرا” بيرام ولد الداه ولد أعبيدي، مما أثار حفيظة الناشط الحقوقي. وسجن القضاء الموريتاني الناشط الحقوقي تمهيدا لمحاكمته. ورغم ذلك انتخب ولد أعبيدي عضوا في البرلمان.

ويعود تاريخ الجدل حول العبودية في موريتانيا إلى السنوات الأولى لاستقلال البلاد، أي بداية ستينات القرن الماضي، حينما كانت العبودية تنتشر بشكل علني بين فئات المجتمع.

وجاء أول إلغاء حقيقي للعبودية في موريتانيا في العام 1982، خلال حكم الرئيس السابق محمد خونا ولد هيدالة، لكن وبعد مرور سنوات، يقول نشطاء حقوق الإنسان، إن حالات عديدة من العبودية ظلت قائمة، وممارسة بشكل فعلي في أنحاء موريتانيا. ويقول الباحثون، إنّ القضاء على العبودية يرتبط بتوعية المجتمع، وإقناع الزعامات الدينية والقبلية بالمشاركة في حملات نبذ العبودية وممارسات الاسترقاق.

وتحُول بعض العادات الاجتماعية والمعتقدات دون القضاء على العبودية في مناطق الشرق والوسط، حيث يعتقد السكان أنّها جائزة شرعا. ويدعو الباحثون إلى ضرورة حلّ هذه المعضلة التي تهدد السلم الوطني والأهلي، خصوصا مع ارتفاع نسبة الحراطين في المجتمع إلى ما يفوق 28 بالمئة من عدد السكان، واتساع الهوة الاقتصادية بينهم وبين طبقة البيض التي كانت تستعبدهم. والأسبوع الماضي وصفت موريتانيا قرارا، تعتزم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اتخاذه بإلغاء مزايا تجارية ممنوحة لها، بأنه “تافه وفارغ”.

وأكد سيدي محمد ولد محم أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب حرمان بلاده من المزايا التجارية بسبب استمرار ممارسات “العبودية” في موريتانيا يعتبر “خيانة”. وقال ولد محم في تغريدة على تويتر الاثنين، إن القرار يعد “خيانة لعلاقات الصداقة بين البلدين، وتنكرا لجهودنا في مجال أنجزنا فيه ما لم ينجز الآخرون”.

وأضاف أن “سيادة موريتانيا تفرض عليها أن يكون الرد على القرار الأميركي بالمنع من مزايا قانون الفرص والنمو الأفريقي هو المعاملة بالمثل”. وصدر هذا القانون في الولايات المتحدة في مايو 2000 بهدف تحسين العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة ودول أفريقيا جنوب الصحراء. وكان مكتب الممثل التجاري الأميركي قد أعلن أن الرئيس ترامب يعتزم إلغاء مزايا تجارية كانت بلاده تمنحها لموريتانيا ابتداء من يناير المقبل.

وقالت واشنطن إن القرار يعود لعدم “إحراز موريتانيا أي تقدم في التخلص من التشغيل بالسخرة والتشغيل القسري أو بالسخرة، مثل العبودية المتوارثة لا مكان لها في القرن الحادي والعشرين”. وتقول موريتانيا إنها تعالج مخلفات العبودية المتوارثة عن أجيال، والتي من أبرز سماتها الأمية والبطالة والفقر، وإنه لم تعد هناك ممارسات للرق. ورأت موريتانيا أن حكومتها وبرلمانها صادقا على قوانين تجرّم ممارسة الرق وتعتبره جريمة ضد الإنسانية.

4