تزايد أعداد المهاجرين في المانش يعمّق أزمة الهجرة بين فرنسا وبريطانيا

أرقام رسمية: أكثر من 28 ألف مهاجر عبروا المانش خلال العام الماضي.
الأربعاء 2022/01/05
عبور يفاقم أزمة الثقة بين باريس ولندن

لندن - فاقم الارتفاع المطرد لأعداد المهاجرين في بحر المانش أزمة الهجرة غير النظامية بين فرنسا وبريطانيا، حيث كشفت أرقام رسمية أن أكثر من ثمانية وعشرين ألف مهاجر عبروا المانش خلال العام الماضي.

وأفادت وكالة الأنباء البريطانية “بي إيه” بأنّ ما لا يقلّ عن 28395 مهاجراً غير نظامي عبروا العام الماضي من فرنسا إلى إنجلترا على متن قوارب صغيرة قطعت بهم بحر المانش في رحلة محفوفة بالمخاطر، وهو رقم قياسي يناهز ثلاثة أضعاف الرقم المسجّل في 2020.

 وبلغ عدد المهاجرين غير النظاميين الذين عبروا القناة في سنة 2020 حوالي 8400 شخص.

وزادت بشكل كبير أعداد المهاجرين الذي يحاولون مغادرة فرنسا للوصول إلى بريطانيا عبر البحر منذ أن شدّدت السلطات الفرنسية في 2018 إجراءات التفتيش في كلّ من مرفأ كاليه ويوروتانل، النفق الذي يربط بين ضفتي المانش، وهما منشأتان كان المهاجرون يستخدمونهما للعبور مختبئين داخل مركبات.

ونقلت الوكالة عن بيانات صادرة عن وزارة الداخلية البريطانية أنّ شهر نوفمبر الماضي سجّل وحده وصول ما يقرب من 6900 مهاجر غير نظامي إلى الساحل الإنجليزي، من بينهم 1185 شخصاً وصلوا في يوم واحد، وهو رقم قياسي.

وبات عبور القناة من قبل مهاجرين يحلمون بالسفر إلى إنجلترا معضلة سياسية بالنسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ووزيرة الداخلية بريتي باتيل، لاسيّما أنّ زعيم حزب المحافظين وعد مواطنيه بتشديد الخناق على الهجرة في أعقاب خروج بلدهم من الاتحاد الأوروبي.

حدّة التوتر بين البلدين زادت في نوفمبر حين غرق في بحر المانش سبعة وعشرون مهاجراً كانوا على متن قارب مطاطي

وفاقم التدفق الكثيف من قبل المهاجرين توتر العلاقات بين بريطانيا وفرنسا التي تتّهمها الحكومة البريطانية بعدم بذل ما يكفي من الجهود لمنع انطلاق الرحلات من أراضيها على الرّغم من الأموال المخصّصة لهذا الغرض.

وزادت حدّة التوتر بين البلدين في نوفمبر حين غرق في بحر المانش سبعة وعشرون مهاجراً كانوا على متن قارب مطاطي، وهي أسوأ مأساة هجرة يشهدها هذا الشريان المائي.

وكانت باريس قررت إلغاء مشاركة وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل في اجتماع مقرر حول ملف المهاجرين الذي يسمم العلاقات بين البلدين.

ودعت لندن باريس إلى التراجع عن قرارها الذي جاء بعد رسالة من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يطلب فيها من الفرنسيين استعادة المهاجرين الذين وصلوا بطريقة غير قانونية إلى المملكة المتحدة.

وانتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ما اعتبره تصرفات “غير جدية” من قبل لندن بشأن ملف المهاجرين، وردا على سؤال حول هذه الرسالة خلال مؤتمر صحافي في روما قال ماكرون “أستغرب هذه الأساليب عندما لا تكون جدية”.

وفي رسالة وجهها إلى بريتي باتيل رأى وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أن رسالة جونسون إلى الرئيس الفرنسي بحد ذاتها “تشكل خيبة أمل”، مشددا على أن قرار نشرها “أسوأ”.

وذكرت صحيفة “ذي تايمز” أن البريطانيين ليس لديهم أمل كبير في التوصل إلى اتفاق مع فرنسا قبل الانتخابات الرئاسية الفرنسية في أبريل القادم.

وتريد الحكومة البريطانية أن تحدّ من عمليات العبور هذه، حيث يلجأ المهربون بشكل متزايد إلى قوارب أكبر تتسع لعشرات الأشخاص.

Thumbnail

ويجري حاليا النظر في مشروع قانون مثير للجدل في البرلمان يعد باتخاذ إجراءات أكثر تشددا ضد المهربين لكن أيضا ضد المهاجرين الواصلين بشكل غير قانوني.

وفي حال اعتماده ستتم إعادة طالبي اللجوء الذين وصلوا بشكل غير قانوني إلى “الدول الآمنة” التي مروا من خلالها في وقت سابق.

واعتبرت المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان هذا النص قاسيا، لكنه بالنسبة إلى الحكومة سيخلق “نظام هجرة يكون عادلا لكنه حازم”، و”سيحمي الفئات الأكثر ضعفا وسيحد من الهجرة غير النظامية وكذلك عصابات المجرمين الذين يستغلونها”.

وعلق تيم ناور هيلتون (مدير جمعية تعنى بشؤون المهاجرين) “سيستمر الناس في عبور المانش في قوارب بدائية وسيواصل المهربون جني الأرباح، إلا إذا فتح الوزراء المزيد من الطرقات التي تمكن المهاجرين من طلب اللجوء هنا”.

وتصاعد التوتر على جانبي بحر المانش منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خصوصا بسبب صيد الأسماك، وهدّدت فرنسا بفرض عقوبات إذا لم يحصل الصيادون على المزيد من التراخيص للعمل في المياه البريطانية.

وفي نوفمبر الماضي أغلق الصيادون الفرنسيون نفق المانش وميناء ويسترهام النورماندي في مرحلة جديدة بعد ميناءي كاليه وسان مالو للمطالبة بتسوية الخلاف مع لندن.

وتسبّب ذلك في إحداث خلل في عمل النفق الأوروبي الذي يمر عبره خمسة وعشرون في المئة من التجارة بين المملكة المتحدة وأوروبا.

وتفاقمت أزمة الثقة بين البلدين بعد أن اكتشفت باريس في سبتمبر الماضي أن واشنطن ولندن وكانبيرا قد تفاوضت سراً على اتفاقية شراكة استراتيجية خسرت على إثرها فرنسا عقدا ضخما لبيع أستراليا غواصات.

5