"تروث سوشيال" أداة ترامب لمواجهة اتهامات مكتب التحقيقات الفيدرالي

واشنطن- في نهاية هذا الأسبوع، نشر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أكثر من اثنتي عشرة رسالة على شبكة التواصل الاجتماعي الخاصة به “تروث سوشيال”، لسبب وجيه: الرئيس السابق يبحث بشكل محموم عن خط دفاع ضد تحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وفي الثامن من أغسطس الحالي، أجرت الوكالة الفيدرالية بحثا في منتجع مار إيه لاجو، مقر إقامة ترامب في بالم بيتش بولاية فلوريدا. وتسرد وثيقة المحكمة التي تم نشرها على الملأ الجمعة المواد المصادرة، بما في ذلك 11 مجموعة من الوثائق السرية ويفترض الاحتفاظ به في بنى تحتية مخصصة.
ونظم ترامب دفاعه بطريقة مشوشة للغاية. في البداية، اقترح دون أي دليل أن مكتب التحقيقات الفيدرالي كان بإمكانه تقديم المستندات بنفسه من أجل القبض عليه. ثم اتهم سلفه، باراك أوباما، بإحضار وثائق سرية إلى الوطن، دون دليل، بحجة أن “كل فرد يأتي بالعمل إلى المنزل من وقت إلى آخر”، قبل أن يطالب مكتب التحقيقات الفيدرالي “أف.بي.آي” أخيرا بإعادة المستندات التي تم الاستيلاء عليها.
◙ الرئيس السابق ظل صامتا على شبكة تروث سوشيال لفترة طويلة إذ نشر رسالة واحدة بين إطلاقها في نهاية فبراير ونهاية أبريل
بالإضافة إلى رسائله الخاصة، ينقل الرئيس السابق أيضا “الحقيقة” من أكثر أنصاره المتحمسين، الذين يكونون أحيانا عنيفين تجاه مكتب التحقيقات الفيدرالي. وتبرز في هذا الخصوص حركة “كيو أنون” (QAnon)، وهي حركة تآمرية يمينية متطرفة مؤثرة للغاية، إلى حد تمثيلها في الكونغرس الأميركي بصوت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين وآخرين.
وفقا لصحيفة واشنطن بوست، سيستخدم ترامب البحث كنقطة حشد للجمهوريين. يردد مؤيدوه المتحمسون كلماته. ودعا رجل يدعى ريكي شيفر إلى إطلاق النار على عملاء فيدراليين على مرمى البصر في رسالة نُشرت على “تروث سوشيال”، وتم حذفها من قبل الشبكة، ثم حاول آخر دون جدوى اقتحام مكتب أف.بي.آي في سينسيناتي، وواجهته الشرطة الخميس ليلقى حتفه بعد مطاردة وتبادل لإطلاق النار.
تذكّر هذه الحلقة بغزو أنصار ترامب لمبنى الكابيتول في السادس من يناير 2021. ولا يزال خطاب الرئيس السابق، الذي ينُشر الآن من دون مرشح على موقع “تروث سوشيال” ويتم تضخيمه من قبل شبكة كاملة من اليمين المتطرف الأميركي، يتمتع بسلطة حشد كبيرة.
يأتي هذا الحشد المفاجئ لترامب بعد أشهر على الاستخدام غير المنتظم لشبكة “تروث سوشيال”. وغابت الشبكة عن قائمة تنزيلات “أب ستور” لأشهر، ولم تقم “تروث سوشيال” إلا بمهمة قصيرة في أبريل، عندما قدم الملياردير الأميركي إيلون ماسك عرضها لشراء تويتر. وكان الملياردير قد حدد أنه منفتح على عودة الرئيس السابق إلى الشبكة الاجتماعية، لكن هذا العرض سرعان ما رفضه ترامب، مضيفا أنه وجد الشبكة “مملة”. ومع ذلك، استخدم ترامب حسابه على توتير الذي يتابعه أكثر من 88 مليون مشترك كأداة اتصال رئيسية طوال فترة ولايته وقبل ذلك، ولم يكن يتردد في نشر أكثر من اثنتي عشرة رسالة يوميا.
ولكن عندما تم حظره من المنصة ومن عدة منصات أخرى بعد عدة تحذيرات بسبب تصريحاته حول غزو مبنى الكابيتول، أعلن أنه سيتحدث فقط على شبكة “تروث سوشيال”. وعلى الرغم من هذا الموقف العلني، فإن الرئيس السابق ظل صامتا على الشبكة لفترة طويلة برسالة واحدة بين إطلاقها في نهاية فبراير ونهاية أبريل.
وأدى هذا الغياب الممزوج بالعديد من الأخطاء وإستراتيجية القبول الغريبة إلى بداية بطيئة لتروث سوشيال.