تركيز مغربي على الجيل زد لكسب رهان التحول الرقمي

مساع لتذليل العقبات أمام زيادة مرونة سوق العمل للتأقلم مع طفرة الذكاء الاصطناعي.
الجمعة 2024/05/17
أسرعوا واحجزوا مقاعدكم

يركز صناع القرار الاقتصادي في المغرب على مطاردة محفزات زيادة المحتوى المحلي من خلال دعم المنتجات ذات القيمة المضافة بالتوازي مع بحث فرص تطوير قطاع الابتكار، في ظل مطالبات بالتأقلم مع سوق عمل يشهد تحولات كبرى بسبب التقنيات المتقدمة.

الدار البيضاء- شرع المسؤولون وأصحاب الشركات وخبراء التوظيف في المغرب في تحسس طريق إدماج الجيل زد في سوق العمل من خلال استكشاف الأدوات الكفيلة بجعل هذه الفئة من السكان أحد المساهمين الرئيسيين في مسار التحول الرقمي.

والجيل زد، الذي يطلق عليه أيضا لقب “المواطنون الرقميون” رغم أنهم ليسوا بالضرورة متعلمين تكنولوجيا، هو المجموعة الديموغرافية التي تلي جيل الألفية وتسبق جيل ألفا، وتحديدا الذين ولدوا في الفترة بين عامي 1998 و2012.

ويؤكد خبراء أن الرقمنة واستخدام الذكاء الاصطناعي باتا أولوية لا محيد عنها بالنسبة إلى الشركات وأصحاب الأعمال الريادية بالنظر إلى ما تحققه من قيمة مضافة تسهم في توسيع قاعدة المستخدمين وتنمّي السوق التكنولوجية وتدعم النمو الاقتصادي.

مهدي التازي: يصعب التنبؤ بتأثير الذكاء الاصطناعي على سوق الشغل
مهدي التازي: يصعب التنبؤ بتأثير الذكاء الاصطناعي على سوق الشغل

وسلط المشاركون في لقاء تحت شعار “الذكاء الاصطناعي، الجيل زد وكفاءات الغد”، نظمته جامعة الأخوين، الثلاثاء الماضي، بالدار البيضاء، الضوء على أهمية تكيف الجيل زد مع سوق العمل الذي يشهد تحولات كبرى في ظل التأثير المتزايد للذكاء الاصطناعي.

وشكل اللقاء فرصة لمناقشة التحديات التي يمثلها الذكاء الاصطناعي بالنسبة إلى الشباب المنضمين لسوق العمل مع التركيز على حاجتهم لتطوير مهارات التكيف والفهم المعمق للتكنولوجيات الناشئة.

وتطرق مهدي التازي نائب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وهو تجمع لأرباب الأعمال، إلى الآثار المترتبة عن تحول المهن ونماذج التشغيل بفعل الذكاء الاصطناعي، مسلطا الضوء على الاحتياجات التدريبية لضمان انتقال سلس نحو هذا المشهد الجديد.

وقال في كلمة أوردتها وكالة الأنباء المغربية الرسمية إنه “لا يزال من الصعب التنبؤ بتأثير الذكاء الاصطناعي على سوق الشغل”.

وأوضح أنه رغم أن بعض المهن اليدوية لا تبدو مهددة بشكل مباشر بالأتمتة، إلا أنه من الواضح أن المهن ذات القيمة المضافة العالية ستتأثر.

وأشار إلى أن قطاعات الهندسة المعمارية والطب شهدت بالفعل بروز قدرات تحليل البيانات المشخصة وتوليدها، والتي يمكن أن تحدث تحولا جذريا في وظائف معينة.

وشدد على أنه لمواجهة هذه التحديات، من الواجب تحسيس الشركات بهذه القضايا، وإرساء حوار وثيق بين التعليم الأكاديمي وسوق العمل، وتطوير برامج التدريب لدمج فترات تناوب بين ما هو نظري وما هو تطبيقي، وبالتالي تعزيز الانتقال السلس في الوظائف.

ولتحقيق ذلك، يعتقد التازي أن ذلك يتطلب أيضا تطوير المهارات الشخصية والذكاء الجماعي للنهوض بالتعاون بين مختلف الفاعلين، مما يسهم في مواجهة البطالة.

أمين بنسعيد: التعاون الفعال بين الطلاب والشركات والجامعات ضروري
أمين بنسعيد: التعاون الفعال بين الطلاب والشركات والجامعات ضروري

وأظهرت إحصاءات رسمية نشرت في وقت سابق هذا الشهر أن معدل البطالة في البلاد ارتفع إلى 13.7 في المئة في الربع الأول من 2024 مقابل 12.9 في المئة على أساس سنوي.

وبالنسبة إلى المغرب الذي حل في المركز السبعين عالميا والسابع عربيا خلال عام 2023 في مؤشر الابتكار الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية، فإن الأعمال الريادية ليست مجرد نشاط عابر يقدمه أصحاب الأفكار التكنولوجية، بل هو محور لبناء جيل المستقبل.

ويبرز تكنوبارك مجمع الأعمال المرتبط بتقنية المعلومات والاتصال في الدار البيضاء، والذي تأسس في العام 2001، كعلامة فارقة تؤكد اهتمام الرباط بقطاع التكنولوجيا منذ سنوات.

ويؤكد رئيس جامعة الأخوين أمين بنسعيد أن الجامعة اتخذت منذ سنة 2022 قرارا بدمج الذكاء الاصطناعي في برامجها الجديدة وتكوينات البكالوريوس.

وقال إن “هذه المبادرة تهدف إلى تعريف الطلاب بالمهارات والأدوات اللازمة في عالم متمحور أكثر فأكثر حول التكنولوجيا”.

وأوضح أن التعاون الفعال بين الطلاب والشركات والجامعات يعد أمرا ضروريا للنجاح معا في سوق العمل المتغير باستمرار، مذكرا بأن جامعة الأخوين أطلقت كذلك دورات تدريبية بديلة وعن بعد.

وشدد بنسعيد على أن هذه المقاربة تمكّن من الاستجابة بشكل أفضل للمتطلبات الدقيقة لكل مجال مع إتاحة تدريب أكثر تخصصا وتنوعا، ويتماشى مع اهتمامات الجيل زد، الذي يظهر ميولا أكبر للتعلم المرن.

ومع ذلك، أشار إلى أن التحدي يظل متمثلا في الحفاظ على التدريب في مجال المهارات الشخصية، على غرار التعامل مع الآخرين والتواصل الفعال والتفكير النقدي، والتي تظل عناصر حاسمة للنجاح المهني.

وقال “هدفنا تحقيق التوازن بين التركيز على المهارات التقنية والتطوير المستمر للمهارات الشخصية اللازمة للنجاح في سوق العمل الحديث”.

بدرة حمداوة: الجيل زد يستفيد من التقنيات للحفاظ على التوازن
بدرة حمداوة: الجيل زد يستفيد من التقنيات للحفاظ على التوازن

وتتعدد فوائد المشاريع الناشئة في نموّ الناتج المحلي الإجمالي، إذ لا توفر التقنيات الرقمية فقط إمكانية تسريع وتيرة التقدم الاقتصادي والاجتماعي وفتح مجالات جديدة للنمو الأسرع، ولكن أيضا الابتكار وتوفير فرص العمل والوصول إلى الخدمات.

ويعتقد الرئيس المدير العام للقرض العقاري والسياحي (سي.آي.أتش) لطفي السقاط أن الشركات تسعى إلى إدارة التكنولوجيات الجديدة بشكل فعال، مما يتطلب مهارات تقنية متقدمة.

وقال في كلمته خلال اللقاء إنه “بالنسبة إلى رواد الأعمال، يكتسي الدعم المتخصص الأولوية، جنبا إلى جنب مع التمويل المناسب”.

وأضاف “باعتبارنا فاعلين في القطاع المالي والتكنولوجيا المالية، فإننا نتحمل مسؤولية خاصة في هذا المجال. ومن الضروري تمكين المقاولين من التواصل مع عالم التكنولوجيا المالية، حيث تتوفر العديد من الفرص والحلول المبتكرة”.

وأوضح أنه من المهم التأكيد على أن مواكبة القطاع المالي للتكنولوجيات الجديدة تتعدى مجرد التمويل، وينبغي على البنوك تقديم دعم شامل، مع مراعاة البيئة المبتكرة للتكنولوجيا المالية، بغية الاستفادة الكاملة من الإمكانيات المتاحة بفضل هذه التطورات التكنولوجية.

وتبدو الحاجة إلى إرساء تعاون وثيق بين الشركات والمؤسسات التعليمية والشباب أنفسهم من أجل إعداد اليد العاملة مستقبلا، بشكل فعّال، أمر مهم للغاية لأجل مواجهة التغييرات الناجمة عن الذكاء الاصطناعي والاستفادة من الإمكانيات الجديدة التي يتيحها.

وأكدت نائب الرئيس التنفيذي لشركة كامجيميني تي.أس بدرة حمداوة أن استخدام الذكاء الاصطناعي حاليا منتشر على نطاق واسع لتحسين الآجال وزيادة الإنتاجية.

وقالت إن “شباب الجيل زد يستفيد من هذه التكنولوجيا للحفاظ على التوازن بين حياته المهنية والشخصية”. وأضافت “لدينا مهندسون ذوو كفاءة عالية، بشكل يتوافق مع المعايير الدولية، قادرون على إتقان التكنولوجيات الجديدة وتسهيل إدماجها في مختلف المجالات”.

 

11