تركيز روسي وأوكراني على دور وسيطين متفهمين: الإمارات وإسرائيل

موسكو - بعيدا عن التصريحات والتصريحات المضادة بشأن مسار الحرب، يتجه الطرفان الروسي والأوكراني إلى التركيز على الوسطاء القادرين على القيام بدور بنّاء في التهدئة. وتتحرك الوساطة حاليا على خطين، الأول خط الإمارات، وهو دور يحوز على رضا مختلف الأطراف وتحركت فيه منذ بدء المعارك، والثاني خط إسرائيل التي زار رئيس وزرائها نفتالي بينيت مساء السبت موسكو.
وعلى مستوى خط الوساطة الإماراتية، فقد أظهرته بشكل علني اتصالات ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومع الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، حيث أكد في الاتصالين وبصيغة متقاربة أن “دولة الإمارات تدعم كل تحرك على طريق التسوية السلمية للأزمة، وحريصة على تقديم المساعدة إلى المدنيين المتضررين من الأزمة في أوكرانيا من منطلق نهجها الإنساني المتأصل في سياستها الخارجية”.
وقال مراقبون إن الإمارات تتفهم المخاوف الروسية وغير مستعدة لتجاوزها بحجة إنجاح الوساطة أو أن يكون عامل أسعار النفط مغريا لها، ولذلك لا تخفي تأكيدها الالتزام باتفاق أوبك+ وبالحفاظ على علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف، وتعطي الأولوية لوقف المعاناة الإنسانية للحرب.
وأشار المراقبون إلى أن الإمارات تدرك كذلك خطر التأرجح الأميركي الذي دفع بفرنسا وألمانيا إلى مواقف سرعان ما تراجع عنها الرئيس إيمانويل ماكرون والمستشار أولاف شولتس اللذان أعادا فتح الخطوط مع بوتين.
وتكتسب الوساطة الإماراتية ثقة الأميركيين كذلك بالرغم مما تبديه من عتب بشأن امتناع أبوظبي عن دعم مشروع قرار أميركي لإدانة روسيا، خاصة أن الإمارات باتت تترأس مجلس الأمن ويمكنها أن تساهم بفعالية في الدفع نحو التهدئة.
ويرى المراقبون أن الأميركيين يريدون استثمار العلاقة الجيدة التي تربط الإمارات بروسيا؛ وهي علاقة متشابكة ومتعددة الأوجه تجمع بين العلاقات الاقتصادية والعسكرية المتينة من جهة، وكذلك التحالف على مستوى منظمة أوبك+ وهو ما يتيح لواشنطن تأمين قناة تواصل متينة وذات مصداقية لدى الطرفين الروسي والأوكراني.
وبالتوازي مع الدور الإماراتي، تأتي زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى موسكو ولقاؤه ببوتين لتفتح طريقا ثانيا نحو الوساطة. وتستفيد إسرائيل من معطى تاريخي هام، حيث أن عددا كبيرا من الإسرائيليين ينظرون إلى روسيا وأوكرانيا كبلد ثان لهم، خصوصا الجيل الذي هاجر من الاتحاد السوفييتي أواخر الثمانينات وبعد انهيار جدار برلين، وأبناؤهم من الجيل الثاني الذين يشكلون حضورا سياسيا واجتماعيا كبيرا في المجتمع الإسرائيلي الفتيّ.

ومن جهة أخرى، فإن إسرائيل نجحت في أن تبني الثقة مع روسيا من بوابة وجودها في سوريا، وينظر إليها الإسرائيليون كصمام أمان للتوازنات في سوريا والمنطقة، فمن جهة منع تواجدها استفراد إيران بنظام الأسد الضعيف، ومن جهة ثانية وفّرت محطة التنسيق التي تسمح لإسرائيل بمهاجمة الأهداف الإيرانية في سوريا من دون عرقلة أو معوقات.
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي إن بينيت اجتمع مع بوتين في الكرملين السبت لبحث أزمة أوكرانيا.
وعرضت إسرائيل الوساطة في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، على الرغم من أن مسؤولين قللوا في السابق من التوقعات بإمكانية حدوث انفراجة.
وكانت تل أبيب أدانت التدخل الروسي وأرسلت مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا، لكنها قالت إنها ستحتفظ باتصالاتها بموسكو أملا في المساعدة في تخفيف حدة الأزمة.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قالت الشهر الماضي إن تل أبيب رفضت طلبا أوكرانيا بتزويدها بمنظومة “القُبة الحديدية”، المضادة للصواريخ خشية على علاقاتها مع روسيا.