تركيز جزائري على جذب الاستثمار لتنمية إنتاج الزراعة

طموحات للاستفادة من أكثر من نصف مليون هكتار لزيادة المحاصيل الإستراتيجية.
الثلاثاء 2025/02/18
أمّنوا غذاءكم ولا تستسلموا للتحديات

تسعى الجزائر إلى تسريع خطوات الإصلاح التي تستهدف تنمية إنتاجية الزراعة، والتي تطالب بها أوساط القطاع لمواجهة التحديات، بعدما بدأت السلطات تُظهر انفتاحا على جذب الاستثمار بعد سنوات من الانغلاق ضمن سياسات قديمة.

الجزائر - أكد محمد أمزيان لعناصري، المدير العام للديوان الوطني للأراضي الفلاحية الاثنين، أن بلاده تستهدف استقطاب استثمارات محلية وأجنبية جديدة لرفع إنتاج البلاد من المحاصيل الإستراتيجية، مثل القمح والذرة والشمندر السكري.

وقال في مقابلة مع بلومبيرغ الشرق إن “الحكومة خصصت أراضي بمساحة 120 ألف هكتار للمستثمرين في الولايات (المحافظات) المختلفة خلال 2025.”

وإضافة إلى ذلك، تعمل السلطات على استصلاح ما يزيد عن نصف مليون هكتار، وفق لعناصري، الذي أشار إلى أن الديوان يعكف على رصد مساحات صالحة للاستصلاح لطرحها عبر منصته الرقمية للمستثمرين.

محمد لعناصري: سنطرح على المستثمرين مساحات صالحة للاستصلاح
محمد لعناصري: سنطرح على المستثمرين مساحات صالحة للاستصلاح

وأفاد بأنه تم عمل تسويات مع المزارعين على نحو 96 في المئة من الأراضي المتنازع عليها، تم بموجبها منح حقوق امتياز لأكثر من 200 ألف مستثمر على إجمالي مساحة بلغت 2.3 مليون هكتار، مؤكدا أن العمل جار لعمل تسويات للمساحة المتبقية.

ويستفيد المستثمر من حق امتياز استغلال الأراضي لمدة 40 سنة قابلة للتجديد بدلا من حق الانتفاع، لحماية العقار الزراعي المملوك للدولة من الاحتكار، وفقا لقانون تم إقراره سنة 2010.

وتشير التقديرات إلى أن الجزائر تمتلك أكثر من مليون مستثمرة زراعية وحيوانية، لكن يبدو أنها لا تكفي لتحقيق الاكتفاء الغذائي بدليل أن الحكومة تعمل على تقليص فاتورة الاستيراد.

ودفعت موجة الجفاف، التي أثرت على إنتاجية المحاصيل، الجزائر إلى زيادة التوريد لتبلغ نحو 30 في المئة من احتياجاتها الغذائية سنويا على رأسها القمح، بقيمة تصل إلى 10 مليارات دولار.

ويرى المسؤولون أن الظروف التي فرضتها تغيرات المناخ تمثل دافعا قويا لتسريع النهوض بالزراعة، حيث لا تزال تحتاج إلى الكثير من المحفزات باعتبارها مجالا حيويا يؤمّن غذاء السكان، ومولّدا لفرص العمل، رغم المطبات التي تعترض تحقيق الأهداف.

وتصنف منظمة الزارعة والأغذية (فاو) البلد العضو في منظمة أوبك في المرتبة الرابعة عالميا، والثانية على مستوى أفريقيا ضمن الأكثر استيرادا للقمح، وبمعدل سنوي يتراوح بين 7 و11 مليون طن.

وتستهلك السّوق المحلية ما بين نحو 9 إلى 12 مليون طن سنويا من القمح بنوعيه اللين والصلب غالبيته مستورد وخاصة من السوقين الفرنسية والكندية.

يوسف شرفة: نريد زيادة مساهمة القطاع إلى أكثر من 15 في المئة
يوسف شرفة: نريد زيادة مساهمة القطاع إلى أكثر من 15 في المئة

ورغم اعتمادها على تجارة الوقود الأحفوري، تطمح الدولة إلى تحقيق نمو في الأنشطة غير النفطية بنحو 5 في المئة هذا العام، في ضوء مساعيها لتحرير اقتصادها من هيمنة النفط وجعله أكثر تنوعاً في ظل تقلبات أسعار الطاقة بفعل الأوضاع الجيوسياسية المضطربة.

وقال يوسف شرفة وزير الزراعة ردا على سؤال بلومبيرغ الشرق حول المشاريع التي تخطط الوزارة لإطلاقها في 2025، إن “العمل جارٍ لدراسة عقود مشاريع زراعية جديدة لمستثمرين محليين وأجانب.”

ونوّه بأن وزارته وضعت خططاً لمدة ثلاث سنوات قادمة بالتعاون مع الجهات الحكومية الأخرى مثل قطاعات الري والتجارة الداخلية والخارجية، لرفع مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي من نسبة 15 في المئة التي تم تحقيقها العام الماضي.

وتسعى السلطات إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب، والذي يعد من المواد واسعة الاستهلاك في البلد، الذي يعد من بين أكبر الموردين العرب للحبوب خاصة مع تعداد سكان يناهز نحو 47 مليون نسمة.

وسجلت الجزائر ارتفاعا في قيمة الناتج الإجمالي لقطاع الزراعة لموسم 2023 ـ 2024 بفضل إستراتيجية طموحة تتطلع من ورائها السلطات إلى تعظيم دور هذا المجال رغم تحديات الجفاف.

وقال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أمام المشرعين في ديسمبر الماضي إن “إنتاج القطاع الفلاحي يعادل 37 مليار دولار، ونطمح لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.”

وتعكف الحكومة على تنفيذ خطة إستراتيجية لتعزيز الأمن الغذائي، وقد وقّعت في أبريل الماضي مع قطر على اتفاقية لإقامة مشروع ضخم لإنتاج الحليب المجفف بتكلفة تتجاوز 3.5 مليار دولار.

كما أبرمت الجزائر مع إيطاليا في إطار الخطة ذاتها في شهر يوليو الماضي، على اتفاقية لإنجاز مشروع كبير في مجال الحبوب والبقول الجافة والعجائن الغذائية بقيمة 420 مليون يورو.

120

ألف هكتار من الأراضي الزراعية خصصتها الحكومة للمستثمرين خلال العام 2025

ومن المتوقع أن يسهم المشروع في تعزيز الإنتاج المحلي من الحبوب والبقول الجافة وزيادة الصادرات خارج النفط والغاز من خلال تصدير العجائن الغذائية.

وأطلقت الحكومة منصة رقمية للمستثمرين في إطار سلسلة إصلاحات عديدة، تشمل أيضاً توفير 40 ألف هكتار للمشاريع الاستثمارية مع إقبال متوقع من الشركات الأوروبية.

وتستحوذ دول الاتحاد الأوروبي على 24 في المئة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في الجزائر، المقدرة بنحو 23 مليار يورو. كما أن هناك تعهدات باستثمار 2.5 مليار دولار، بحسب دييغو ميادو باسكوا، سفير بعثة الاتحاد في مقابلة مع بلومبيرغ الشرق.

وخلال العام الجديد ستكون ميزانية الجزائر هي الأكبر في تاريخها بواقع 113 مليار دولار، وبعجزٍ متوقع قُدِّر بـ45 مليار دولار. وتميزت بزيادة النفقات الاستثمارية، وتخفيف الضرائب عن الشركات الناشئة ورفع الأجور واستمرار منظومة الدعم.

وتعتبر الجزائر من الدول التي تخصص موازنة كبيرة لدعم الأسعار، فخلال العام الجديد سيبلغ إنفاقها في هذا الصدد 42 مليار دولار، أي ما يمثل أكثر من ثلث الموازنة.

ويشمل ذلك الدعم النقدي للأفراد والشركات الحكومية ودعم التعليم والصحة وبرامج السكن، وفق بيانات رسمية.

وتتمسك الحكومة بسياسة دعم وخفض أسعار الطاقة والغذاء للمحافظة على القدرة الشرائية. ومن المتوقع أن يعرف التضخم تراجعا إلى 5.2 في المئة هذا العام، من 5.3 في المئة العام الماضي، بحسب آخر تقرير لصندوق النقد الدولي حول آفاق الاقتصاد الإقليمي.

وتستهدف الجزائر تحقيق نمو 4.5 في المئة خلال العامين الحالي والمقبل ليبلغ الناتج المحلي الإجمالي حوالي 266 مليار دولار، وسط مساعٍ لتعزيز الاستثمار ودفع القطاع الزراعي والصناعي وتخفيض الواردات.

ومع أن الحكومة تتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.7 في المئة خلال العام في 2027، إلا أنها تراهن على انتعاش صادرات النفط والغاز في عامي 2025 و2026 لتحقيق أهدافها.

11