تركيز تركي على دعم قدرات قطاع التعدين لتحفيز النمو

أنقرة - تحشد تركيا جهودها بغية تعزيز قدرات قطاع المعادن، أملا في تحفيز نمو الاقتصاد خلال السنوات المقبلة، وفي الوقت ذاته محاولة اقتحام المنافسة في مجال يشهد اهتماما من كبار المنتجين العالميين المدفوعين بالطلب على الأتربة النادرة.
وكشف مسؤولون عن إصرار كبير على تحريك عجلات الاقتصاد من خلال توجيه بوصلتهم إلى العديد من المحاور الأساسية في مسار التنمية من خلال العمل على الاستفادة من الثروات الطبيعية، علها تكون مصدرا مستقبليا للإيرادات المستدامة بما يدعم الميزانية.
وتروج الحكومة للقطاع على أنه يتمتع بمكانة مهمة في الأسواق العالمية، وهو من أهم المجالات المساهمة في سد العجز في الحساب الجاري للدولة التي تعاني من اختلالات مالية.
وما يزيد الأمر تعقيدا هو عودة معدل التضخم إلى الارتفاع ليصل مع نهاية نوفمبر الماضي إلى 62 في المئة، وفق ما أظهرت بيانات رسمية الاثنين.
وقال علي أمير أوغلو، رئيس مجلس إدارة اتحاد عمال المناجم في تركيا، إن “اكتشافات جديدة حصلت مؤخرا لمختلف المعادن المهمة في مناطق عديدة في البلاد، مثل الزنك عالي الجودة الذي اكتشف في مناطق شرق وجنوب الأناضول”.
وأضاف لوكالة الأناضول “حظينا باكتشافات جديدة للنحاس بولاية إلازيغ شرق الأناضول، حيث يعتبر من الموارد المهمة في البلاد”.
واعتبر أمير أوغلو أن أسعار المعادن، التي بلغت ذروتها خلال فترة الجائحة، وحتى الآن، دعمت صادرات القطاع بشكل كبير.
ومع ذلك لا تبدو العوائد كافية، إذ تشير إحصائيات الاتحاد إلى أنه تم تصدير بما قيمته 502 مليون دولار في نوفمبر الماضي، ونحو 487.2 مليون دولار في سبتمبر.
وبلغت قيمة صادرات التعدين في الأشهر الأحد عشر الأولى من العام الماضي نحو 5.9 مليار دولار، وهو رقم قياسي، وفق اتحاد مصدري المعادن بإسطنبول. وفي عام 2021، جنت تركيا إيرادات بلغت 5.93 مليار دولار.
وزادت قيمة صادرات القطاع بين يناير ونوفمبر الماضيين، بمعدل 10.23 في المئة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
ويبلغ العجز التجاري الخارجي لتركيا الناجم عن الطاقة والتعدين، مستوى 100 مليار دولار، وبالتالي يعتقد أمير أوغلو أن ثمة إمكانية لزيادة الصادرات إلى 15 مليار دولار، وإنتاج الذهب إلى مئة ألف طن، خلال عشر سنوات.
وقال إن قطاع التعدين هو “القطاع الوحيد الذي يمكنه سد العجز في الحساب الجاري”. وأكد أن الصين والولايات المتحدة وبلغاريا، تصدرت قائمة البلدان الأكثر استيرادا.
وقبل سنوات ذكرت الهيئة العامة للتنقيب وتقييم المعادن في تركيا أن البلاد تصنف العاشرة من بين دول العالم بمصادرها المعدنية بينما تعتبر الأفقر في استخدامها.
وأوضحت أن تركيا تزخر باحتياطيات معدنية تبلغ 50 مليار طن من بينها 49 نوعا خاصا يصلح للتجارة. ورغم احتلال البلاد تلك المرتبة في تنوع المعادن، لكنها تصنف في المرتبة الثامنة والعشرين بين الدول من حيث الإنتاج وتشغيل المعادن.
وتمتلك تركيا ثروة باطنية من المعادن تشمل الفوسفات والنحاس والدولوميت والفحم الحجري والحديد والرصاص والذهب باحتياطي يبلغ 600 ألف طن والفضة باحتياطي يبلغ 60 ألف طن، وتعد من بين أكبر منتجي الكروم.
وأوضح أمير أوغلو أن تركيا تتمتع بإمكانات غنية من الموارد المعدنية، حيث إنها في المركز الأول عالميا في صادرات الرخام والفلسبار والترافرتين.
كما أنها تحتل المركز الثاني بصادرات خام الكروم، والثالث في صادرات الحجر الطبيعي ومعدن البور، والثامن عالميا في صادرات الزنك، والعاشر في صادرات الرصاص.
وعن احتياطيات الذهب، قال أمير أوغلو إن بلاده “تحتل المرتبة الحادية عشرة عالميا من حيث احتياطيات الذهب، فضلا عن أنها البلد الأكثر إنتاجا للذهب بين دول الاتحاد الأوروبي”.
وأكد أن هذه المعلومات تظهر إمكانات تركيا في قطاع التعدين، وضرورة زيادة عمليات التنقيب والاستثمارات الجديدة.
5.9
مليار دولار عوائد القطاع سنويا والعجز التجاري الناجم عن الطاقة يبلغ 100 مليار دولار
وتعمل منشأة بيلك أوفا بولاية أسكي شهير شمال غرب البلاد، حيث تم اكتشاف عناصر أرضية نادرة، تستخدم في مجالات عديدة، مثل الطيران والدفاع وصناعة الفضاء والطب الحيوي.
ويتطلع اتحاد عمال المناجم إلى تقديم المنشأة مساهمات جدية للاقتصاد التركي، عبر الاستثمارات التي سيتم تقديمها في مجال التعدين.
ورغم ذلك فإن ثمة تحديات تواجه صناعة التعدين التركية أولها كثرة المخاطر، ونقل التكنولوجيا، إلى جانب التوترات الجيوسياسية والمنافسة التجارية الشرسة بين كبار اللاعبين.
وقال أمير أوغلو إن “صناعة التعدين تواجه مخاطر في أجزاء مختلفة من العالم بسبب الصراعات والتوترات، فضلا عن الحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين”.
وذكر أن “استثمارات قطاع التعدين هي استثمارات كبيرة الميزانية وطويلة الأجل، ومحفوفة بالمخاطر”.
وأضاف أن “الإجراءات المتخذة في الدول المتقدمة، في ما يتعلق بالبيئة وصحة الإنسان وسلامته في قطاع التعدين تطبقها تركيا أيضا، من التكنولوجيا المتقدمة والمعرفة”.
وفي أغسطس الماضي، التقى وزير الطاقة ألب أرسلان بيرقدار بوزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف ووقّعا مذكرة تفاهم تمهد الطريق للتعاون بين البلدين في مجال التعدين.