تركيبة مجلس الأعيان الأردني الجديد تتماشى مع نهج التغيير وغياب الإسلاميين

اختيار التركيبة يحمل رسالة سياسية بشأن التحولات في البلاد.
السبت 2024/10/26
المتطلبات الوطنية انعكست على اختيار الأعيان

عكست تشكيلة مجلس الأعيان الجديدة التغيرات التي طرأت على مجلس النواب والحكومة الأردنييْن، لإكمال برامج الإصلاح والتحديث الداخلية رغم وجود تحديات تتعلق بأوضاع إقليمية وأمنية وعسكرية صعبة في المنطقة.

عمان - ضمت تشكيلة مجلس الأعيان الأردني 31 وجها جديداً من بين 69 عينا مع احتفاظ فيصل الفايز برئاسته، فيما خلت من شخصيات محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين وحضور هامشي لأحزاب اليسار، في مؤشر على أن التركيبة تسير على نهج التغيير في مجلس النواب والحكومة.

وأصدر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الخميس مرسومين يقضيان بحل مجلس الأعيان (الغرفة الثانية للبرلمان)، وإعادة تشكيله برئاسة فيصل الفايز. وأفاد الديوان الملكي الأردني، في بيان “صدرت الإرادة الملكية السامية الخميس، بحل مجلس الأعيان اعتبارا من تاريخ 24 أكتوبر 2024”. وأضاف “كما صدرت الإرادة الملكية بتعيين الذوات التالية أسماؤهم، أعضاء في مجلس الأعيان، اعتبارا من التاريخ نفسه”، وذكر أسماء الأعضاء وعددهم 69.

ويعد مجلس الأعيان أحد أجهزة مجلس الأمة الأردني، الذي يعمل على اقتراح مشاريع القوانين وإقرار مشاريع القوانين الواردة من السلطة التنفيذية.

وانعكست المتطلبات الوطنية على اختيار الأعيان فقد ضمت تشكيلة المجلس 5 رؤساء وزراء سابقين و9 أعضاء سيدات، وأضيفت شخصيات اقتصادية بارزة أهمها رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق الخبير الأبرز في الملف التجاري بالبلاد إضافة إلى وزير المالية الأسبق الدكتور محمد العسعس والذي تسعى الحكومة الجديدة لتحميله مسؤولية الكثير من القرارات التي تتّخذها الآن.

 ويرى متابعون أن اختيار التركيبة الجديدة يحمل رسالة سياسية بأن البلاد أمام سلسلة من التحولات لإكمال برامج الإصلاح والتحديث الداخلية واكتمال المؤسسات رغم وجود تحديات تتعلق بالأوضاع إقليمية وأمنية وعسكرية صعبة في المنطقة.

5

رؤساء وزراء سابقين في تشكيلة مجلس الأعيان و9 أعضاء سيدات، وأضيفت شخصيات اقتصادية بارزة

ويبدو واضحا أن المطلوب من مجلس الأعيان دعم حكومة حسّان في مسيرة الإصلاح، إذ أنها تضم خبرات بيروقراطية وخبرات نيابية ونقابيّة سابقة تأهباً لـ”المواجهة المرتقبة” مع مجلس النواب الذي سيتعامل مع استحقاقين دستوريين في مطلع عهده، هما مناقشة البيان الحكومي والتصويت على الثقة، واستحقاق مناقشة وإقرار قانون الموازنة العامة المُثقل بأرقام العجز وارتفاع سقوف خدمة المديونية الخارجية والداخلية.

وكذلك سيتعامل مع مطالبات نيابية موسمية بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، ومطالب اقتصادية لم يعد بإمكان الحكومات الاستجابة لها في ظل تنامي أرقام المديونية العامة وعجز الموازنة. وفضلاً عن ذلك، فإن الرئيس الجديد المعروف عنه الحزم سيواجه بنواب عُرف عنهم الإسراف في المطالبات الخدمية.

والفايز من أصحاب الخبرة الطويلة في العمل العام، وكان دائما في دائرة صناعة القرارات بحكم المناصب الرفيعة التي تولاها الى جانب حضوره الشعبي وعلاقاته الواسعة مع مختلف شرائح المجتمع والقوى الوطنية والسياسية ويتمتع بمكانة خاصة لدى قبيلته “بني صخر” إحدى أكبر القبائل الأردنية ويحمل لقب شيخ مشايخ الأردن.

وتضمّنت تشكيلة مجلس الأعيان الجديدة تمثيلا وازنا لرموز التيارات المحافظة والحرس القديم في الدولة، مع مراعاة التوازن الحزبي والشعوبي إضافة إلى المكانة الرمزية للشخصيات التي تعتبر وازنة ومؤثرة سياسياً وتمتلك القبول على الصعيدين المحلي والدولي.

تشكيلة مجلس الأعيان الجديدة تضمّنت تمثيلا وازنا لرموز التيارات المحافظة والحرس القديم في الدولة

وانسحب غياب أحزاب اليسار عن الحكومة على مجلس النواب تقريبا، فما حدث من دخول الأحزاب في الحكومة الجديدة كان بمثابة إدماج لأشخاص حزبيين وليس إشراكا للأحزاب؛ إذ أن إشراك الأحزاب في الحكومة يقتضي تحمل الحزب للمسؤولية معها إذ لا يجوز للحزب الذي يتم إشراكه بالحكومة أن يعارض أو ينتقد عملها وهو عضو فيها.

وكانت نتائج الانتخابات النيابية مؤشر واضح على فقدان اليسار قدرته على التنظيم وحشد الأصوات، وبالتالي غابت قيادات اليسار عن البرلمان. وهذه النتيجة الانتخابية كشفت حجم التأييد الشعبي المتراجع، وضعف اليسار في بناء مشروع سياسي فاعل على الساحة السياسية في البلاد، بسبب غياب القيادات الحزبية اليسارية الفاعلة داخل المجتمع الأردني.

وأدت نتائج الانتخابات حكما إلى غياب شبه كامل لليسار الأردني عن تشكيلة مجلس الأعيان مما سيؤدي إلى فقدانه حتى حضور رمزي. ويتسبب في حرمان التيار من موقع هام يتيح له المشاركة في صنع القرار والتأثير على السياسات العامة.

ويمارس مجلس الأمة دوراً رقابياً على أعمال السلطة التنفيذية من ناحية أدائها للاختصاصات المخولة لها بحكم الدستور، فرئيس الوزراء والوزراء مسؤولون أمام مجلس الأمة مسؤولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة ويمارس مجلس الأمة اختصاصاته الرقابية من خلال الوسائل الرقابية الخاصة التي حددها الدستور الأردني من أجل تمكين أعضاء مجلس الأمة بمتابعة ومراقبة سير البرامج الحكومية.

ومدة رئاسة مجلس الأعيان عامان، ويجوز التمديد لولاية ثانية، أما مدة العضوية في المجلس فهي 4 سنوات، لكن يحق للملك دستوريا حله وتعيين أعضاء جدد.

ويتألف مجلس الأعيان بما فيه الرئيس، من أعضاء لا يتجاوزون نصف عدد مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان ويبلغ عدد مقاعده 138 نائبا)، ويتم تعيين الأعضاء والرئيس من الملك مباشرة، وفق الدستور الأردني.

وجرى في 18 سبتمبر الماضي، تشكيل حكومة جديدة برئاسة جعفر حسان، حوالي 72 في المئة من أعضائها هم وزراء سابقون، وقبل ذلك، تم إجراء الانتخابات البرلمانية في 10 سبتمبر الفائت وأسفرت عن حصول حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين)، المصنفة معارضة، على 31 مقعداً من مقاعد مجلس النواب الـ138 بنسبة 22 بالمئة من المقاعد، وهي نتائج غير مسبوقة منذ أكثر من ثلاثة عقود، في انتخابات خيّمت عليها الحرب على غزة، إضافة إلى نواب من الأحزاب الوسطية ونواب مستقلين.

2