تركيبة جديدة لمجلس الصحافة التونسي.. هل تغير واقع القطاع

انتخاب منوبي المروكي، أحد الوجوه المعروفة في القطاع، رئيسًا للمجلس.
الاثنين 2025/05/19
المجلس يعتبر فاعلا مركزيا في تنظيم المشهد الإعلامي

تونس - أعلن مجلس الصحافة في تونس، عن توزيع المهام داخل مكتبه الجديد وانتخاب رؤساء لجانه الثلاث الدائمة، في خطوة مهمة نحو تعزيز دور هذه الهيئة في المشهد الإعلامي التونسي الذي يشهد تراجعا في الأداء وضعفا في ثقة الجمهور به.

وقد تم انتخاب منوبي المروكي، أحد الوجوه المعروفة في القطاع، رئيسًا للمجلس الذي تضم تركيبته الجديدة أعضاء من خلفيات متنوّعة لتعزيز ديناميكية مهنية تهدف إلى حماية العمل الصحفي، في سياق سياسي ومؤسساتي معقّد.

وأكدت جمعية دعم مجلس الصحافة أن هذه التركيبة تمثل دفعة جديدة لمسار حرية التعبير وترسيخ القيم المهنية في تونس، مشيرةً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد إطلاق برامج تدريبية وتعاون دولي لتعزيز قدرات الصحافيين ومؤسساتهم.

وتضم تركيبة المجلس ثلاثة أطراف ممثلة عن الصحافيين وأصحاب وسائل الإعلام والمجتمع المدني. ويتم اختيار أعضاء مجلس الصحافة من قبل النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، والجامعة التونسية لمديري الصحف، والنقابة العامة للإعلام التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل (النقابة المركزية)، والغرفة النقابية لأصحاب التلفزات الخاصة، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان التي تمثل الجمهور في المجلس.

ويلعب مجلس الصحافة دور محكمة الشرف للصحافيين ويسعى إلى الدفاع عن حرية الصحافة، وضمان حق الجمهور في الحصول على المعلومة، واعتماد الممارسات الصحفية الجيدة، وتعزيز مبدأ “التعديل الذاتي” وأخلاقيات المهنة بين الصحافيين والمؤسسات الإعلامية في تونس.

ويعتبر المجلس فاعلا مركزيا في تنظيم المشهد الإعلامي بشكل مستقل في تونس، حيث يتولى مهام متعددة وأساسية لتعزيز الديمقراطية، من بينها مرافقة الصحافيين والمؤسسات الإعلامية في ممارسة صحافة مهنية تحترم معايير الجودة وأخلاقيات المهنة، وحماية استقلالية وسائل الإعلام، والتصدي لأي شكل من أشكال الضغط أو التدخل الخارجي. ومراقبة المبادرات السياسية أو التشريعية التي قد تمسّ بحق النفاذ إلى المعلومة أو تقيد حرية التعبير. وإبداء الرأي حول مشاريع القوانين ذات العلاقة بالقطاع الإعلامي، واقتراح إجراءات عملية لتحديث المهنة وتعزيزها.

ومن مهامه، تشجيع التكوين المستمر للصحافيين، والترويج لتربية إعلامية متاحة للجميع. وتطوير شراكات وطنية ودولية، تسهم في تبادل الخبرات وربط الصلة بهيئات مماثلة عبر العالم.

ويعمل المجلس بشكل مستقل، دون صلاحيات زجرية، ويضطلع بدور سلطة معنوية تُوجّه وتُوصي وتُؤثّر إيجابيًا في القطاع الإعلامي.

ومن خلال مهامه في التنظيم الذاتي والرصد والوساطة، يسعى المجلس إلى أن يكون ركيزة أساسية لحرية الإعلام، في خدمة الصحفيين والمواطنين على حدّ سواء، من أجل صحافة حرة، أخلاقية، ومنخرطة في الصالح العام.

وجاء إحداث المجلس قبل حوالي خم

المرحلة المقبلة ستشهد إطلاق برامج تدريبية وتعاون دولي لتعزيز قدرات الصحافيين ومؤسساتهم.

س سنوات نتيجة لمطالب الصحافيين والعاملين في القطاع وذلك في سياق تصاعد فيه نسق انتشار الأخبار الزائفة وانتهاك أخلاقيات الصحافة، إذ يأمل المهنيون أن يكون هذا الهيكل قادرا على أداء دوره في تعزيز أخلاقيات الصحافة.

ورصد المجلس مؤخرا تدهور ثقة الجمهور بالإعلام التونسي، وأعد دراسة بهذا الشأن أظهرت أن 82 في المئة من التونسيين فقدوا ثقتهم في الإعلام التونسي. ويعود هذا التراجع إلى “الكرونيكورات”، وهم المعلّقون الدائمون على الأحداث في البرامج التلفزيونية والإذاعية، حيث حمّلهم المستجوبون جزءًا كبيرًا من مسؤولية التدهور الذي يشهده الخطاب الإعلامي في السنوات الأخيرة.

وتشير المعطيات إلى أن هؤلاء المعلقين، الذين أصبحوا وجوهًا يومية مألوفة لدى المتلقي التونسي، متهمون بعدم الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية التي تقتضيها مهنة الصحافة.

وقد عبر عدد واسع من المشاركين في الدراسة عن استيائهم من غلبة أسلوب الإثارة والصراخ والجدال في مداخلات الكرونيكورات، مقابل غياب التحليل العميق والنقاش الهادئ المبني على المعلومة الدقيقة والمعطى الموثوق، مما ساهم في تعميق فجوة الثقة بين وسائل الإعلام والجمهور.

كما كشفت الدراسة أن 64 في المئة من التونسيين لا يثقون بالإعلام التقليدي بصفة عامة، في حين ترتفع هذه النسبة إلى 78 في المئة لدى الفئة العمرية بين 18 و35 سنة، وهي شريحة تمثل النسبة الأكبر من مستهلكي المحتوى الرقمي. وتبرز نتائج الدراسة أن قرابة 80 في المئة من الشباب باتوا يعتمدون على تطبيق “تيك توك” كمصدر أول للمعلومة، متجاوزين بذلك القنوات التلفزيونية والإذاعية.

وقالت اعتدال المجبري رئيسة المكتب السابق لمجلس الصحافة في مداخلتها ضمن فعاليات ندوة نظمتها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، في إطار إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة، إنّ 90 في المئة من الجمهور لا يعرفون معنى التعديل الذّاتي، وإنّ نسبة ضئيلة جدا من المستجوبين (2.9 في المئة) على علم بوجود هيكل اسمه “مجلس الصحافة.”

وقالت المجبري إنّ الصّحافيين المستجوبين صرحوا في خانة “الملاحظات الحرّة” في الاستبيان بأنّهم “تعرّضوا للرّقابة، وعانوا من غياب أرضيّة مهنيّة وأخلاقيّة يمكن اعتمادها كمرجعيّة للتّحكيم.”

وبحسب متابعين فإن أزمات قطاع الإعلام استفحلت بسبب أخطاء مهنية شارك في ارتكابها عاملون في المؤسسات الإعلامية ومشرفون عليها، منها الانخراط في لعبة المصالح وصراعات اللوبيات. وكان من نتائجها الخلط بين الحريات الصحفية والفلتان الإعلامي والأمني.

ويرى إعلاميون ومثقفون أن أزمة الإعلام الأساسية تتمثل في غياب المهنية لحساب المال بسبب قلة احترام بعض الوجوه في قطاع الإعلام، ومعها تيار من الصحافيين، لأخلاقيات المهنة ومواثيق الشرف المهنية والنقابية، وللقوانين المنظمة لقطاع الإعلام.

5