تركيا تواصل حملة الاعتقالات في صفوف الجيش بشبهة الانتماء لشبكة غولن

الشرطة التركية تعتقل 158 جنديا بتهمة ارتباطهم بالداعية الراحل فتح الله غولن ألد خصوم الرئيس رجب طيب أردوغان والمتهم بتدبير محاولة الانقلاب الفاشل في 2016.
الثلاثاء 2025/06/24
حملة الاعتقالات تثير تساؤلات حول التوازن بين الأمن القومي والحريات

إسطنبول - أعلنت النيابة العامة في إسطنبول أن الشرطة التركية أوقفت 158 جنديا الثلاثاء للاشتباه في ارتباطهم بالداعية الإسلامي الراحل فتح الله غولن المتهم بتدبير محاولة انقلاب عام 2016.

وتعكس هذه الإيقافات استراتيجية تركية مستمرة لمكافحة ما تعتبره تهديدًا وجوديًا من قبل شبكة غولن، لكنها في الوقت نفسه تثير تساؤلات حول التوازن بين الأمن القومي والحريات الفردية، وتؤثر على علاقات تركيا الداخلية والخارجية.

وأفادت وكالة أنباء الأناضول الرسمية بأن هذه التوقيفات التي تُضاف إلى توقيف حوالي خمسين جنديا آخرين في نهاية مايو، نُفذت في 43 من أصل 81 محافظة في البلاد، بينها إسطنبول وإزمير.

وأوضحت النيابة العامة أن 18 جنديا آخرين ما زالوا مطلوبين وأن هذه التوقيفات تستهدف القوات البرية في المقام الأول.

وتوفي فتح الله غولن في أواخر أكتوبر 2024 في الولايات المتحدة حيث عاش لأكثر من 25 عاما، وكان حليفا مقربا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أن يُصبح خصمه اللدود.

وتتهم أنقرة أتباع غولن بالتسلل إلى المؤسسات التركية وبينها القضاء والجيش والشرطة والنظام التعليمي، لإقامة "دولة موازية".

ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 أوقف حوالي 26 ألف شخص بتهمة الانتماء إلى جماعة غولن التي تصنفها أنقرة "إرهابية"، واحتجز من بينهم أكثر من تسعة آلاف شخص، بحسب القضاء التركي. وحتى بعد وفاة غولن، تعهدت تركيا بملاحقة أتباعه في كل أنحاء العالم.

وهذه الإجراءات ليست منعزلة، بل تأتي في سياق حملة مستمرة تشنها الحكومة التركية ضد من تعتبرهم على صلة بمنظمة غولن، التي تصنفها ككيان إرهابي وتتهمها بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016.

ويشير هذا الإجراء إلى أن الحكومة التركية لا تزال عازمة على تطهير مؤسسات الدولة، وخاصة الجيش، من أي عناصر يُعتقد أنها موالية لغولن. وعلى الرغم من مرور سنوات على محاولة الانقلاب، يبدو أن السلطات لا تزال ترى وجودا لخلايا نائمة أو أفراد يمكن أن يشكلوا تهديدًا.

وترى الحكومة التركية أن شبكة غولن، أو ما تسميها "الكيان الموازي"، لا تزال تشكل تهديدًا للأمن القومي. وإيقاف هذا العدد من الجنود يعكس قناعة الحكومة بأن هذه الشبكة متجذرة بعمق في هياكل الدولة.

وتهدف هذه الاعتقالات إلى إرسال رسالة واضحة للموالين المحتملين لغولن داخل المؤسسات الحكومية والعسكرية بأن السلطات لن تتهاون مع أي محاولة للتنظيم أو العمل ضد الدولة.

واستمرار إيقاف وتوقيف الأفراد من الجيش يمكن أن يؤثر على هيكله وربما معنويات بعض أفراده، خاصة إذا كان هناك شعور بأن بعض الاعتقالات تتم بناءً على أدلة واهية أو اتهامات غير مؤكدة.

ويمكن أن تثير هذه الإجراءات انتقادات من المعارضة المحلية والمنظمات الحقوقية التي قد ترى فيها استهدافا سياسيا أو انتهاكًا للإجراءات القانونية الواجبة. وهذا يمكن أن يزيد من الاستقطاب السياسي في البلاد.

وغالبًا ما تثير حملات الاعتقالات الواسعة في تركيا انتقادات من الدول الغربية والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان. وقد يؤثر ذلك على علاقات تركيا الدبلوماسية، خاصة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ويجدد المخاوف بشأن سيادة القانون والحريات في تركيا.

ويمكن أن تضر هذه الإجراءات بصورة تركيا الدولية كدولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان، مما قد يؤثر على الاستثمارات الأجنبية والسياحة.

ويظل إثبات العلاقة المباشرة بفتح الله غولن أو تورط الأفراد في محاولة الانقلاب تحديًا للسلطات التركية. وغالبًا ما تعتمد القضايا على شهادات أو أدلة رقمية يمكن أن تكون محل جدل.

ومن ناحية أخرى، تهدف هذه الإجراءات إلى زيادة الضغط على أي شبكات متبقية لغولن داخل تركيا، مما قد يدفع أعضاءها إلى التخفي أو محاولة الفرار.