تركيا تندفع إلى تضخيم ديونها من الأسواق الدولية

أنقرة - فرضت الظروف المالية التي تمر بها تركيا على السلطات طرق باب الديون من الأسواق الدولية مرة أخرى، أملا في امتصاص الصدمات المتتالية التي تأتي قبل أسابيع على الانتخابات.
واقترضت أنقرة 2.25 مليار دولار في أول طرح سندات دولية لها في أعقاب الزلازل المدمرة التي ضربت الشهر الماضي.
وقالت وزارة الخزانة والمالية الخميس إنها “باعت سندات مقومة بالدولار تستحق في مارس 2029 بعائد 9.5 في المئة”، مشيرة إلى أنها تلقت طلبات بأكثر من ثلاث مرات.
وأوضحت أن حوالي مئتي مستثمر تقدموا بعروض لشراء السندات، مع بيع 35 في المئة للمستثمرين في المملكة المتحدة، و21 في المئة في الولايات المتحدة، و19 في المئة بالسوق المحلية، و14 في المئة لمستثمرين أوروبيين وعشرة في المئة في الشرق الأوسط.
◙ الأضرار الناجمة عن الزلازل زادت من الضغوط الاقتصادية في بلد يعاني بالفعل من تباطؤ النمو والتضخم المتفشي قبل الانتخابات في مايو
وزادت الأضرار الناجمة عن الزلازل من الضغوط الاقتصادية في بلد يعاني بالفعل من تباطؤ النمو والتضخم المتفشي قبل الانتخابات في مايو، عندما يسعى الرئيس رجب طيب أردوغان، أطول فترة لزعيم في البلاد، إلى فترة ولاية أخرى مدتها خمس سنوات.
وجاء أحدث نهج لتركيا تجاه أسواق الديون الدولية أيضا بعد المزيد من التعليقات المتشددة من رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول، والذي أدى مؤشره على تسارع ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية إلى زيادة تكاليف الاقتراض في الأسواق الناشئة.
وحصلت تركيا حتى الآن هذا العام على 5 مليارات دولار من أسواق الديون الدولية من خلال صفقتين، وهو نصف هدفها البالغ 10 مليارات دولار لعام 2023.
وجمعت الحكومة في العام الماضي 11 مليار دولار من خلال مبيعات السندات العالمية، شملت سندات إسلامية بقيمة ثلاثة مليارات دولار بعائد بلغ 7.25 في المئة.
ويأتي هذا الاقتراض بعد وقت وجيز من ضخ السعودية وديعة في البنك المركزي التركي بقيمة خمسة مليارات دولار لمساعدة أنقرة على توفير السيولة النقدية في سوقها ومواجهة التقلبات التي تعتري اقتصادها.
وبحسب أحدث البيانات، فإن إجمالي الدين الخارجي لتركيا، الذي يتعين سداده أو تجديده خلال عام هو 182.3 مليار دولار مع 83.3 مليار دولار العبء المرجح على القطاع المصرفي، ستتحمل البنوك الخاصة نحو 54.2 مليار دور من المبلغ.
وتبلغ نسبة السداد لقطاع الشركات 65.7 مليار دولار، ولكن ما يقرب من 70 في المئة من المبلغ يتكون من ديون متعلقة بالواردات مثل خطابات الاعتماد، أي حجم لا يحمل مخاطر التجديد، والذي سيتبع حركة نمو الاقتصاد.
ويتزامن إعلان تركيا عن طرح السندات الجديدة مع تراجع عملتها المحلية إلى أدنى مستوى أمام الدولار والذي بلغ 18.95 ليرة.
وتزيد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة منتصف مايو المقبل من حالة عدم اليقين، إذ إن الانتخابات ستحسم ما إذا كانت تركيا ستواصل سياساتها الاقتصادية غير التقليدية تحت حكم الرئيس رجب طيب أردوغان أم ستعود إلى الاقتصاد الحر كما وعدت المعارضة.
وفقدت الليرة التركية حوالي 30 في المئة من قيمتها مقابل الدولار العام الماضي، نتيجة المخاوف المتعلقة بالسياسة النقدية وتداعيات الحرب في أوكرانيا.
ولكنها استقرت إلى حد كبير منذ أغسطس الماضي ويرجع ذلك إلى تدخل السلطات في سوق الصرف الأجنبي، بما في ذلك انخفاض بقيمة 9.4 مليار دولار للاحتياطي النقدي منذ الزلزال الأول الذي ضرب تركيا في أوائل فبراير الماضي.
وفي غضون ذلك، أعلن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أنه سيستثمر حوالي 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) في المناطق المتضرّرة جراء الزلزال في تركيا، على مدى السنتين المقبلتين.
وذكر البنك الذي يتخذ من لندن مقرّا في بيان أن استجابته تشمل “600 مليون يورو على شكل خطوط ائتمان للبنوك المحلية، من أجل الشركات والأفراد المتضرّرين بشكل مباشر من الزلزال” الذي وقع في جنوب تركيا.
◙ الاقتراض يأتي بعد وقت وجيز من ضخ السعودية وديعة في البنك المركزي التركي لمساعدة أنقرة على توفير السيولة النقدية في سوقها
وقال المدير الإداري للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار في تركيا أرفيد توركنار، إنّ البنك على استعداد لدعم “القطاع الخاص في تركيا للتعافي وإعادة الإعمار”.
وأعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء الماضي أن الزلزال المدمّر تسبب بأضرار تجاوزت قيمتها 100 مليار دولار في تركيا وحدها.
وقدّر البنك الدولي الأسبوع الماضي قيمة الأضرار المادية وحدها بأكثر من 34 مليار دولار في تركيا، وكلفة إعادة الإعمار بضعف هذه القيمة.
وبالنسبة إلى المركزي التركي، فإنّ الحفاظ على استقرار الليرة هو حجر الأساس في كبح معدل التضخم الذي تجاوز 85 في المئة مع نهاية 2022، قبل أن يتراجع إلى 55.18 في المئة بنهاية فبراير الماضي.
ودفع تزايد التحويلات المالية البنك المركزي إلى تحذير البنوك المحلية من تحويل أي دولارات إلى نظرائها من البنوك المراسلة في الخارج.