تركيا تمنع البنوك من تحويل الدولارات لحماية عملتها المتداعية

الزلزال يضغط بشدة على الاحتياطات النقدية لدى البنك المركزي.
الاثنين 2023/02/27
الدفاع عن آخر ليرة في السوق

عكس تشديد البنك المركزي التركي قيود التحويلات المصرفية بالدولار إلى الخارج حجم المخاوف التي تنتاب صانع القرار السياسي والنقدي من أن يستمر نزيف الليرة بعدما زادت كارثة الزلزال من متاعبها، وسط محاولات تبدو عقيمة للخروج من هذه الورطة.

أنقرة- دخلت السلطات النقدية التركية في جولة جديدة تبدو أكثر صعوبة هذه المرة من سياسة التشديد لدعم العملة المحلية المترنحة أمام الدولار الأميركي وحماية أموال المودعين عبر منع القطاع المصرفي من تحويل الدولارات.

وترك الزلزال الذي ضرب أجزاء من البلاد في وقت سابق هذا الشهر تداعيات قاسية على المؤشرات الاقتصادية، في وقت كانت تأمل فيه السلطات اجتياز مرحلة تأثيرات الحرب في شرق أوروبا قبل موعد الانتخابات المقررة في مايو المقبل.

ويواجه الرئيس رجب طيب أردوغان تحديا كبيرا على صعيد الاقتصاد بعدما التهم الارتفاع الجنوني للتضخم شعبيته كما زاد الزلزال من الصعوبات قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

2.5

مليار دولار صافي التحويلات من البنوك التجارية في أول 6 أسابيع من هذا العام

وكشفت مصادر مطلعة لوكالة بلومبيرغ أن البنك المركزي حذر جهات الإقراض في البلاد من تحويل أي دولارات إلى نظرائها من البنوك المراسلة في الخارج.

وجاءت الخطوة بعد أن بلغ صافي تحويلات البنوك خلال الأسابيع الستة الأولى من العام الجاري 2.3 مليار دولار إلى حسابات إيداع في الخارج.

ويبدو أن هذا المسعى قد لا يجد طريقه نحو تحقيق الأهداف بالنظر إلى تأثر الأسواق الناشئة بما فيها تركيا من عدم اليقين للاقتصاد العالمي، كما أن الدمار الذي تضررت منه 11 محافظة تركية ليس بالأمر الهين تجاوزه مما قد ينجر عنه المزيد من التبعات.

ويقول محللون إن أنقرة ترى أن تدفق العملة الصعبة إلى الخارج يعرقل الجهود الرامية إلى الحفاظ على استقرار الليرة والسيطرة على التضخم في الفترة التي تسبق الانتخابات المرتقبة.

ورغم أنه لا توجد لوائح تمنع البنوك من تحويل رؤوس الأموال إلى البنوك المراسلة لها في الخارج، إلا أن مسؤولين أتراكا يؤكدون أنهم يريدون الاحتفاظ بأموال نقدية متاحة تحت أيدي السلطة النقدية.

وتظهر بيانات المركزي أن صافي الاحتياطات من العملة الصعبة انخفض سبعة مليارات دولار منذ الزلزال، كما ينتظر مصرفيون من السلطات خطوات أخرى للحد من الطلب على العملة الأجنبية.

وتراجع احتياطي النقد الأجنبي 4 مليارات دولار خلال الأسبوع التالي لزلزال قهرمان مرعش ليبلغ 125.6 مليار دولار.

وخضعت تعاملات جهات الإقراض بالعملات الأجنبية لتدقيق متزايد في الأشهر الأخيرة، حيث طلب منها البنك المركزي عدم إجراء معاملات كبيرة مع البنوك الأجنبية بعد ساعات التداول الرسمية.

ويسري التحذير الأخير على كافة جهات الإقراض التجارية العاملة بالبلاد، بما في ذلك فروع البنوك الأجنبية بعدما تسببت مدفوعات ديون البنوك التجارية في تدفق العملات الأجنبية إلى الخارج والضغط على الليرة.

خخ

وخفضت البنوك إجمالي ديونها الخارجية بنحو النصف إلى 50 مليار دولار منذ نهاية 2017، بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض بالعملة الأجنبية وانخفاض الطلب المحلي على القروض بالعملة الصعبة.

وانحسرت نسبة تمديد الاقتراض الخارجي عند البنوك إلى 92 في المئة بنهاية النصف الثاني من 2022، مقارنة مع أكثر من مئة في المئة على أساس سنوي، مما حول موقفها إلى صافي سداد للديون الخارجية.

وزاد اعتماد الشركات على العقود المصممة حسب الطلب مع البنوك التي توفر أدوات تحوط أكثر تفصيلا لاحتياجاتها للتحوط ضد المخاطر التي تتعرض لها الليرة، وذلك في الوقت الذي تُتداول فيه العملة التركية بالقرب من أدنى مستوياتها القياسية.

40

في المئة معدل التضخم خلال الفترة السابقة للانتخابات وسيجعل من الضروري إقرار ميزانية إضافية

وتُتداول الليرة وهي إحدى العملات القليلة التي لا تزال تقدم عوائد حقيقية سلبية ضمن نطاق ضيق منذ شهر سبتمبر الماضي بفضل إستراتيجية مُدارة بعناية تتضمن تدخل البنك المركزي.

وبحسب تقديرات بلومبيرغ إيكونومبكس أنفق البنك المركزي ما يصل إلى 108 مليارات دولار للحفاظ على استقرار الليرة نسبيا في العام الماضي. ورغم ذلك، بقيت العملة التركية الثانية في الترتيب بين أسوأ العملات أداء في الأسواق الناشئة بعد البيزو الأرجنتيني.

وبالنسبة إلى البنك المركزي، فإن الحفاظ على استقرار العملة المنهارة بعدما بلغ الدولار 18.87 ليرة، هو حجر الأساس في كبح معدل التضخم الذي تجاوز 85 في المئة نهاية العام الماضي قبل أن يتراجع إلى أقل من 60 في المئة.

ويواجه القطاع المصرفي منذ 2018 أزمات متتالية أصلا بسبب الارتباك في إدارة الشأن الاقتصادي جراء الخلل في تنفيذ السياسات النقدية التي يسعى أردوغان إلى تنفيذها رغم أنها تتعارض مع تلك المعمول بها في دول العالم.

وسبق أن قال إكرام كوكتاش رئيس اتحاد البنوك التشاركية في تركيا إن “الركود الاقتصادي والأزمات المالية التي عانى منها عملاء القروض بسبب الوباء، كانت من أكبر المشاكل التي واجهت القطاع المصرفي عام 2021”.

وفي أبريل 2020 خفضت هيئة الرقابة المصرفية الحد الأقصى لمبادلات النقد الأجنبي، ومعاملات الصرف الآجلة مع الكيانات الأجنبية إلى واحد في المئة، بدلا من 10 في المئة لحماية الليرة والتي كانت تتمتع بمستوى أقوى من الآن أمام الدولار.

وقبل ذلك بشهرين خفضت الهيئة سقف تبادل البنوك التركية العملات، سواء في المعاملات الفورية أو الآجلة مع الكيانات الأجنبية إلى 10 في المئة من حقوق المساهمين بدلا من 25 في المئة، وهو نفس الإجراء التي تم اتخاذه في أغسطس 2018 في أوج أزمة الليرة.

Thumbnail

وقدّر مسؤولون حكوميون وخبراء اقتصاد أن يُبقي الزلزال على معدلات التضخم فوق 40 في المئة خلال الفترة السابقة للانتخابات وسيجعل من الضروري إقرار ميزانية إضافية.

وتوقعوا أن يكلف الزلزال الاقتصاد التركي أكثر من 50 مليار دولار، وهو ما يتعارض مع توقعات اقتصاديين آخرين، الذين تراوحت تقديراتهم بين 80 ومئة مليار دولار.

وقالوا إن ارتفاع أسعار السلع والخدمات بما في ذلك الغذاء والسكن بسبب الاختلالات التي تسبب فيها الزلزال يعني أن معدل التضخم المرتفع سيتراجع في الأشهر المقبلة بوتيرة أقل بكثير مما كان متوقعا.

ومن الممكن أن يصل صافي الاقتراض إلى 35 مليار دولار بموجب ميزانية 2023 لهذا العام، لكن أحد المسؤولين الأتراك الذي تحدث لوكالة رويترز، دون الكشف عن هويته، قال إن “هذا لن يكون كافيا”.

10