تركيا تغلق ملف خاشقجي في رسالة تهدئة مع الرياض

محكمة تركية توقف المحاكمة الغيابية للسعوديين الـ26 المشتبه بهم وتحيلها إلى القضاء السعودي، في خطوة من شأنها أن تزيل آخر عقبة في طريق تطبيع العلاقات.
الخميس 2022/04/07
قضية منتهية

إسطنبول - قضت محكمة تركية الخميس بوقف محاكمة السعوديين المشتبه بهم في قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي وإحالتها إلى السعودية، وذلك فيما تسعى أنقرة لإصلاح العلاقات مع الرياض.

وقُتل الصحافي البالغ 59 عاما والذي كان يكتب مقالات في صحيفة "واشنطن بوست"، في الثاني من أكتوبر عام 2018 في قنصلية بلاده في إسطنبول.

وصدر القرار عن المحكمة الجنائية الحادية عشرة بإسطنبول، المسؤولة عن النظر في قضية مقتل خاشقجي، في جلسة تغيّب عنها المتهمون الـ26.

ووفقا لوكالة "الأناضول" التركية، فقد أعلنت المحكمة خلال الجلسة التوقف عن مواصلة النظر في القضية، وإحالتها إلى السلطات القضائية السعودية.

وبدأت المحاكمة في تركيا عام 2020 في ظل توتر في العلاقات بين القوتين الإقليميتين. ومن شأن إحالة القضية إلى الرياض أن يزيل آخر عقبة في طريق تطبيع العلاقات.

وكان المدعي العام قد دعا الأسبوع الماضي إلى إحالة المحاكمة الغيابية التي تجري في إسطنبول لستة وعشرين سعوديا إلى السلطات السعودية.

وأكد أن "المتهمين بالقضية مواطنون أجانب، ولا يمكن تنفيذ مذكرات الاعتقال الصادرة بحقهم ولا أخذ أقوالهم، ما يترك القضية معلقة".

وقال وزير العدل التركي بكير بوزداج الجمعة الماضي إن وزارة العدل التركية ستوافق على طلب نقل "قضية خاشقجي" إلى المملكة العربية السعودية.

ويرى مراقبون أن مرور أنقرة إلى استعمال قضية خاشقجي كمدخل لاسترضاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بإغلاق القضية وترك أمرها إلى القضاء السعودي، يأتي بعد أن أدركت أنها لم تجن شيئا من استثمار ذلك الملف في الضغط على السعودية من أجل تحصيل استثمارات أو دعم مالي مهم، بل على نقيض ذلك تضاعفت متاعبها الاقتصادية.

ويشير هؤلاء إلى أن تركيا لجأت إلى هذه المناورة بعد أن تيقنت أن القضية أصبحت "كارتا محروقا" ولم تعد تصلح كورقة ضغط، خاصة بعد تصريحات ولي العهد السعودي في المقابلة مع مجلة "ذي أتلانتيك" منذ أسابيع بأنه لا يهتم بما إذا كان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أساء فهمه في قضية خاشقجي.

ولا تبدو القيادة السعودية مشغولة حاليا بمسألة التقارب مع تركيا، خاصة أن الاستهداف جاء من جانب واحد ولم يكن للرياض أيّ دور فيه، حيث لازمت الصمت أثناء ذروة الاستهداف التركي، وهو ما يجعل إصلاح العلاقة مهمة أنقرة. كما أن المملكة مشغولة بملفات أهم على المستوى الإقليمي والدولي مثل الخطر الإيراني والأمن القومي وملف الطاقة، ما يجعل انفتاحها على تركيا مسألة ثانوية لا تحتاج إلى الاستعجال.

وتسببت عملية قتل خاشقجي في توتير العلاقات بين البلدين. وكان أردوغان قد اعتبر حينها أن الأمر بالاغتيال جاء من "أعلى مستويات الحكومة السعودية"، لكنّه لم يُسمّ الأمير محمد بن سلمان، وأدى ذلك التصعيد إلى مقاطعة سعودية غير رسمية للبضائع التركية، الأمر الذي نتج عنه تراجع صادرات أنقرة إلى المملكة بنسبة 90 في المئة.

وتركيا التي تعاني أزمة اقتصادية جديدة وتبحث عن استثمارات أجنبية ومبادلات تجارية، مدت يدها إلى منافسين إقليميين منهم السعودية والإمارات ومصر وإسرائيل.

وقال أردوغان في يناير الماضي إنه يخطط لزيارة الرياض، وهي زيارة تأتي في فترة حرجة بالنسبة إلى تركيا، حيث يرتفع التضخم إلى أكثر من 50 في المئة.

وفي فبراير، قال في تصريحات للصحافيين على متن طائرة خلال رحلة عودته من الإمارات، "نواصل حوارنا الإيجابي مع السعودية، نريد أن نواصل اتخاذ خطوات ملموسة في الفترة المقبلة، وتطوير العملية في اتجاه إيجابي".

ويلمّح الرئيس التركي إلى عقد صفقات اقتصادية واستثمارية مع السعودية، لكن ذلك لم يجد أيّ تجاوب من الرياض، ما دعاه إلى القول إن الزيارة قد تتم في مارس (المنقضي) أو في شهر أبريل الحالي.

ويقول المراقبون إن السعودية ترفض إلى الآن إعطاء أي إشارة عن قبولها بتجاوز مرحلة البرود بين البلدين، وإن الأمر لا يقف فقط عند قضية خاشقجي، فتركيا تحركت على مستوى إقليمي بشكل أساء إلى السعودية ودورها، سواء من خلال العلاقة مع إيران أو الموقف من حرب اليمن، وخاصة المساهمة في قمة كوالالمبور في 2019 التي هدفت بالأساس إلى ضرب الزعامة السعودية في العالم الإسلامي.

وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الخميس الماضي أن هناك خطوات مهمة في سبيل تطبيع العلاقات بين بلاده والسعودية، مضيفا أن نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان وعد في وقت سابق بأنه يعتزم زيارة تركيا، وأنه لم يتم التخطيط لهذه الزيارة بعدُ بسبب الزخم الموجود في الحراك السياسي.

وأوضح أن تركيا ليس لديها أيّ موقف سلبي بخصوص العلاقات التجارية والاقتصادية والسياسية مع السعودية، إلا أنه يوجد بعض الفتور في العلاقات.