تركيا تعيد محاكمة متهمين في احتجاجات جيزي بعد ثماني سنوات من وقوعها

إسطنبول - تعتزم محكمة في إسطنبول الجمعة إعادة فتح واحدة من أكثر المحاكمات السياسية إثارة للجدل بشأن احتجاجات جيزي في تركيا، وذلك بعد ثماني سنوات تقريبا من وقوعها.
ويُحاكم المتهمون الـ16، الذين تمت تبرئة بعضهم من قبل، ويعيش سبعة منهم خارج البلاد، ومن بينهم الصحافي كان دوندار الذي يقيم في ألمانيا، بتهم من بينها محاولة قلب نظام الحكم.
ويُحاكم رجل الأعمال البارز عثمان كافالا أيضا، وهو الوحيد الذي لا يزال خلف القضبان من بين التسعة الذين تمت تبرئتهم في فبراير 2020، حيث يواجه اتهاما بالتجسس.
وبدأت احتجاجات جيزي السلمية إلى حد كبير في صيف 2013 كمعارضة لتطوير حديقة جيزي في وسط إسطنبول. وتوسعت لتشمل جميع أنحاء البلاد ضد السياسات الاستبدادية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي كان رئيسا للوزراء في ذلك الوقت.
وتم في الأصل الفصل في القضايا وتمت تبرئة كافالا وبقية المتهمين. ومع ذلك، أعيد إلقاء القبض على كافالا بشكل فوري بتهم جديدة تتعلق بمحاولة الانقلاب عام 2016، وهو ينفي كل التهم المنسوبة إليه. وقد تم دمج هذه الإجراءات في المحاكمة التي تبدأ الجمعة.
وفي تصريحات سابقة له، قال كافالا للمحكمة عبر الفيديو "لقد عارضت الانقلابات العسكرية طيلة حياتي وانتقدت تدخل الجيش في السياسة"، مضيفا على مسامع زوجته الحاضرة في قاعة المحكمة "هذه الاتهامات تتناقض بشكل صارخ مع نظرتي للعالم وقيمي الأخلاقية".
وأصبح عثمان كافالا، المحتجز منذ حوالي 1300 يوم، ويواجه حكما بالسجن مدى الحياة في حالة إدانته، رمزا لما يقول المنتقدون إنه حملة قمع تم شنها ضد المجتمع المدني في تركيا تحت حكم أردوغان. وكان كافالا، الذي وصفه الرئيس التركي بأنه عميل لرجل الأعمال الأميركي جورج سوروس، شريكا للمؤسسات الأوروبية في مشاريع بتركيا.
وقضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ديسمبر 2019 بأن احتجاز كافالا يعد انتهاكا للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ودعت إلى الإفراج عنه بدعوى عدم وجود أدلة ضده.
ورفضت المحاكم التركية أن تحذو حذوها، على الرغم من أن أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ملزمة من الناحية الفنية لتركيا، على أساس أنها دولة عضو في مجلس أوروبا.
والخميس طالبت ألمانيا وفرنسا مجددا بالإفراج عن رجل الأعمال التركي، الناشط المدني عثمان كافالا، قبل محاكمته التي تنطلق الجمعة.
وفي بيان مشترك وقعه بيربل كوفلر، مسؤول حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية في الحكومة الألمانية، ودلفين بوريون السفيرة الفرنسية لحقوق الإنسان، طالب الجانبان تركيا بتذكر التزاماتها الدولية والإفراج عن كافالا المحتجز منذ 18 نوفمبر 2017 دون تأخير.
وخلال السنوات الماضية، سنت تركيا قوانين مشددة زادت من تقييد حرية التعبير في مقابل تعزيز سلطة الرئيس أردوغان.
وتحوّل قانون مكافحة الإرهاب التركي رقم 3713 المشرع في عام 2018 إلى سلاح يستخدم ضد المعارضة، وتم سجن الناشط المجتمعي عثمان كافالا بموجب هذا القانون.
وفي العام الماضي برّأت محكمة بإسطنبول شخصيات بارزة في المجتمع المدني من تهم مرتبطة بمعارضة الحكومة في احتجاجات جيزي بارك في عام 2013، في قرار سرعان ما تراجع عنه الرئيس رجب طيب أردوغان وانتقده، ووصل الأمر حد التحقيق مع القضاة الذين أصدروا الحكم.
ورأى مراقبون حينها أن الحديث عن التحقيق مع القضاة مسرحية الغاية منها التغطية على قرار العدول عن الحكم ببراءة المتهمين، فالقضاة ما كانوا ليصدروا مثل ذاك الحكم بمعزل عن استشارة الرئيس، مشيرين إلى تأثير الرئيس التركي على القضاء وقالوا إن الاعتبارات السياسية حاسمة في قرار المحكمة.
وكانت موجة من المظاهرات والاضطرابات المدنية قد اندلعت في تركيا في 28 مايو 2013، احتجاجا على خطة أردوغان لإزالة ميدان جيزي ضمن خطة تنمية حضرية.
واستخدمت القوات التركية القوة المفرطة لفض الاعتصامات وتفريق المظاهرات التي امتدت إلى مناطق أخرى، وقدّر عدد المشاركين في المظاهرات وقتها بنحو ثلاثة ملايين ونصف المليون شخص. وشهدت تركيا إجمالا في تلك الفترة حوالي 5000 مظاهرة مرتبطة باحتجاج حديقة جيزي الأصلية. وقتل 11 شخصا وأصيب أكثر من 8000 آخرين في أعنف المواجهات بين المحتجين وقوات الشرطة.