تركيا تعرض الدعم العسكري لسوريا بعد تفاهمات لتجنب الصدام مع إسرائيل

لو لم تتفاهم تركيا مع إسرائيل على تجنب الاستهداف المتبادل لمَا أعلن فيدان عن الاستعداد لدعم دمشق بشكل مباشر.
الجمعة 2025/04/11
فيدان: تركيا لا تنوي الدخول في صراع مع أي دولة في سوريا

أنقرة – أعرب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الأربعاء عن استعداد أنقرة لتقديم الدعم إلى سوريا في حال إبرام اتفاق عسكري معها، في وقت فتحت فيه تركيا بابا للاتفاق مع إسرائيل لتجنب الصدام المتبادل على الأراضي السورية في صيغة تشبه التفاهمات السابقة بين تركيا وروسيا، وإسرائيل وروسيا على الأنشطة الجوية في سوريا، حيث كانت الدول الثلاث تتحرك ضمن ضوابط واضحة دون صدام.

ولو لم تتفاهم تركيا مع إسرائيل على تجنب الاستهداف المتبادل لمَا قدم فيدان عرضا إلى دمشق بعقد اتفاق تعاون عسكري للحصول على الدعم التركي في مواجهة التهديدات، وإلا سينظر إليه على أنه تحد لإسرائيل ومسعى لجرها إلى المواجهة.

ويرى مراقبون أن التفاهمات بين أنقرة وتل أبيب لا يمكن أن تُقرأ على أنها اتفاق لتقسيم النفوذ في سوريا، وهي لا تتجاوز البعد الإجرائي بهدف ضبط آلية تنسيق لمنع التصادم دون أن يلغي ذلك حالة التنافس الإقليمي بين البلدين في سوريا وغيرها.

إسرائيل، التي تتخوف من سيطرة أنقرة على دمشق، تعمل على تحقيق أهدافها في سوريا منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد بالاعتماد على إستراتيجية تقوم على الاستباق وفرض الأمر الواقع

وتقول أنقرة إن وجودها العسكري في سوريا يأتي بطلب من الرئيس السوري أحمد الشرع لتدريب القوات الحكومية وإعادة تأهيلها، لذلك فهو وجود شرعي، في استدعاء لما كانت تقوله روسيا وإيران في السابق من أن وجودهما تم تحت غطاء طلب رسمي، وكان ذلك التفسير يواجَه بانتقادات من تركيا، التي كانت ترى أن وجودها على حدود سوريا يعطيها شرعية التدخل المباشر والسيطرة على مناطق حدودية.

وليس معروفا ما إذا كانت التفاهمات الجديدة تقوم على السماح لإسرائيل بالتحرك بحرية تامة في سوريا على أن تتجنب استهداف القوات التركية والقواعد التي تتمركز فيها وأنشطة الشركات التركية في سوريا، وهو ما يتيح لإسرائيل ضرب أي نشاط لمجموعات سورية أو فلسطينية يمكن أن يهدد أمن إسرائيل، أو تهريب أسلحة إلى حزب الله.

وسعى الإسرائيليون لقطع الطريق أمام تجهيز الأتراك قواعدَ عسكرية سورية ضمن تفاهمات مع حكومة الشرع، وهو ما يفسر الاستهداف الإسرائيلي لقواعد في سوريا زارتها فرق عسكرية تركية في الأسابيع القليلة الماضية لاستكشاف طرق استفادة الجيش التركي منها، مثل قاعدة تي4 وقاعدة تدمر الجويتين بمحافظة حمص السورية والمطار الرئيسي في محافظة حماة.

وتعمل إسرائيل، التي تتخوف من سيطرة أنقرة على دمشق، على تحقيق أهدافها في سوريا منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد بالاعتماد على إستراتيجية تقوم على الاستباق وفرض الأمر الواقع، ما يجعل أي تحرك سوري أو تركي مصنفا ضمن رد الفعل.

لكن الأمر لم يكن يوحي برغبة أنقرة أو تل أبيب في الصدام، وكان أقرب إلى تنبيه لضرورة مراعاة أي اتفاقية تركية – سورية حريةَ الحركة للطيران الإسرائيلي في المجال الجوي السوري، كما كان يحصل في فترة الوجود الروسي لدعم الأسد.

وجدد وزير الخارجية التركي التأكيد على أن بلاده لا تنوي الدخول في صراع مع أي دولة في سوريا وليس إسرائيل فحسب، ما يؤكد أن حديثه عن دعم عسكري لسوريا جاء بعد التفاهمات مع إسرائيل وليس قبل ذلك، وأن الأمر لا يتعلق بردع التدخلات الخارجية، كما قد يفهم من ظاهر تصريحات فيدان، وهو أقرب إلى مواجهة تحديات داخلية في سوريا مثلما جرى من تمرد محدود في مناطق الساحل بدعم من فلول الأسد وحزب الله، أو تحركات لقوات سوريا الديمقراطية.

وقال فيدان لقناة “سي أن أن تورك” التلفزيونية “لا يمكننا أن نشاهد تعرض سوريا مرة أخرى لاضطرابات داخلية أو عمليات أو استفزازات من شأنها أن تهدد الأمن القومي التركي.”

وفي رده على سؤال حول وجود أقاويل متعلقة بمحادثات مع إسرائيل، قال فيدان”أثناء القيام بعمليات معينة في سوريا، سواء جوًا أو بطرق أخرى، لا بد من وجود آلية لعدم التصادم مع إسرائيل، التي تسيّر طائراتها في المنطقة، تماما كما نفعل مع الأميركيين والروس.”

التفاهمات بين أنقرة وتل أبيب لا يمكن أن تُقرأ على أنها اتفاق لتقسيم النفوذ في سوريا، وهي لا تتجاوز البعد الإجرائي بهدف ضبط آلية تنسيق لمنع التصادم دون أن يلغي ذلك حالة التنافس الإقليمي بين البلدين

وأضاف “في سوريا جرى العمل على هذا الأمر بشكل مكثف مع الروس، لقد كانت لدينا آلية لمنع التصادم عندما كان الروس أكثر نشاطًا، ثم لاحقًا مع الأميركيين والإيرانيين.”

ويرجح أن يكون الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تدخل من أجل دفع أنقرة وتل أبيب للتوصل إلى تفاهمات حول عدم الاستهداف المتبادل في سوريا استنادا إلى تصريحاته الأخيرة خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، والتي عرض فيها الوساطة مع أنقرة ووصف أردوغان بالصديق.

وأجرت تركيا وإسرائيل مساء الأربعاء محادثات في أذربيجان تهدف إلى تفادي مخاطر التصعيد في سوريا، حسب ما أفادت به مصادر تركية وإسرائيلية، دون أن يطرح أي من البلدين في الوقت الحاضر تطبيع العلاقات بينهما.

وذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن “وفدا دبلوماسيا بقيادة مدير مجلس الأمن القومي تساحي هانغبي… التقى (الأربعاء) وفدا تركيّا،” مشددا على أن البلدين يرغبان في “مواصلة الحوار”.

وأكد مصدر في وزارة الدفاع التركية أن هذا “الاجتماع الفني” الذي أعلنته أنقرة جرى في أذربيجان حليفة تركيا، والتي تقيم علاقات وثيقة مع إسرائيل.

وتعد تركيا من الداعمين الرئيسيين لتحالف الفصائل، بقيادة إسلاميين في سوريا، الذي أطاح بنظام بشار الأسد في ديسمبر بعد نحو 14 عاما من الحرب الأهلية.

وأثار النفوذ التركي في سوريا مخاوف إسرائيل التي شنت سلسلة من الغارات الجوية والتوغلات البرية بهدف معلن هو إبعاد القوات السورية التابعة للسلطات الجديدة عن حدودها الشمالية.

وطالب نتنياهو في فبراير بجعل جنوب سوريا منزوع السلاح بشكل كامل، محذّرا من أن حكومته لن تقبل بوجود القوات الأمنية التابعة للسلطات السورية الجديدة قرب حدود إسرائيل.

وتنشر تركيا آلاف الجنود على الأراضي السورية. وأوقفت تعاملاتها التجارية مع الدولة العبرية، واتهم أردوغان نتنياهو بممارسة “إرهاب الدولة” وارتكاب “إبادة جماعية” في غزة، وذلك منذ اندلاع الحرب عقب شن حركة حماس هجوما على إسرائيل في 7 أكتوبر عام 2023.

2