تركيا تسعى إلى تعزيز مكانتها في صناعة الصلب

تحاول صناعة الحديد التركية، التي سجلت تقهقرا من حيث الحجم والقيمة بسبب انكماش الطلب العالمي، تعويض خسائرها عبر توسيع نشاط القطاع والتركيز على أسواق بديلة وزيادة التصدير إلى الأسواق التقليدية، وفي مقدمتها الشرق الأوسط وأوروبا.
أزمير (تركيا) - تعتزم تركيا تعزيز نشاط صناعة الصلب من خلال بناء منشأة جديدة ضخمة منسجمة مع البيئة يتوقع أن ترفع الطاقة الإنتاجية للبلاد بما يتيح إمكانية زيادة الصادرات في المستقبل.
وتم الإعلان مؤخرا عن خطط لبناء مصنع للدرفلة على البارد والصفائح المقدرة. وتقدر شركة هابا العلامة التجارية المتنامية لصناعة الصلب في البلاد أن تبلغ الطاقة السنوية للمصنع 900 ألف طن.
وتضع الخطط الحالية المصنع الجديد في موقع أخضر بالقرب من مرافق الإنتاج الرئيسية للشركة التركية في منطقة عالية الواقعة على بعد حوالي 50 كيلومترا شمال مدينة إزمير غربي تركيا.
ورغم أهمية المشروع الذي سيمنح قطاع الصلب في تركيا دفعة قوية، تبقى الطاقة الإنتاجية السنوية للمصنع بعيدة عن كبار المنتجين في العالم مثل الصين والهند.
ويقول خبراء إن فكرة المشروع تتمحور حول الإنتاج النوعي وليس الكمي، حيث سيتم إنتاج أنواع خاصة من الأنابيب اللولبية مثلا بمواصفات صناعية عالية عبر استخدام التكنولوجيا المتقدمة وخفض الكربون.
وتهيمن الصين على السوق العالمية للصلب بإنتاج سنوي يناهز المليار طن، تليها الهند بواقع 125.1 مليون طن سنويا، ثم اليابان بنحو 89.2، بينما تنتج الولايات المتحدة أكثر من 80 مليون طن كل عام.
900
ألف طن سنويا حجم إنتاج المصنع الذي سيبدأ نشاطه نهاية 2024 في شمال أزمير
وتمثل منتجات الصلب أهمية كبيرة في التنمية كونها تدخل في مجالات كثيرة على رأسها المقاولات والعقارات والتعليب وغيرها، حيث توضح الإحصائيات وجود علاقة طردية بين النمو الاقتصادي للدول ومدى ازدهار المبيعات وخاصة حديد التسليح.
وبحسب بيانات الرابطة العالمية لصناعة الصلب، تحتل تركيا المركز الثامن عالميا بإنتاج سنوي يبلغ في المتوسط حوالي 35 مليون طن ويذهب جزء منها إلى أسواق مثل السعودية وإسبانيا وكندا وإيطاليا وسنغافورة.
وتنشط في السوق التركية أكثر من 92 شركة في مقدمتها إيغونسان وبوسيليك وكابتاندمير وميت – باي وباشتوغليك وغيرها، ويصدر القطاع 60 في المئة من الإنتاج إلى 190 بلدا حول العالم.
وتُظهر بيانات اتحاد منتجي الصلب الأتراك أن ثمة أكثر من 10 منشآت في مدينتي إسكندرون وعثمانية القريبتين من مركز الزلزالين اللذين ضربا البلاد مطلع العام الماضي جنوب البلاد، وهي تمثل ثلث الإنتاج المحلي.
وفي إعلان أواخر الشهر الماضي، صرح مزود المعدات والمقاول الإيطالي دانييلي بأنه من المقرر أن يبدأ تشغيل المصنع الجديد في أواخر عام 2024.
وتتوقع شركة هابا أن ينتج المصنع الجديد حوالي 250 ألف طن سنويا من ألواح القصدير أحادية ومزدوجة الاختزال، لكن دانييلي أكد أن السعة الإضافية ستشمل 150 ألف طن أخرى من الملفات الرقيقة والمدلفنة على البارد ذات الجودة التجارية العالية.
ويشير التخفيض الفردي والمزدوج إلى عدد خطوات الدرفلة على البارد التي تخضع لها المواد الأولية للصفائح المقدرة.
المشروع سيمنح قطاع الصلب التركي وضعا قويا في الأسواق المحلية والإقليمية والأوروبية خلال المرحلة المقبلة
وفي حالة التخفيض الفردي، تحدث الدرفلة الباردة مرة واحدة فقط، ولذلك، فإن الصفيح الناتج يكون له سطح أكثر سلاسة، وهذا يجعلها مثالية للتطبيقات التي تتطلب تشطيبا عالي الجودة.
ومع ذلك، فهي ليست قابلة للسحب مثل الصفيحة المقدرة مزدوجة الاختزال، والتي تخضع للدرفلة الباردة مرتين. وعلى وجه التحديد، يخضع الملف للتليين بعد الدرفلة الأولى ومن ثم يخضع للدحرجة للمرة الثانية.
ويقول المزود الإيطالي دانييلي إن الحد الأدنى للقياس على الصفيح واللفائف المدرفلة على البارد سيكون 0.2 ميلمتر وأن التطبيق الرئيسي للصفيح هو في إنتاج عبوات المواد الغذائية والمشروبات. ويرجع ذلك أساسا إلى خصائص المعدن المضادة للتآكل.
وبالإضافة إلى الصفيح، يتوقع دانييلي أن تنتج المنشأة أيضا 500 ألف طن سنويا من المنتجات شبه النهائية، مثل اللفافات الصلبة الكاملة والتي يتم تنظيفها كهربائيا.
وقال المورد الإيطالي عن المعدات الجديدة “يتكون المجمع الجديد من أربع مناطق معالجة، وهي التنظيف الكهربائي والدرفلة على البارد والتلطيف والتعليب الكهربائي والتليين المستمر”.
وللتأكد على أن المصنع صديق للبيئة ويساعد في خفض الكربون، أشار دانييلي إلى أن قسم التنظيف سيضمن بيئة مغلقة تماما، مما يمنع أي انبعاث للأبخرة أو السوائل.
ومن المتوقع أن يدعم المصنع صناعة المعادن التركية على نطاق أوسع، إذ يمكن لشركة هابا إنتاج ما يصل إلى 4.5 مليون طن سنويا من الفولاذ الخام عبر فرني القوس الكهربائي بقدرة 90 طنا.
وسيقوم المصنع أيضا بتدوير 1.9 مليون طن من حديد التسليح و500 ألف طن من قضبان الأسلاك سنويا.

وبعد إنتاج المنتجات الطويلة حصريا، بدأت هابا في تضمين الشقق في تشكيلة منتجاتها في بداية العقد الماضي. وفي عام 2013، قامت الشركة بتشغيل آلة صب الألواح المستمرة بقدرة 2.5 مليون طن، لصب المنتج شبه النهائي بمقاييس 200 و225 مليمترا.
كما أضافت أيضا مطحنة شريطية ساخنة بنفس القدرة لتصنيع الفولاذ المدلفن المسطح بمقاييس 1.2 و25.4 ملمترا.
وتشمل تطبيقات المنتج قطاع بناء السفن بالإضافة إلى خزانات الضغط العالي. وبالإضافة إلى ذلك، تنتج هابا أنابيب ملحومة حلزونيا بأقطار تتراوح بين 4 و30 مترا.
وأكد أحد المصادر في شركة ميتال مينر، أكبر موقع إعلامي أميركي متخصص في المعادن، أن “الشركة التركية قامت مؤخرا بتحديث مطحنة الخط الساخن، وتتوقع أن تحقق طاقتها السنوية الجديدة البالغة 4.5 مليون طن في عام 2024”.
وأضاف المصدر في تصريحات أوردتها منصة “أويل برايس” الأميركية أن “أي ألواح خارجية تحصل عليها هابا من المحتمل أن تكون من المنتج الروسي نوفوليبتسك ستيل”.
ويتوقع أن يساعد المصنع الجديد مع بدء تشغيله في تعويض بعض المكاسب المفقودة خلال العام الماضي بالنسبة لصادرات الصلب التركية.
ووفقا لإحصاءات التجارة الخارجية التي تم الإعلان عنها هذا الأسبوع، فقد انخفضت قيمة صادرات البلاد من الحديد والصلب بنسبة 42.1 في المئة خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من 2023 لتصل إلى 8 مليارات دولار.
كما تراجعت قيمة صادرات البلاد من منتجات الحديد بنسبة خمسة في المئة خلال الفترة المذكورة لتصل إلى 9.1 مليار دولار على أساس سنوي.
ويبلغ حجم ما تم تصديره إلى دول الشرق الأوسط 2.4 مليون طن سنويا وفق معطيات صادرة عن اتحاد المصدري التركي.