تركيا تستأنف "تطهير" مؤسستها الأمنية والعسكرية من "فلول" فتح الله غولن

أنقرة – استأنفت السلطات التركية ملاحقة من تسميهم “فلول” الداعية الإسلامي الراحل فتح الله غولن المتهم بتدبير الانقلاب الفاشل سنة 2016 ضدّ حكم حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان.
وتنفّذ السلطات بذلك تعهداتها بمواصلة ملاحقة أنصار غولن حتّى اجتثاثهم بالكامل من مؤسسات الدولة التي يقول حزب أردوغان إنّهم اخترقوها في وقت سابق بهدف السيطرة عليها والتأسيس من خلالها لحكم الداعية الذي ينتمي مع الرئيس التركي إلى ذات العائلة الفكرية والأيديولوجية الإسلامية وكان حليفا له قبل أن تفترق بهما سبل السياسة ويتحوّل غولن في نظر حزب أردوغان إلى عدو الأمة رقم واحد.
وتم الإعلان في تركيا عن توقيف العشرات من الجنود ورجال الشركة صباح الجمعة للاشتباه في ارتباطهم بغولن وتنظيمه السرّي.
الاستيلاء على الآلاف من المؤسسات والمدارس والبنوك وشركات الإعلام أو الشركات الخاصة المملوكة أو التي يديرها أشخاص يتهمون بالانتماء إلى حركة غولن.
وعادة ما تتكتّم السلطات على تفاصيل حملات التوقيف والتهم المحدّدة والدقيقة للمستهدفين بها ما يجعل أصواتا تركية معارضة تتهم حكومة أردوغان باستخدام الملف سياسيا واستخراجه من الأدراج كلما اقتضت الحاجة ذلك لإشغال الرأي العام وتوجيهه بعيدا عن المشاكل والتعقيدات الاقتصادية والاجتماعية التي لم تنجح أنقرة في حلّها وتجاوزها، ومن ضمنها تذبذب سعر العملة وما ينجر عنه من زيادة في التضخم تمس جيوب السكان ومستوى عيشهم.
وأفادت وكالة الأناضول التركية الرسمية بأن ستة وخمسين جنديا في الخدمة الفعلية من القوات المسلحة التركية ألقي القبض عليهم، فيما لا يزال البحث جاريا عن سبعة آخرين. وفي الأثناء قالت قناة “هالك تي في” إنه تم توقيف تسعة شرطيين “معظمهم في إسطنبول”.
وأضافت وكالة الأناضول القول “في عملية ضد منظمة فيتو (وهو المصطلح التركي المستخدم رسميا لتوصيف حركة غولن المعروفة باسم حزمت) الإرهابية في 36 محافظة تركزت في إسطنبول، قُبض على ستة وخمسين من أصل ثلاثة وستين جنديا في الخدمة الفعلية صدرت بحقهم أوامر توقيف.”
وبعدما كان غولن حليفا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي تقول أوساط تركية إنّه حرص في مستهل حياته السياسية على التقرّب منه للاستفادة من شعبيته، خصوصا داخل الفئات الشعبية المتدينة وذات الميول الإسلامية، اتهمته السلطات التركية بأنه يترأس منظمة إرهابية، فيما كان الرجل يؤكد أنّ حركته هي عبارة عن شبكة من المنظمات الخيرية والشركات.
56
جنديا في الخدمة الفعلية من القوات المسلحة التركية ألقي القبض عليهم، فيما لا يزال البحث جاريا عن سبعة آخرين
وحتى بعد وفاته تعهدت تركيا بملاحقة أتباعه في كل أنحاء العالم وهو ما تقوم به في الوقت الحالي محليا بينما نجحت بشكل محدود في جلب عدد قليل من هؤلاء الأتباع من الخارج.
وتميّز غولن، الذي قضى آخر سنوات حياته في الولايات المتحدة، بقدرة عالية على التنظيم والتأثير في الرأي العام وتجنيد الأنصار لحركته والذين لم يكونوا مجرّد متعاطفين بل كانت غالبيتهم العظمى عبارة عن عناصر حركية فاعلة في مجالات مؤثرة من بينها التعليم وغيره.
وأحدثت وفاة الرجل في أكتوبر الماضي فراغا قياديا في حركته جعل بعض المتابعين لشؤونها يتحدثون عن إمكانية تفككها وانقراضها من بعده حيث لم يبرز أي اسم مرشح لقيادتها.
وتتهم السلطات التركية غولن وحركته بالمسؤولية عن مقتل ما لا يقل عن مئتين وخمسين شخصا خلال محاولة الانقلاب الفاشلة على نظام حزب العدالة والتنمية. ومنذ ذلك الحين أُدرجت الحركة المعروفة أيضا باسم “خدمة” كمنظمة إرهابية في تركيا.
ولم تكن السلطات رحيمة بكل من تعلقت بهم شبهة الانتماء إلى حركة غولن أو مساعدتها بأي شكل؛ حيث تم فصل أكثر من مئة وخمسين ألف شخص من وظائفهم العامة بمن في ذلك ضباط بالجيش والشرطة ومعلمون وأطباء، واعتقل أكثر من خمسمئة ألف شخص وسجن ثلاثون ألف شخص، وهي أرقام لا تزال في تصاعد مع تواصل الحملة ضدّ “فلول” غولن.
وتم أيضا الاستيلاء على الآلاف من المؤسسات والمدارس والبنوك وشركات الإعلام أو الشركات الخاصة المملوكة أو التي يديرها أشخاص يتهمون بالانتماء إلى حركة غولن.