تركيا تدافع عن التطبيع وتحاول طمأنة الفلسطينيين

أنقرة - قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الخميس إن تطبيع العلاقات مع إسرائيل لا يعني تغييرا في سياسة أنقرة تجاه الفلسطينيين، وذلك قبل زيارة متوقعة من الرئيس الإسرائيلي إساحق هرتسوغ الشهر المقبل.
وأكد جاويش أوغلو في تصريحات لتلفزيون تي.آر.تي خبر الحكومي التعليقات التي أدلى بها في وقت سابق هذا الأسبوع، بأن توثيق العلاقات مع إسرائيل لن يكون على حساب التزام أنقرة بقيام دولة فلسطينية.
ولفت إلى أن "تطبيع العلاقات التركية - الإسرائيلية قد يسهم في تعزيز دور بلاده في التوصل إلى حل الدولتين"، مشددا على "تمسك تركيا ببعض الثوابت والمبادئ، بما في ذلك صيغة حل الدولتين".
ويرى مراقبون أن مساعي تركيا للتطبيع مع إسرائيل ومبرراتها لن تجد أي انتقادات من الجانب الفلسطيني، لاسيما حركة حماس المقربة من أنقرة، والتي لم يصدر عنها أي تعليق إلى حد اللحظة، على نقيض مواقفها السابقة حيث لم تدخر جهدا لشن حملات على دول عربية كانت قد أقامت علاقات مع إسرائيل ضمن مسار السلام الذي تشهده المنطقة.
ويشير هؤلاء إلى أن سكوت حماس وكذلك السلطة الفلسطينية عن مسار التطبيع الذي تنتهجه أنقرة مع إسرائيل، مرده أن الرئيس الفلسطيني يراهن على محور تركيا - قطر بعد أن خسر ثقة المحور العربي التقليدي الداعم للقضية الفلسطينية، وهو لا يريد أن يغضب تركيا حليفة قطر التي سبق أن لجأ إليها لنجدة سلطته التي تعاني من أزمة مالية خانقة.
وتأتي تصريحات وزير الخارجية التركي ضمن محاولة بلاده إصلاح علاقاتها المتوترة مع القوى الإقليمية، وذلك في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعانيها أنقرة على وقع تهاوي قيمة الليرة، وذلك في أوقات حاسمة بالنسبة إلى مستقبل أردوغان السياسي.
وتوترت العلاقات بين تركيا وإسرائيل منذ عام 2010 حين قتلت القوات الإسرائيلية عددا من الناشطين الأتراك أثناء هجومها على السفينة التركية "مافي مرمرة"، التي كانت تسعى لكسر الحصار عن قطاع غزة وإيصال مساعدات إنسانية.
وتصاعد التوتر أيضا في 2018 مع سحب سفيري البلدين بعد الأزمة السياسية حول نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، لكن مع ذلك لم توقف أنقرة تعاونها مع تل أبيب عسكريا واستخباريا واقتصاديا، وهي تبحث عن مكاسب أوسع في الوقت الرهان في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها.
وعينت تركيا في ديسمبر 2020 سفيرا جديدا لها في إسرائيل في إطار الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات بين أنقرة وإسرائيل، وتجميع النقاط في حساب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
والجمعة الماضي، قال أردوغان إن هرتسوغ سيزور تركيا في منتصف مارس، وذلك في أول زيارة من نوعها منذ سنوات، مضيفا أن البلدين يمكن أن يناقشا خلال الزيارة التعاون في مجال الطاقة. وإلى حد الآن لم يؤكد هرتسوغ نبأ الزيارة. كما يتعامل الإسرائيليون بحذر مع التصريحات التركية المتعلقة بعودة العلاقات.
وكان الرئيس التركي قد قال للصحافيين في رحلة العودة من أوكرانيا منذ أيام "يمكننا استخدام الغاز الطبيعي الإسرائيلي في بلادنا، وإلى جانب هذا يمكننا أيضا الانخراط في جهد مشترك لنقله إلى أوروبا".
لكنّ مسؤولا إسرائيليا كبيرا، طلب عدم نشر اسمه، قال إن إسرائيل "تمضي قدما بدرجة كبيرة من الحرص في ما يتعلق بتركيا"، مضيفا أن التوترات الإقليمية يجب ألا تمنع البلدين من التعاون.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ردا على سؤال عن احتمال قيامه بزيارة إلى تركيا "الأشياء (الإيجابية) تحدث ببطء شديد وبالتدريج".
وفي نوفمبر الماضي، تحدث أردوغان إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، في أول مكالمة من نوعها منذ أعوام.
وتربط تركيا بإسرائيل علاقات قديمة امتدت على مدى العشرات من السنين، إذ كانت من أول الدول التي اعترفت بها عام 1949، كأول دولة مسلمة تفعل ذلك، وبعد انضمام تركيا إلى حلف شمال الأطلسي عام 1952، تعمقت العلاقة بينهما أكثر خاصة في المجالين العسكري والأمني، ونتج عنها توقيعهما – مع إثيوبيا – الاتفاق الإطاري أو حزام المحيط عام 1958.