تركيا تحشد لعملية عسكرية واسعة النطاق في شمال العراق

إقليم كردستان مهدد بفقدان السيطرة على ثلاثة أرباع أراضي محافظة دهوك.
الجمعة 2024/06/28
عقيدة عسكرية يمتزج فيها الدفاع عن الوطن باحتلال أراضي الغير

البنية التحتية العسكرية التي تقيمها تركيا داخل مناطق شمال العراق وحجم القوات والمعدات التي شرعت في نقلها إلى تلك المناطق يؤشران على أنّ أنقرة بصدد التأسيس لوجود عسكري دائم لها داخل الأراضي العراقية في نطاق ما تسعى له من حسم نهائي للمعركة ضدّ حزب العمال الكردستاني، والذي لوحت القيادة السياسية التركية بقرب موعده.

أربيل (العراق)- تؤشّر معطيات ميدانية في مناطق شمال العراق على دخول المواجهة التي يخوضها الجيش التركي منذ عقود ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في تلك المناطق مرحلة غير مسبوقة من التصعيد مع مضاعفة تركيا لمجهودها الحربي سعيا لحسم الصراع ضدّ الحزب في أمد منظور تنفيذا لتعهّدات أطلقتها القيادة السياسية للبلاد.

وتمّ خلال الأيام القليلة الماضية رصد أكبر تدفق للقوات والآليات التركية الثقيلة على مناطق بمحافظة دهوك الواقعة ضمن أراضي إقليم كردستان العراق، في ظل أنباء عن مخطّط تركي لاحتلال الغالبية العظمى من أنحاء المحافظة جرى التحضير له على مدى الأشهر الماضية بتركيز نقاط عسكرية ثابتة وربطها بشبكة من الطرق أنشأها سلاح الهندسة التركي وجعلها متصلة  بالأراضي التركية لضمان تدفّق القوات والعتاد عند إطلاق الحملة العسكرية الحاسمة التي لوّح بها كبار المسؤولين الأتراك.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أيام إنّ قوّات بلاده ستنفذ عمليات مكافحة إرهاب “أكثر عزما وفعالية” على مدار شهور الصيف. وكان قد تعهّد في وقت سابق بأن تستكمل تركيا تأمين حدودها مع العراق بحلول الصيف وتنهي ما بقي لها من عمل عسكري وأمني في سوريا.

ويثير الوعيد التركي المقترن بتوسيع نطاق الأنشطة العسكرية التركية داخل الأراضي العراقية الأسئلة عن الموقف الرسمي العراقي إزاء ذلك حيث أصبح الصمت الحكومي مثار تكهنات بوجود ضوء أخضر غير معلن من حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للأتراك للتحرك بحرية داخل الأراضي العراقية أملا في طي ملف حزب العمال، الذي قد تكون بغداد باتت تنظر إليه باعتباره عائقا أمام تطوير الشراكة والتعاون الاقتصادي مع الجانب التركي.

غياث سورجي: تركيا تتذرع بمحاربة حزب العمال للتمدد داخل العراق
غياث سورجي: تركيا تتذرع بمحاربة حزب العمال للتمدد داخل العراق

وقالت منظمة السلام العالمي الأميركية إن القوات التركية نقلت أكثر من 300 دبابة خلال الأيام العشرة الماضية إلى قرى في محافظة دهوك وتستعد لتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في المحافظة.

وأشارت في تقرير أعده فريقها المختص في شؤون كردستان إلى أنّ الجنود الأتراك شوهدوا وهم يتحركون سيرا على الأقدام في قرى كيسته وآردنا وجلكي وبابيري وأوره وسررو في ناحية كاني ماسي.

ونبّه التقرير إلى تأثير التحركات العسكرية التركية على الحياة اليومية والأنشطة الاقتصادية، الزراعية والرعوية تحديدا، في تلك المناطق مؤكّدا شيوع حالة من الذعر بين السكان. وقال إنّ القوات التركية لا تسمح لأيّ مدني بالمرور إلاّ بعد التحقيق معه والتدقيق في أوراقه الثبوتية.

وعن الهدف الآني من عملية الانتشار العسكري قال معدّو التقرير إن تركيا تسعى حاليا إلى رسم خط أمني يبدأ من منطقة شيلادزي  ويمتد إلى قضاء باتيفا ويمرُّ عبر ناحية ديرلوك وبامرني وبيكوفا بحيث تكون جميع القرى والبلدات والأقضية والنواحي والوديان والأراضي ومصادر المياه خلف هذا الخط تحت السيطرة العسكرية للجيش التركي.

وبحسب ذات التقرير  فإن هناك هدفا آخر من هذا التحرك العسكري التركي وهو الوصول إلى جبل هفت تبق في منطقة شلادزي واحتلال سلسلة جبال كارا ما يعني فقدان حكومة إقليم كردستان العراق بين سبعين وخمسة وسبعين في المئة من سلطتها على محافظة دهوك.

وكانت المنظمة الأميركية قد أفادت منتصف الشهر الجاري بأن القوات التركية شنت قرابة ألف هجوم وعملية قصف داخل أراضي الإقليم خلال النصف الأول من العام الجاري.

وتنشر تركيا منذ أشهر، وبشكل منتظم أرقاما بشأن حصيلة عملياتها العسكرية في شمال العراق وسوريا مبرزة ما توقعه من خسائر بشرية في صفوف مقاتلي حزب العمال، وذلك في نطاق حرب دعائية موازية للحرب العسكرية.

وأعلنت وزارة الدفاع التركية عن قتل تسعة وثمانين من عناصر الحزب خلال العمليات التي جرت على مدى حوالي أسبوعين.

وجاء في إحاطة قدمها مستشار العلاقات العامة والإعلام في الوزارة ذكي آق تورك، الخميس، أنّ عدد المقاتلين الذين تمّ تحييدهم (قتلهم) منذ بداية العام الجاري ارتفع إلى 1270.

3