تركيا تحاول سد فجوة الميزانية بزيادة حصيلة الضرائب

أنقرة – فرضت الاختلالات المالية على تركيا توسيع مظلة الضرائب لجني أكبر قدر ممكن من الإيرادات بغية تعويض جزء من العجز الهائل في ميزانية هذا العام، الذي فاقمته الوعود الانتخابية والزلزالان المدمّران.
وكشفت وثيقة حكومية أن السلطات تعتزم تقديم مشروع قانون للبرلمان يتضمن زيادة الضرائب على الشركات والبنوك بمقدار خمسة في المئة عن المستويات المعمول بها حاليا.
وبحسب مسودة القانون، تنوي الحكومة رفع نسبة الضرائب المفروضة على الشركات من 20 في المئة إلى 25 في المئة، كما سترفعها على البنوك وشركات التأمين والوساطة والمعاشات والمدفوعات الإلكترونية من 25 في المئة إلى 30 في المئة.
ومن المتوقع أن يطرح البرلمان مشروع القانون للمناقشة في الأسبوع الجاري. كما يمكن للحزب الحاكم تغيير نص المشروع في أي وقت قبل إجراء التصويت عليه.
وزاد الرئيس رجب طيب أردوغان الإنفاق الحكومي قبل الانتخابات في مايو الماضي، فرفع الأجور، وأتاح التقاعد المبكر للملايين من الأشخاص.
وجاء تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد أشهر على زلزالين مدمّرين ضربا تركيا في فبراير الماضي، وسببا خسائر اقتصادية قدّرت وزارة الخزانة والمالية قيمتها بأكثر من مئة مليار دولار.
ويسمح مشروع القانون للحكومة بزيادة صافي سقف الاقتراض ثلاثة أضعاف في العام الجاري، وكانت الحكومة في السابق تستطيع زيادة سقف الاقتراض بمعدل 5 في المئة مرتين سنويا.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن سردار بازي، مدير مجموعة البحث بشركة غلوبال سكيوريتيز ومقرها إسطنبول، قوله إن المخاوف حيال الإجراءات الضريبية الجديدة التي يمكن فرضها قد تؤدي إلى تردد المستثمرين الأجانب.
وتتوقع الحكومة أن يبلغ عجز ميزانية العام الجاري 659 مليار ليرة (25.3 مليار دولار)، وفقا لوزارة الخزانة، إذ وصل العجز خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام إلى 264 مليار ليرة.
ويحتوي مشروع القانون على بنود مهمة أخرى، منها أن يتحمّل البنك المركزي تكاليف الأداة الرئيسية للمدخرات بالليرة (كي.كي.أم)، التي تهدف إلى حماية المودعين من تقلبات أسعار الصرف.
وتتقاسم وزارة الخزانة والبنك المركزي حاليا الأعباء الناجمة عن تدهور قيمة الليرة لأنهما يعوضان أصحاب المدخرات عن خسائر سعر الصرف.
ويتضمن القانون كذلك بندا آخر يتعلق بفرض ضريبة إضافية على مُلاك السيارات لمرة واحدة تعادل قيمة الضريبة التي يتعين عليهم سدادها في 2023.
وسيخول أردوغان سلطة زيادة ضريبة الاستهلاك الخاصة على سلع متنوعة حتى خمسة أضعاف، وكان في السابق يمكن زيادتها بواقع 50 في المئة.
مشروع القانون سيخول أردوغان سلطة زيادة ضريبة الاستهلاك الخاصة على سلع متنوعة حتى خمسة أضعاف
وقالت بوركو آيدين أوزدوغرو، المديرة بمركز تيباف للبحوث ومقره في أنقرة، إنها “توقعت قبل الاقتراح الأخير أن يتجاوز عجز الميزانية 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للعام الجاري، نظرا للخسائر الهائلة التي نجمت عن الزلزالين”. وأوضحت أن الإجراءات الحالية، التي تشمل إزالة عبء كي.كي.أم عن الميزانية، ستكفي، لكن العجز سيبقى مرتفعا.
وأشارت أوزدوغرو إلى أن مع حزمة السياسات الحالية يبدو أن قضايا التضخم وانخفاض قيمة الليرة وارتفاع مستوى الفقر ستحتل صدارة جدول أعمالنا في الفترة المقبلة.
في هذه الأثناء، كشف وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك الخميس عن مكونات البرنامج الاقتصادي التي تتركز في الانضباط المالي والتشديد النقدي والإصلاحات الهيكلية.
وأوضح شيمشك عبر حسابه في تويتر أن “البرنامج الاقتصادي يتضمن إعادة تأسيس الانضباط المالي، أي تخفيض عجز الميزانية إلى مستوى يتوافق مع معايير ماستريخت الأوروبية، باستثناء تأثير كارثة الزلزال”.
ومن أهم أهداف المعاهدة، تخفيض معدل التضخم إلى مستوى لا يتجاوز متوسط معدلات التضخم المسجلة في بلدان الاتحاد الأوروبي الثلاثة الأقل تضخما بأكثر من 1.5 نقطة، وعدم تجاوز عجز الميزانية لأكثر من 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وشدد شيمشك على أن التشديد النقدي التدريجي يهدف إلى خفض معدل التضخم في البلاد إلى خانة الآحاد على المدى المتوسط. وأشار إلى أن الإصلاحات الهيكلية ستجعل من الاستقرار المالي الكلي في تركيا وجميع المكاسب الأخرى مستدامة.