تركيا تبحث عن حفظ ماء الوجه شمال سوريا لعجزها عن مجاراة الروس

الناتو يرفض تفعيل البند الخامس وينأى بنفسه عن مغامرة أردوغان العسكرية العاجزة عن تغيير المعادلة على الأرض.
الثلاثاء 2020/02/18
القوات التركية تتوغل في حقل ألغام

النظام التركي يراهن على الاجتماعات الجارية في موسكو للتوصل لاتفاق مع روسيا بشأن شمال غرب سوريا يحفظ ماء الوجه، بعد أن ثبت بالكاشف عدم استعداد الحلفاء في الناتو للاندفاع خلف مغامرات الرئيس رجب طيب أردوغان العسكرية.

دمشق - احتضنت موسكو الاثنين الجولة الثالثة من المحادثات الروسية التركية بالتزامن مع استمرار تقدم الجيش السوري في محافظة حلب، حيث نجح  في بسط نفوذه على العشرات من البلدات في ريف حلب الشمالي الغربي وتطهير محيط المدينة من الجماعات الجهادية بما مكن من إعادة تشغيل مطار حلب الدولي حيث ستستأنف الرحلات المدنية هذا الأسبوع بعد توقف لسنوات.

ويقول محللون إن تركيا تدخل لهذه المفاوضات التي تختتم الثلاثاء من موقف ضعف، وهذا انعكس بشكل واضح على تصريحات مسؤوليها الذين خفضوا من وتيرة تهديداتهم بعد أن أدركوا أن استمرار التصعيد مع الجانب الروسي ستكون له مفاعيل عكسية في ظل عجزهم عمليا عن تغيير المعادلة على الأرض، رغم استمرار التحشيد التركي في المنطقة.

وقال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، في وقت سابق الإثنين، إن تركيا وروسيا تواصلان التعاون من أجل التوصل لتفاهم نهائي حول إدلب، مشددا “يجب علينا ألا نسمح للأزمة السورية بأن تؤثر على التعاون بين تركيا وروسيا”.

دميتري بيسكوف: موسكو ستواصل دعمها لعمليات الجيش السوري ضد الإرهابيين
دميتري بيسكوف: موسكو ستواصل دعمها لعمليات الجيش السوري ضد الإرهابيين

ولوحظ في الأيام الأخيرة انكفاء الرئيس رجب طيب أردوغان وتحاشيه توجيه أي تهديد أو انتقاد لموسكو أو لدمشق بعد أن قاد الأسبوع الماضي حملة شرسة هدد خلالها بقصف القوات السورية في كل مكان ردا على مقتل عناصر من قواته في إدلب بنيران سورية.

ويلفت محللون إلى أن الاستدارة التركية ومحاولة النزول من الشجرة التي صعدت إليها تعود لعدم قدرتها على المغامرة خاصة في غياب دعم غربي ملموس يعزز فرص قلب المعادلة التي فرضتها موسكو بالقوة بعد مماطلة أنقرة في تنفيذ اتفاق سوتشي الذي تم التوصل إليه في العام 2018.

ونقلت وكالة “تاس” عن مصدر في حلف شمال الأطلسي، الذي تعد تركيا عضوا فيه، أنهم لا ينوون تقديم دعم عسكري لأنقرة في حال قيامها بعملية عسكرية في شمال غرب سوريا.

وقال المصدر، وهو دبلوماسي يعمل في بعثة إحدى الدول الأعضاء في مقر الحلف ببروكسل، إن “دول الناتو لن تدعم تفعيل البند الخامس بسبب مقتل عسكريين أتراك في إدلب مطلع فبراير”، مشددا على أن الحلف “لا ينظر في إمكانية تقديم مساعدة عسكرية لتركيا في حال القيام بعملية في هذه المنطقة”.

وينص البند الخامس وفق معاهدة حلف شمال الأطلسي التي تم التوقيع عليها في أبريل 1949 “على أن الاعتداء على أي دولة في الحلف يمثل اعتداء على كل الدول الأعضاء ويوجب على الدول الأخرى مساعدتها في التصدي للهجمات؛ ويظل هذا الالتزام راسخا وملزما ضمن اتفاقية للدفع المشترك”.

ولا يمكن تفعيل هذا البند في الحالة السورية ذلك أن تركيا تعد طرفا “معتديا” وليس العكس وعمليا هي تتدخل في الصراع بإدلب في محاولة للحفاظ على نفوذ داخل دولة أخرى وليست لباقي أعضاء حلف الناتو مصلحة في ذلك.

ويقول المحللون إن نظام الرئيس أردوغان سيحاول خلال المحادثات الجديدة مع الروس تخفيف حجم الخسائر في إدلب وضواحيها والتوصل لتفاهم مع روسيا يحفظ ماء الوجه أمام الجمهور التركي، خاصة وأن أنقرة باتت مدركة أنه لا سبيل لثني موسكو عن خطط استعادة القوات السورية للمحافظة ومحيطها، في مقابل عزوف الحلفاء في الناتو عن دعمها عمليا، والاقتصار فقط على التصريحات حيث أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الأحد في اتصال هاتفي مع نظيره التركي بما تقوم به أنقرة في شمال سوريا.

انكفاء الرئيس التركي بعد أن قاد الأسبوع الماضي حملة شرسة هدد خلالها بقصف القوات السورية في كل مكان

وجددت موسكو تأكيدها الاثنين استمرار مساندتها لقوات الحكومة السورية في العمليات الجارية في ريفي إدلب وحلب، ونقلت وكالة “إنتر فاكس” الروسية عن المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، “إن موسكو ستواصل دعمها لعمليات الجيش السوري ضد الإرهابيين”.

وأعلن الجيش السوري الاثنين أنه فرض سيطرته الكاملة على العشرات من البلدات في ريف حلب الشمالي الغربي وسيواصل حملته للقضاء “على ما تبقى من تنظيمات إرهابية أينما وجدت”.ويأتي هذا التقدم بعد أن نجح الجيش بدعم روسي في طرد مسلحي الجماعات الجهادية والمعارضة من طريق (أم 5) السريع الرئيسي الذي يربط حلب بالعاصمة دمشق مما أعاد فتح أسرع طريق بين أكبر مدينتين سوريتين للمرة الأولى منذ سنوات في إنجاز استراتيجي كبير.

وتقاتل القوات الحكومية منذ ديسمبر الماضي مسنودة بالضربات الجوية الروسية المكثفة لاستعادة ريف حلب ومحافظة إدلب المجاورة حيث آخر معاقل التنظيمات الجهادية والمعارضة للرئيس بشار الأسد.

وقالت القوات المسلحة السورية في بيان إن الجيش سيواصل ما وصفته بأنه “مهامه المقدسة والنبيلة في القضاء على ما تبقى من تنظيمات إرهابية أينما وجدت على امتداد الجغرافيا السورية”. وأضاف البيان “استعيدت السيطرة التامة على العشرات من القرى والبلدات في ريف حلب الغربي والشمالي الغربي”.

وأعلنت وزارة النقل السورية في وقت لاحق عن بدء تسيير أولى الرحلات المدنية في مطار حلب الدولي هذا الأسبوع بعد أن تم طرد الجهاديين من محيطه.

وكانت صحيفة الوطن الموالية لدمشق ذكرت أن الطريق (أم 5)، سيكون جاهزا لاستخدام المدنيين بنهاية الأسبوع.

3