تركيا أمام خيارين: إما الأسلحة الروسية أو العقوبات الأميركية

أنقرة تلوح بإغلاق قاعدة إنجرليك في مواجهة ضغوط واشنطن.
الجمعة 2021/04/30
أسلحة جالبة للعقوبات

صعّدت الولايات المتحدة من لهجتها تجاه حلفائها بعد أن مرّت من خطاب التحذير إلى التهديد بفرض عقوبات على كل من يشتري أسلحة دفاعية روسية، ما يضع تركيا خصوصا أمام مأزق.

واشنطن - لوحت الولايات المتحدة بفرض المزيد من العقوبات على حلفائها وأولهم تركيا، إذا اشتروا أسلحة من روسيا، فيما أعادت وسائل إعلام تركية حكومية تدوير فرضية إغلاق قاعدة إنجرليك الجوية في مواجهة ضغوط واشنطن إذا ما مضت في فرض عقوبات على أنقرة.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن “من المهم جدا أيضا من الآن فصاعدا أن تتجنب تركيا وجميع حلفاء وشركاء الولايات المتحدة شراء أسلحة روسية في المستقبل، بما في ذلك أنظمة إس-400 إضافية”.

وأضاف بلينكن “أي معاملات كبيرة مع كيانات دفاعية روسية، مرة أخرى، يمكن أن تخضع لقانون التصدي لأعداء الولايات المتحدة عبر العقوبات، وهذا إضافة إلى العقوبات التي فُرضت بالفعل”، في إشارة إلى القانون الذي يهدف لإثناء الدول عن شراء معدات عسكرية من روسيا.

وليس واضحا ما إذا كان تصريح الوزير الأميركي يشير إلى صفقات تسلح في المستقبل أو يشمل أيضا صفقات سابقة على غرار الصفقة التي عقدتها تركيا مع روسيا لاقتناء منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية أس-400.

وسممت تلك الصفقة العلاقات التركية الأميركية وأيضا العلاقات مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي رفض بشدة قيام دولة عضو فيه (تركيا) بشراء أنظمة صاروخية تشكل تهديدات لمنظومات الحلف.

وتوترت العلاقات بين واشنطن وأنقرة بسبب قضايا من بينها شراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية أس-400 وهو ما عاقبتها واشنطن عليه، وكذلك خلافات سياسية بشأن سوريا وحقوق الإنسان وقضية أمام المحاكم الأميركية تستهدف بنك خلق الذي تؤول معظم ملكيته للحكومة.

أنتوني بلينكن: أي معاملات مع كيانات دفاعية روسية ستنجر عنها عقوبات

ويأتي التهديد الأميركي وسط توترات بين أنقرة وحليفتها الولايات المتحدة التي عمقت مؤخرا هوة الخلافات بعد اعتراف الرئيس الأميركي جو بايدن بالإبادة الجماعية للأرمن وهو ما أثار حنق أنقرة التي اعتبرت الخطوة معادية.

وجاء اعتراف بايدن بأن المجازر بحق الأرمن في عهد الإمبراطورية العثمانية هي “إبادة جماعية” في سياق التوترات المتراكمة وهو أول رئيس أميركي يقطع هذه الخطوة.

ولم تستبعد مصادر دبلوماسية أن تكون خطوة بايدن مقدمة لإجراءات عقابية أخرى بحق تركيا التي أدارت ظهرها لكل التحذيرات الأميركية السابقة حتى قبل إتمام صفقة أس-400 الروسية.

ويعتقد محللون أن أي قرار عقابي قد تتخذه واشنطن بحق أنقرة سيشمل وبدرجة أولى الصناعات العسكرية التركية، حيث أن للولايات المتحدة نفوذا واسعا في هذه الصناعات التي تزعم تركيا أنها محلية مئة في المئة، فلا يمكن للجانب التركي تطوير صناعاته الدفاعية والعسكرية من دون استيراد قطع أسلحة ومنظومات وتكنولوجيا أميركية. وعلق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب برنامج الشراكة مع تركيا في مكونات مقاتلة أف -35 الأميركية وطلبيات تركية لـ100 مقاتلة من هذا الطراز، وذلك ردا على شراء أنقرة منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية.

ويقول دبلوماسيون غربيون إن ترامب كان ليّنا في ردّه على التجاهل التركي وأنه يرى أن إدارة الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما هي من دفع الجانب التركي للحضن الروسي عبر الامتناع عن بيعه منظومة صواريخ باتريوت الأميركية.

لكن الرئيس بايدن وكان في السابق نائبا لأوباما يبدي حزما أشد حيال السياسات التركية التي يراها عدوانية وتشكل انتهاكات في مجملها ويعمل على كبحها وإن قدم الخيار الدبلوماسي على الصدام في التعاطي معها.

محللون يعتقدون أن أي قرار عقابي قد تتخذه واشنطن بحق أنقرة سيشمل وبدرجة أولى الصناعات العسكرية التركية

وفي مواجهة الضغوط الأميركية، لوّحت تركيا مجدّدا بإغلاق قاعدة إنجرليك العسكرية وذلك من باب تهديد الولايات المتحدة بعد اعتراف بايدن بالإبادة الجماعية للأرمن على أيدي الإمبراطورية العثمانية.

ونقلت وكالة أنباء تي.آر.تي الحكومية عن مصادر بوزارة الدفاع قولها إن قاعدة إنجرليك الجوية في محافظة أضنة الجنوبية تابعة للقوات الجوية التركية وهي مجمع عسكري تركي. وكانت الأسئلة تلوح في الأفق حول مستقبل قاعدة إنجرليك، التي تستضيف الرؤوس النووية الأميركية على بعد حوالي 100 ميل من الحدود التركية مع سوريا، لاسيما بعد فترة التوترات المتصاعدة بين واشنطن وأنقرة ابتداء من عام 2019.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ديسمبر 2019 إن تركيا قد تغلق القاعدة ردا على تهديدات بفرض عقوبات أميركية.

وهذه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها أنقرة بإغلاق قاعدة إنجرليك، الأمر الذي يدفع البعض من الخبراء إلى الحديث عن ضرورة الحد من اعتماد القوات الجوية الأميركية على هذه القاعدة، خاصة وأن للبنتاغون ( وزارة الدفاع) بدائل جاهزة وقواعد عسكرية أخرى في المنطقة.

وقال ستيفن كوك، من مجلس العلاقات الخارجية، “لست أقول إن علينا قطع علاقاتنا مع تركيا، لكن  العنصر الذي يميل الأتراك إلى التلويح به أكثر من سواه، الوصول إلى قاعدة إنجرليك، بدأ يفقد أهميته شيئا فشيئا”.

وكانت صحيفة التايمز البريطانية قالت في سبتمبر 2019 إن الولايات المتحدة تخطط لنقل قاعدة إنجرليك من تركيا إلى جزيرة كيت اليونانية بغرض تعزيز وجودها العسكري في شرق البحر المتوسط.

5