تركة اقتصادية ثقيلة تنتظر الحكومة الجزائرية الجديدة

الحكومة المقبلة ستجد نفسها في مواجهة بطالة متفاقمة وستكون أمام رهان إطفاء لهيب الأسعار وانهيار العملة المحلية.
الجمعة 2021/07/02
الحكومة مطالبة بوضع خطة عمل بأهداف واضحة وأجندة زمنية

الجزائر - تنتظر الحكومة الجزائرية الجديدة الجاري تشكيلها، تركة اقتصادية ثقيلة فاقمتها أزمة مزدوجة لفايروس كورونا وانهيار أسعار النفط.

وأعلنت الرئاسة الجزائرية الأربعاء تكليف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، وزير المالية في الحكومة السابقة أيمن بن عبدالرحمن لتشكيل الحكومة الجديدة.

ويعتبر بن عبدالرحمن شخصية تكنوقراطية، ما يعني أن الحكومة ستضم شخصيات محسوبة على الرئيس وأخرى من تشكيلات سياسية عديدة.

وقبل ذلك أعلنت الرئاسة الجزائرية في 24 يونيو الماضي، انطلاق المشاورات السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة، اعتبارا من السبت 26 من الشهر ذاته.

وتعرض الاقتصاد الجزائري لهزة عنيفة خلال 2020، بسبب جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط، ما نتج عنه عجز تاريخي في موازنة 2021، إذ بلغت 22 مليار دولار.

ودفعت الأزمة المزدوجة بالسلطات الجزائرية إلى تقليص الإنفاق الحكومي، بواقع النصف تقريبا وتجميد مشاريع في عدة قطاعات.

وستجد الحكومة المقبلة نفسها في مواجهة بطالة متفاقمة، إذ تشير بيانات رسمية جزائرية إلى أن البلاد فقدت نحو نصف مليون وظيفة بسبب الجائحة.

وامتدت آثار الأزمة لتطول أسعار المواد الاستهلاكية على اختلافها، وستكون الحكومة أمام رهان إطفاء لهيب الأسعار التي اشتدت وطأتها منذ أشهر، وخصوصا مع حلول شهر رمضان الماضي، وتدهورت معها القدرة الشرائية.

ولم تسلم العملة الجزائرية المحلية "الدينار" من تبعات الأزمة، إذ بلغت مستويات قياسية من الانهيار أمام الدولار واليورو.

ويتوقع قانون الموازنة العامة لعام 2021 أن يبلغ متوسط سعر الصرف 142 دينارا لكل دولار، و149 دينارا في عام 2022.

ووفقا للوثيقة ذاتها تتوقع السلطات انخفاضا بواقع 5 في المئة من قيمة العملة المحلية كل عام، خلال الأعوام الثلاثة المقبلة مقارنة بالعملات الأجنبية.

وحسب بيانات بنك الجزائر المركزي، بلغ سعر صرف الدينار مطلع يونيو الماضي مستوى 134 مقابل الدولار و160 مقابل اليورو.

وفي خضم الأزمة الاقتصادية الخانقة، برزت بوادر أمل للسلطات يمكن أن تساعدها في تجاوز الوضع المتأزم، حسب متابعين.

ولعل أبرز بوادر أمل السلطات الجزائرية هي ارتفاع الصادرات غير النفطية خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية بنسبة 65 في المئة، إلى 1.14 مليار دولار، مقابل 694 مليون دولار في الفترة المناظرة من العام الماضي.

وسبق للرئيس تبون أن أعلن أن 2021 ستشهد تصدير 5 مليارات دولار خارج المحروقات، وستكون قاعدة الانطلاق لاقتصاد البلاد، خصوصا مع انتعاش إنتاج البلاد الزراعي.

وأعلنت وزارة المالية مطلع يونيو 2021 عودة احتياطات النقد الأجنبية إلى الارتفاع لأول مرة منذ بداية 2015، دون تفاصيل إضافية.

وبلغت الاحتياطيات الجزائرية من النقد الأجنبي 42 مليار دولار نهاية فبراير الماضي، نزولا من 194 مليار دولار نهاية 2014.

ويرى الخبير والمحلل الاقتصادي فريد بن يحيى أن الحكومة الجديدة ستواجه فعلا تركة اقتصادية ثقيلة، ولذلك وجب أن تكون حكومة كفاءات عالية التأهيل وليست حكومة سياسية.

وأضاف فريد بن يحيى أن "الأزمة المزدوجة كانت لها تبعات واضحة على الاقتصاد الجزائري، وعدة مؤشرات صارت في الخانة الحمراء على غرار البطالة والنمو وعجز الموازنة وغيرها.

الحكومة الجديدة، يجب أن تباشر تقييما وتشخيصا دقيقا لما يعانيه اقتصاد البلاد في مختلف القطاعات، كالزراعة والصناعة والتجارة والصحة والسياحة والتكنولوجيا الحديثة وغيرها".

وطالب الحكومة الجديدة بوضع خطة عمل بأهداف واضحة وأجندة زمنية، وعدم تكرار أخطاء الحكومات السابقة، التي لم تكن لها رؤية حقيقية وتشخيص جيد للخروج بالبلاد من الأزمة.

وزاد "لذلك من الأفضل أن تأتي حكومة كفاءات عالية التأهيل، تكون لديها رؤية وفق استراتيجية واضحة، ويجمع أعضاؤها بين النظري والتطبيقي ويتخذون إجراءات سريعة وشجاعة.

يجب أن تكون من أولويات الحكومة، اتخاذ إجراءات حقيقية تسمح بعودة الاستثمارات الأجنبية، وأيضا الأموال المنهوبة في الخارج (تم تهريبها في زمن الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة)، خاصة أن هذه الحكومة ستكون لها على الأقل 3 سنوات (ما تبقى من ولاية الرئيس تبون) لتنفيذ مخطط عملها".