ترقية إيثريوم تعيد تشكيل سوق العملات المشفرة

تحديث نظام إيثر يحولها إلى عملة أشبه بالأصول المالية التقليدية ويضغط على المنافسين.
السبت 2022/09/17
المستقبل في هذه العلامة

اعتبر محللون أن ترقية إيثريوم وفق نظام متطور يقلص من استهلاك الطاقة أثناء التعدين تعد في طياتها بانقلاب شامل في التعامل مع العملات المشفرة مستقبلا مما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل السوق ويسكت أصوات المنتقدين حول آثارها البيئية السلبية ودرجة خطورتها المالية.

لندن – اكتست سلسلة إيثريوم هذا الشهر حلة جديدة قد تجعل شبكة العملات المشفَّرة الشهيرة، التي تدير عملة إيثر ثاني أكثر الأدوات الرقمية قيمة في العالم، كيانا يهز هذه السوق بأكملها خلال الفترة المقبلة حتى في ظل التقلبات التي باتت تمر بها منذ فترة.

واستقبلت الأسواق التحديث المنتظر على الإيثر ويسمى “ميرج” حيث تحولت العملة من نظام إثبات للعمل إلى نظام إثبات للملكية ما يعني أنه لن يتم تعدينها بعد الآن.

وبحسب ما قال مبتكرها ومؤسسها فيتاليك بوتيرين على تويتر، فإن “تغيير البرمجيات يعد لحظة كبيرة للنظام البيئي لسلسلة إيثريوم”.

فيتاليك بوتيرين: تغيير البرمجيات تحول كبير للنظام البيئي لإيثريوم

وسيقلص نظام “الدمج” من استهلاك الطاقة بنسابة عالية وسيؤدي في نهاية الأمر إلى وضع حد للمعارضين لسلاسل البلوكتشين جراء استهلاكها لكهرباء تكفي لإمداد فنلندا بالطاقة لمدة عام حسب التقديرات.

ووفقا لمؤسسة إيثريوم، سيستخدم النظام الجديد طاقة أقل بنسبة 99.95 في المئة. ويمكن أن تمنح الترقية، التي تغير كيفية حدوث المعاملات وكيفية إنشاء الرموز المميزة للإيثر، ميزة كبيرة لإيثريوم لأنها تسعى لتجاوز عملة بيتكوين المنافسة.

وبالنسبة إلى المستثمرين فإن الجانب الإيجابي هو أن عملة إيثر ما بعد الدمج ستصبح أشبه بالأصول المالية التقليدية التي تدفع فائدة، مثل السندات أو شهادات الإيداع.

وستصبح إيثر المودعة مثل الأسهم التي تولد أرباحا أو سندات تؤتي عائدا. وقد يكون العائد الذي ستوفره جذابا نسبيا، إذ يمكن للمالكين الذين يشاركون عملاتهم المشفَّرة الحصول على حوالي 4 في المئة الآن.

ومن المتوقَع أن ترتفع هذه النسبة وقد تصل في النهاية إلى 80 في المئة من إجمالي المعروض من إيثر، أي حوالي 170 مليار دولار بالأسعار الحالية، وفقا لكونسينسيز، أحد مزودي تكنولوجيا بلوكتشين لإيثريوم.

ويرى محللون أن ذلك قد يغري صناديق التحوط ومديري الأصول والأثرياء الذين ما يزالون يتجنبون العملات المشفَرة حتى الآن.

كما قد تفضي البرمجيات الجديدة إلى ترقيات تعد بتسريع التعاملات وخفض الرسوم، وهو أمر آخر قد يجذب المستثمرين بشكل أكبر.

واللافت أنه حتى البعض من المتحمسين يتوقَعون أن مجموع التغييرات قد يؤدي إلى قفزة في قيمة إيثر لتتجاوز بيتكوين، الرمز الأكثر شيوعا الذي قيمته ضعف قيمة عملة إيثريوم التي ظهرت في عام 2013 لأول مرة.

ريتشارد آشر: نظام الدمج يعد لحظة مهمة ستؤدي إلى تفوق عملة إيثر

وتراجعت قيمة بتكوين خلال تعاملات الجمعة لتواصل خسائرها لليوم الثاني تواليا بعد التخلي عن التداول فوق 20 ألف دولار لتتكبد خسارة أسبوعية بسبب الصعود المستمر في عائد سندات الخزانة الأميركية.

وتعليقا على خطوة إيثريوم، نسبت رويترز إلى ريتشارد آشر رئيس التداول خارج البورصة في شركة التشفير بي.سي.بي غروب ومقرها لندن قوله “نعتقد أن هذه لحظة مهمة ستؤدي إلى تفوق إيثر على سوق التشفير الأوسع لبعض الوقت”.

وتستهلك معظم سلاسل الكتل كميات كبيرة من الطاقة وتعرضت لانتقادات من دعاة حماية البيئة وبعض المستثمرين. وقبل ترقية البرنامج، استخدمت معاملة واحدة على إيثريوم نفس القدر من الطاقة التي يستخدمها متوسط الأسرة الأميركية في أسبوع، وفقا لشركة العالم الرقمي للأبحاث.

ومع ترقية البرنامج، انتقلت إيثريوم من نظام إثبات العمل، حيث تقوم أجهزة الكمبيوتر المتعطشة للطاقة بالتحقق من صحة المعاملات عن طريق حل مشكلات الرياضيات المعقدة، إلى نظام إثبات الحصة، حيث يعمل الأفراد والشركات كمدققين، باستخدام الإيثر كضمان للفوز بالرموز التي تم إنشاؤها حديثًا.

ويقول مؤيدوها إنها ستشكل العمود الفقري لكثير من رؤية “ويب 3” التي تم الترويج لها على نطاق واسع، ولكنها لا تزال غير محققة للإنترنت حيث تحتل تكنولوجيا التشفير مركز الصدارة في التطبيقات والتجارة.

ويدعم هذا الاتجاه المنصات التي تتضمن فروعا للعملات المشفرة مثل التمويل اللامركزي والرموز غير القابلة للاستبدال، ويستخدم في ما يسمى بـ”العقود الذكية”، وهي التعهدات القائمة على بلوكتشين التي يُنظر إليها على أنها تستخدم في التمويل التقليدي والصناعات الأخرى.

مارك أرجون: تعزيز أوراق اعتماد سلسلة إيثريوم مفيد للشركات

وانخفض الإيثر المشفر بنسبة أربعة في المئة إلى 1571 دولارا، وهي خطوة وضعت المحللين في مزاج حذر للأصول الخطرة بشكل عام.

ويراهن المستثمرون قبل عملية الدمج على أن الترقية ستدعم سعر الرمز المميز للإيثر الذي اكتسب حوالي 85 في المئة من أدنى مستوياته في يونيو الماضي.

وتجاوز بذلك مكاسب عملة بيتكوين المنافس الأكبر بنسبة 15 في المئة. وبشكل عام، عانت العملات المشفرة هذا العام، حيث انخفضت قيمة كل من البيتكوين والإيثر بنحو 55 في المئة.

وقبل الدمج استحوذت إيثر على حصة في السوق من البيتكوين، وتمثل الآن حوالي خمس سوق العملة المشفرة التي تبلغ قيمتها تريليون دولار وفق التقديرات.

وتظهر البيانات التي تنشرها منصات تتبع العملات المشفرة أن حصة البيتكوين انخفضت إلى 39.1 في المئة من ذروة هذا العام عند 47.5 في المئة في منتصف يونيو الماضي.

وبالإضافة إلى استهلاك الطاقة، تعد التكاليف المرتفعة وأوقات المعاملات البطيئة من المشكلات الرئيسية التي تواجه شبكة إيثريوم حيث لن يعالج الدمج هذه المشكلات على الفور، على الرغم من أن بعض المحللين يقولون إنه يمهد الطريق لتوسعها.

وقال مارك أرجون محلل أبحاث الإيثريوم في شركة كوينشيرز لإدارة الأصول الرقمية، إن تعزيز أوراق اعتماد إيثريوم البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات “سيكون مفيدا للمؤسسات ذات التوجه التنظيمي التي ترغب في البدء في استكشافها” مجددا.

وبالإضافة إلى حالة عدم اليقين، فإنّ عملية الدمج تجري فيما تتراجع سوق العملات المشفَّرة لتشطب زهاء تريليوني دولار من قيمة الرموز حول العالم منذ نوفمبر الماضي، مما قلص إقبال المستثمرين.

لكنَ عشاق إيثر يأملون أن تصبح أيامهم كمواطنين من الدرجة الثانية معدودة إن عادت سوق العملات المشفَرة الصاعدة.

10