ترقب حذر لنتائج التحقيقات في اشتباكات عين الحلوة

استنفار الفصائل الفلسطينية ينذر بتجدد الاقتتال.
الثلاثاء 2023/08/22
بانتظار ساعة الصفر

حالة هدوء حذر تسود مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطنيين في لبنان، إلا أن استمرار التهدئة الهشة بين الفصائل الفلسطينية رهن نتائج تحقيقات يشكك الكثير في تنزيل مخرجاتها على أرض الواقع.

بيروت - يسود ترقب حذر في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطنيين جنوب لبنان بانتظار نتائج التحقيقات بشأن المتسببين في الاقتتال، الذي اندلع مؤخرا بين حركة فتح وفصائل إسلامية، وتقديمهم للعدالة، فيما تشي حالة الاستنفار العسكري بين الفصائل في المخيم بتجدد الاستباكات.

وقالت مصادر لبنانية إن الأوضاع الأمنية في عين الحلوة ما زالت على حالها هشة وقابلة للانفجار في أيّ لحظة، إذ كل المؤشرات الميدانية تشير إلى أن الاشتباكات التي دارت بين حركة فتح والمجموعات الإسلامية، وأسفرت عن سقوط 12 قتيلا وأكثر من 65 جريحا، توقفت ولكنها لم تنته.

وأضافت المصادر أن المخيم بانتظار جولة جيدة من المعارك يتوقع على نطاق واسع أن تبدأ مع صدور نتائج التحقيقات في الاشتباكات السابقة.

وتؤكد المصادر أنه حتى في حال التعرف على المتسببين في الاشتباكات فإنه يصعب القبض عليهم وتقديمهم للعدالة، وهو ما يمثل شرارة لتجدد الاقتتال الذي تبدو مظاهر التحضير له واضحة للعيان.

كل المؤشرات الميدانية تشير إلى أن الاشتباكات التي دارت بين الفصائل الفلسطينية توقفت ولكنها لم تنته

وتستمر حالة الاستنفار في المخيم مع الإبقاء على الطرقات مقفلة في منطقتي الطوارئ والتعمير والشارع الفوقاني من البركسات حتى رأس الأحمر مع الدشم والسواتر الحاجبة للرؤية، وعدم عودة كل العائلات النازحة في مناطق التوتر حتى الآن، وعدم إجراء أي مسح لأضرار الاشتباكات في أي من المناطق.

والأهم في هذه المؤشرات الميدانية ما أعلنته وكالة الأونروا عن دخول مسلّحين إلى مدارسها والبقاء فيها والقيام بأعمال التحشيد فيها، ما دفعها إلى تعليق خدماتها مؤقتا بعد يوم واحد على دعوتهم إلى إخلائها فورا على اعتبار أنّها انتهاك صارخ لحرمة مباني الأمم المتحدة بموجب القانون الدولي.

ووفق تقارير الأونروا، فإنّ المجمع الذي يقع بين منطقتي الطوارئ والشارع الفوقاني، يحتوي على أربع مدارس توفّر التعليم لـ3.200 طالب، ويتمركز في ثلاثة منها (بيسان، الناقورة وصفد) الناشطون الإسلاميون وفي الرابعة (السموع) حركة فتح – الأمن الوطني، مؤكدة أن استمرار التواجد فيها يهدد حيادية منشآت الأونروا ويقوض سلامة وأمن موظفيها واللاجئين الفلسطينيين.

وتخشى التقارير نفسها من تداعيات الاشتباكات على العام الدراسي الجديد مع حجم الخسائر المادية التي أصابت المدارس، لاسيما وأن الأونروا لم ترسل حتى اليوم أيّ فريق منها لمعاينة الأضرار وتحديد حجمها ومدة ترميمها وصيانتها، علما أنّ العام الدراسي سيبدأ في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر بالتوازي مع المدارس اللبنانية.

وأبلغت مديرة الأونروا في لبنان دورثي كلاوس القوى الفلسطينية أكثر من مرة بضرورة تحييد منشآت الأونروا عن أيّ صراع وحمايتها بما فيها المدارس وفي جميع الأوقات، والتي يجب أن تكون ملاذا آمنا للطلاب وأماكن يسودها السلام حيث يمكنهم التعلم واللعب. ودعت جميع الجهات المعنية إلى إخلاء مبانيها فورا حتى تتمكن من استئناف الخدمات وتقديم المساعدة إلى جميع اللاجئين المحتاجين في المخيم.

واندلعت اشتباكات مسلحة في التاسع والعشرين من يوليو بين قوات “الأمن الوطني الفلسطيني” التابعة لحركة فتح ومجموعات إسلامية مسلحة، على خلفية إطلاق نار استهدف أحد القياديين الإسلاميين في حينه.

واستمرت المواجهات خمسة أيام قبل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار تشرف على تنفيذه لجنة “هيئة العمل الفلسطيني المشترك”، بعد اتصالات بين جهات رسمية وحزبية لبنانية وقيادات فلسطينية.

حالة ترقب
حالة ترقب

ولا يدخل الجيش أو القوى الأمنية اللبنانية إلى المخيمات بموجب اتفاقات ضمنية سابقة، تاركين مهمة حفظ الأمن فيها للفلسطينيين أنفسهم داخلها، لكن الجيش اللبناني يفرض إجراءات مشددة حولها.

ويقول حسين خريس، الصحافي اللبناني المتخصص بشؤون التنظيمات الإسلامية، إن هناك “موزاييكًا (تشكيلة مختلفة) معقدا للجماعات الإسلامية داخل المخيم ولا تخضع جميعها لنفس القيادة ولا تتفق مع بعضها على قرارات موحدة”.

ولفت خريس إلى أن الاشتباكات الأخيرة “وقعت بين مقاتلين من حركة فتح وآخرين تابعين لحركة الشباب المسلم، وهي عبارة عن مجموعات مسلحة كانت تسمى سابقا جند الشام وكانت توالي تنظيم القاعدة”.

وأضاف “فضلا عن الجهتين المتقاتلتين، يضم المخيم تنظيم عصبة الأنصار الإسلامية، والحركة الإسلامية المجاهدة، وحركة حماس، إضافة إلى حركتي أنصار الله والجهاد الإسلامي المواليتين لإيران”.

وأشار الصحافي اللبناني إلى أن “عصبة الأنصار التي تعد من أقوى الفصائل المسلحة في المخيم سبق أن أبرمت ربط نزاع مع حزب الله قبل سنوات، في حين أن الحركة الإسلامية تمثل مختلف القوى الإسلامية أمام الدولة اللبنانية”.

ورأى خريس أن “في الظاهر فإن المعركة اندلعت عقب إطلاق نار استهدف أحد الأشخاص المحسوبين على المجموعات الإسلامية، أما في الكواليس فإن إسرائيل طلبت من المخابرات الفلسطينية كبح نشاط حركتي حماس والجهاد بالمخيم”.

ويحظى مخيم عين الحلوة بأهمية إستراتيجية بسبب موقعه الجغرافي بمدينة صيدا بوابة الجنوب اللبناني، ومعروف أن لحزب الله نفوذا قويا في الجنوب بما يمتلكه من ترسانة أسلحة وصواريخ.

واقع الميدان لا يوحي بأن تخرج الأحداث عن إطارها الفلسطيني، لكن هذا لا ينفي أن بعض الدول الإقليمية حاولت أن تستثمر في المعركة

ويبلغ إجمالي عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان نحو 200 ألف يتوزعون على 12 مخيما يخضع معظمها لنفوذ الفصائل الفلسطينية، إلا أن معظم تلك المخيمات باتت تضم في السنوات الأخيرة لاجئين سوريين أيضا.

واستبعد المحلل السياسي وسيم بزي أن تتسبب أحداث المخيم في “اندلاع شرارة عنف على صعيد البلاد ككل، نظرا إلى الدور البارز الذي يلعبه الجيش اللبناني في ضبط الوضع بمحيط المخيم والمناطق الأخرى، فضلا عن تعاون جميع القوى السياسية للحفاظ على الاستقرار”.

وأضاف “كما أن واقع الميدان لا يوحي بأن تخرج الأحداث عن إطارها الفلسطيني، لكن هذا لا ينفي أن بعض الدول الإقليمية (لم يسمها) حاولت أن تستثمر في المعركة وبالتأثير في موازين القوى بما يخدم مصلحتها”.

ولفت بزي إلى أن “ثمة قيادات من حركة فتح لم تنخرط بالمعركة بشكل مباشر مثل العميد محمود عيسى المعروف باللين والمحسوب على جناح محمد دحلان، المنشق عن الحركة، وكذلك الأمر بالنسبة للقيادي منير المقدح”.

وتابع أن “التوازنات الحالية بالمخيم تسمح بأن نختبر مشهد الهدوء، إما أن تنجح محاولات تثبيت الهدوء ولو إلى حين، وإما أن نكون أمام مشهد تصفيات أمنية داخلية”.

2