ترشيق ميزانية السعودية 2025 للتأقلم مع ضبابية سوق النفط

342 مليار دولار حجم الإنفاق المتوقع العام المقبل وهو أقل مقارنة مع 360 مليار دولار خلال العام الحالي.
الخميس 2024/11/28
حوكمة إدارة السيولة ضرورية

فرضت تقلبات أسعار النفط عالميا على السعودية الدخول في مسار ترشيق الميزانية الجديدة بهدف التحكم في النفقات، مع الحفاظ على أسس الإصلاحات الاقتصادية والتي يشكل تمويل المشاريع الضخمة محورا أساسيا فيها بما يخدم الأجندة الحالية لتنويع الدخل.

الرياض - حددت الحكومة السعودية خططا لخفض الإنفاق في عام 2025 بعد تجاوز الأهداف هذا العام في محاولة للتقدم بخطة التحول الاقتصادي التي تبلغ قيمتها تريليون ريال.

ومن المتوقع أن ينخفض الإنفاق في الميزانية، التي تم إقرارها الثلاثاء، إلى 1.23 تريليون ريال (342.7 مليار دولار)، إذ تعمل السلطات على التكيف مع الانخفاضات الأخيرة في أسعار النفط.

وأثر انخفاض أسعار الخام في الأسواق العالمية واستمرار خفض السعودية للإنتاج طوعا على إيراداتها في السنوات القليلة الماضية، لكنها ماضية في زيادة الإنفاق لتعزيز النمو وتنفيذ خطة للتحول الاقتصادي.

ويتماشى حجم الإنفاق المقرر مع توقعات شهر سبتمبر الماضي، ومن المرجح أن يعادل ذلك قرابة 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

وجاء الإنفاق في العام الحالي أعلى بنسبة 7.5 من الميزانية المعتمدة لهذا العام ليبلغ 360 مليار دولار، في حين كانت الإيرادات أعلى بنسبة 4.9 في المئة من تقديرات العام السابق.

مونيكا مالك: الحكومة ستستخدم كل المساحة المالية لدعم برنامج التنويع
مونيكا مالك: الحكومة ستستخدم كل المساحة المالية لدعم برنامج التنويع

وقال وزير المالية محمد الجدعان أثناء مؤتمر صحفي إن “ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الإستراتيجي على المشاريع التنموية وفق الإستراتيجيات القطاعية وبرامج رؤية 2030.”

وتتطلب الرؤية مئات المليارات من الدولارات لتطوير قطاعات اقتصادية جديدة مثل السياحة والتصنيع، وجذب المليارات من الدولارات من الاستثمار الأجنبي وتوفير فرص العمل للسعوديين.

وتتوقع الحكومة عجزا في الميزانية الجديدة أعمق مما كان مقدرا سابقا في التوقعات الأولية للإيرادات والإنفاق التي نُشرت الشهر الماضي، ليصل إلى 101 مليار ريال (26.88 مليار دولار).

وقالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، لوكالة بلومبيرغ إن الحكومة “تتطلع إلى استخدام كل المساحة المالية لدعم برنامج التنويع.” وأضافت “الإنفاق الإجمالي لا يزال مرتفعًا، على الرغم من التراجع المتواضع.”

وأخذت السعودية على عاتقها التزامات استثمارية وإنفاقية ضخمة لتمويل أجندة رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان 2030 لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط.

وقال الأمير محمد في تعليقات نشرتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية إن “المؤشرات الإيجابية للاقتصاد تأتي امتدادا للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل رؤية المملكة 2030.”

ومع ذلك، بدأت الحكومة في تقليص بعض المشاريع، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن أسعار النفط المتقلبة، والتي لا تزال أقل بكثير مما هو مطلوب للوصول إلى نقطة التعادل في الميزانية.

وأكد الجدعان أن الملاءة “المالية تتمتع بالمرونة اللازمة لتحمل انخفاض مستوى الخام.” وقال “وصل الاقتصاد السعودي إلى مرحلة حيث لا تؤثر تقلبات سوق النفط عليه بقدر ما كانت عليه من قبل.” وأوضح أن الفرق هو أن توقعات الإنفاق تساعدها عائدات النفط.

◙ 89 دولارا سعر البرميل الذي تحتاجه السعودية لبلوغ توازن ماليتها، وفقا لصندوق النقد الدولي

وأشار إلى أن التخفيضات في مخصصات مشاريع مثل نيوم، وهي مدينة ضخمة جديدة مخطط لها على ساحل البحر الأحمر، تأتي تحت رعاية صندوق الثرة السيادية وليس الحكومة. وقال “لا يوجد مشروع واحد في إطار الرؤية لا يحصل على التمويل المناسب.”

وأظهر بيان الميزانية أن الصندوق يهدف إلى زيادة أصوله المدارة إلى أكثر من أربعة تريليونات ريال (1.06 تريليون دولار) بنهاية 2025. وذكر أن قيمة أصوله بلغت 930 مليار دولار حتى أكتوبر الماضي.

ومع ذلك، تعتمد السعودية، وهي واحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم، بشكل كبير على أسعار الخام للحفاظ على الزخم الاقتصادي.

ويتوقف الكثير من الأمور على اتجاه أسعار النفط العام المقبل، وما إذا كانت شركة النفط العملاقة أرامكو ستستمر في دفع توزيعات أرباح سخية بالمستويات الحالية.

وباعتبارها أكبر مساهم في أرامكو، اعتمدت الحكومة على توزيعات الأرباح مصدرا رئيسيا للأموال، مما ساعد في احتواء العجز المالي. وأبقت أرامكو على التوزيعات للمساهمين بقيمة 31.1 مليار دولار في الربع الثالث من 2024 على الرغم من انخفاض الأرباح. وقال الجدعان إن تقديرات ميزانية 2025 “لا تأخذ في الاعتبار أيّ توزيعات أرباح إضافية” من الشركة.

ولا توجد لدى الحكومة حاليا خطة واضحة لنقل حصة إضافية في أرامكو إلى صندوق الثروة، الذي يمول الكثير من مشاريع رؤية 2030.

جاستن ألكسندر: عوائد النفط خلال العام المقبل قد تقل بحوالي 10 في المئة
جاستن ألكسندر: عوائد النفط خلال العام المقبل قد تقل بحوالي 10 في المئة

وبينما من المتوقع أن تنخفض الإيرادات الإجمالية العام المقبل بنحو 4 في المئة عن تقديرات هذا العام لتصل إلى حوالي 320 مليار دولار، فإن عوائد النفط قد تتراجع أكثر من ذلك.

ويقدر جاستن ألكسندر، المدير في خليج إيكونوميكس، أن عوائد النفط للسعودية العام المقبل قد تقل بنحو 10 في المئة مقارنة بالعام الجاري.

ويحتاج البلد، وهو أكبر اقتصاد عربي، إلى سعر برنت عند أكثر من 98 دولارا للبرميل للوصول إلى التوازن في ماليته، وفقا لأحدث توقعات صندوق النقد الدولي.

ويضع خبراء بلومبيرغ إيكونوميكس ما يعرف بـ”النقطة التعادلية” عند 106 دولارات للبرميل الواحد، بمجرد أخذ الإنفاق المحلي من قبل صندوق الثروة السيادية في الاعتبار.

وأكد بنك غولدمان ساكس أن إنتاج النفط الخام لدى العراق وكازاخستان وروسيا انخفض امتثالا لتخفيضات إنتاج تحالف أوبك+، مما يدعم بعض الارتفاع لأسعار برنت في الأمد القريب.

ورجّح البنك الاستثماري في مذكرة بتاريخ الثلاثاء، أن تمدد السعودية تخفيضات إنتاج النفط بسبب تراجع الأسعار في الآونة الأخيرة، وأنه يعتقد الآن أن تخفيضات إنتاج النفط ستستمر حتى أبريل 2025 بدلا من يناير.

وفي حين انخفض خام برنت بنحو 15 في المئة منذ نهاية شهر يونيو الماضي، وتداول عند حوالي 73 دولارا للبرميل الثلاثاء، أبقى غولدمان ساكس على توقعاته لمتوسط سعره لعام 2025 عند 76 دولارا للبرميل.

ومن المتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد هذا العام 0.8 في المئة، ويرتفع إلى 4.6 في المئة خلال 2025، وفقا للميزانية.

وخفضت السعودية توقعاتها للنمو للسنوات القليلة المقبلة. ومع ذلك، فإن النمو بنحو 4 في المئة على مدى السنوات القليلة المقبلة سيظل يتفوق على معظم الاقتصادات الكبرى الأخرى.

10