ترشح مقرّبين من السلطة يشوّه صورة انتخابات الرئاسة المصرية

دوائر سياسية تستبعد أن يكون إعلان بعض الأحزاب عن خوض انتخابات الرئاسة قد تم بتنسيق كامل مع النظام الحاكم.
الاثنين 2023/07/10
إعلان يحمل نوعا من المجاملة السياسية الواضحة

القاهرة - يعتقد حزب الشعب الجمهوري في مصر أنه قدم إلى السلطة هدية ثمينة بالإعلان عن خوضه انتخابات الرئاسة بعد مرور أيام على إعلان رئيس حزب الوفد المنافسة في الاستحقاق نفسه، ما يعني أن السلطة ضمنت منافسين على الأقل في مواجهة الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي ترجّح كل المؤشرات ترشحه لفترة حكم جديدة وأخيرة.

واطمأنت السلطة إلى عدم تكرار ما حدث في انتخابات رئاسة الجمهورية السابقة عندما أحجمت القوى والأحزاب السياسية عن خوضها، وفجأة ظهر رئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى لينقذ الاستحقاق الرئاسي من تحوله إلى استفتاء عام، وخاض سباقا باهتا أمام السيسي، على الرغم من تأييده له شخصيا.

وحمل إعلان حزب الشعب الجمهوري خوضه انتخابات الرئاسة نوعا من المجاملة السياسية الواضحة، حيث أكد أن قراره نابع من “تعزيز مبدأ التنافس في حب الوطن، ولا يجب ترك الساحة للبعض الذين يشوهون صورة الانتخابات الرئاسية”، في إشارة إلى أن الغرض بعيد عن المنافسة الحقيقية.

والحزب الذي تأسس منذ حوالي عشر سنوات له توجهات متناغمة مع السلطة وغالبية قياديّيه على علاقة وطيدة بها ورئيسه حازم عمر هو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ونائبه رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة يستثمر مع السلطة في قطاعات هامة.

ويشغل الأمين العام للحزب اللواء محمد صلاح أبوهميلة منصب رئيس الهيئة البرلمانية للحزب في مجلس النواب، ويتصدر المشهد في الحديث إلى الإعلام، ويصف السيسي بـ”الزعيم الذي أنقذ البلاد من الانهيار، وأعاد إليها ريادتها، وحقق إنجازات تنموية يصعب على أي قائد غيره أن ينفذها”.

ولذلك فالحزب موال تماما للسلطة، وله 50 نائبا برلمانيا، وفي مقدوره تمرير مرشحه لانتخابات الرئاسة الجمهورية التي تتطلب فقط توقيع 20 نائبا في مجلس النواب، كشرط لتقديم أوراق المرشح إلى اللجنة العامة للانتخابات، أو أن يحصل المرشح على تأييد 25 ألف مواطن من عشر محافظات على الأقل، كما يملك حزب الوفد 20 نائبا، وضمن أيضا التواجد في المنافسة الرئاسية من دون مجاملة أحزاب أخرى.

وأعلن رئيس حزب السلام الديمقراطي أحمد الفضالي الشهر الماضي عزمه خوض الانتخابات كمرشح عن تحالف للأحزاب السياسية يوصف بأنه “تيار الاستقلال”.

ما يجري مبادرة ذاتية من الأحزاب لمحاولة انتزاع مكاسب والإيحاء بأن قادتها يخدمون النظام بتعزيز مبدأ التنافس

ويقول مراقبون إن النظام المصري ليس بحاجة إلى هذا النفاق السياسي وبإمكانه التعويل على مرشحين جادين من المعارضة في ظل عزم أسماء كثيرة الترشح إذا توافرت ضمانات للنزاهة.

واستبعدت دوائر سياسية أن يكون إعلان بعض الأحزاب عن خوض انتخابات الرئاسة قد تم بتنسيق كامل مع النظام الحاكم، لأن المشهد العام يوحي بأن ما يجري يحمل مبادرة ذاتية من الأحزاب لمحاولة انتزاع مكاسب والإيحاء بأن قادتها يخدمون النظام بتعزيز مبدأ التنافس، لكن ذلك يضر بسمعة الأحزاب ويسيء إلى النظام سياسيا.

ومنذ انطلاق الحوار الوطني بين الحكومة وقوى معارضة تشهد مصر حراكا سياسيا نسبيا، حيث يُسمح لشخصيات مناوئة بأن تنتقد وتتحدث بلا ضغوط أو مضايقات، وسجلت نبرة تصعيد ظاهرة غير معهودة يبدو النظام المصري غير نافر منها.

وجرى أخيرا الإعلان عن تأسيس التيار الليبرالي الحر، وضم أحزابا وشخصيات معارضة للنظام، وثمة نية لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية، شريطة أن تبادر السلطة بتقديم ضمانات لخروجها بصورة تتسق مع قواعد الديمقراطية.

وتتراجع استفادة النظام المصري من خوض قيادات في أحزاب الموالاة انتخابات الرئاسة بالشكل المسرحي، وقد يُشعر هذا المشهد قوى المعارضة والجهات الخارجية التي تتابع الأوضاع في مصر عن كثب بوجود نية للتلاعب بإجراءات الانتخابات.

وقال أحمد بهاءالدين شعبان رئيس الحزب الاشتراكي الاجتماعي إن الترشح لانتخابات الرئاسة حق مشروع وديمقراطي لأي شخص أو حزب يجد في نفسه صلاحية إدارة المنصب، لكن لا يوجد معنى أو مبرر لترشح منافسين للرئيس السيسي وهم من الأحزاب والقوى المؤيدة له، فمصر أكبر من أن يكون لها مرشحون “كومبارس”.

1