ترشح المكي للانتخابات يوحد أنصار قيس سعيد في مواجهة النهضة

حكم يؤكد استقلالية القضاء التونسي ويبدد مزاعم أن الانتخابات محسومة مسبقا.
الأربعاء 2024/08/28
وزير سابق في حكومة النهضة.. حجة له أم عليه

تونس- أعادت المحكمة الإدارية المرشح الإسلامي عبداللطيف المكي إلى سباق الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من أكتوبر القادم، في خطوة ستضفي على الانتخابات المزيد من الحيوية؛ باعتبار أنها تضع مرشحا محسوبا على حركة النهضة في مواجهة الرئيس الحالي قيس سعيد، كما تبدد مزاعم واتهامات بانحياز القضاء التونسي.

وترى أوساط سياسية تونسية أن إعادة المكي إلى السباق من شأنها أن تعيد الاهتمام الشعبي بالانتخابات في ظل وضع حالي يوحي بالتسليم بفوز قيس سعيد، ما يجعل المشاركة في التصويت روتينية وقد تقود إلى نتائج محدودة مثل ما حصل خلال الانتخابات البرلمانية والمحليات وقبلهما الاستفتاء على الدستور.

◄ عبيد البريكي أعلن دعم حركة تونس إلى الأمام لقيس سعيد في الانتخابات
عبيد البريكي أعلن دعم حركة تونس إلى الأمام  لقيس سعيد في الانتخابات

ذلك أن مشاركة إسلامي ومدعوم من حركة النهضة، ولو بشكل غير معلن، ستعيد إلى مسار 25 يوليو 2021 التوحّد والتحمّس بعد أن شهدت الجبهة الداعمة لقيس سعيد فتورا واضحا نتيجة انتقاد حركة الشعب المسارَ وقرارها ترشيح أمينها العام زهير المغزاوي للمنافسة في الانتخابات الرئاسية ولو بحظوظ محدودة.

ويلوم داعمو مسار 25 يوليو الرئيس سعيد على عدم استشارتهم وعدم التعامل معهم كشركاء بالرغم من أنهم وقفوا في وجه حركة النهضة ومهدوا لإجراءات 25 يوليو ودعموها سياسيا وإعلاميا. لكن قيس سعيد نظر إلى هذا الدعم بشكل مختلف ولم يفتح الباب أمام تقسيم السلطة وسياسة المكافأة بالمناصب كما كان يحصل في السابق، وهو ما يفسر تراجع البعض والتفكير في تحالفات جديدة.

ومن شأن ترشيح المكي أن يخلق في محيط الداعمين لقيس سعيد ما يشبه الاستنفار لهزْم الإسلاميين وتوحيد الصف، على الأقل في الدور الثاني من الانتخابات، في حين أن حظوظ المرشحين الآخرين العياشي زمال وزهير المغزاوي تبدو محدودة، خاصة بعد سقوط فرضية الاستفادة من تصويت جمهور حركة النهضة لصالحهما انتقاما من سياسات قيس سعيد.

وفي مؤشر أول على عودة الحماس إلى أنصار 25 يوليو أعلن عبيد البريكي، الأمين العام لحركة تونس إلى الأمام، أن حركته ستدعم قيس سعيد في الانتخابات دعما مطلقا، معتبرا أن ما قام به منذ 25 يوليو 2021 هو سلسلة من الإنجازات والنجاحات التي وضعت حدا للتدخل الأجنبي في الشأن الوطني.

◄ مشاركة مدعوم من حركة النهضة، ولو بشكل غير معلن، ستعيد إلى مسار 25 يوليو التوحّد والتحمّس لهزْم الإسلاميين

وبالإضافة إلى توحيد مسار 25 يوليو حول الرئيس الحالي، من شأن إعادة المكي إلى السباق أن تمنح قيس سعيد فرصة إظهار حركة النهضة -ومن ورائها مختلف المجموعات المتحالفة معها- على قدر حجمها الحقيقي؛ حزب محدود الشعبية، وانتخابات أكتوبر 2011 التي أكسبت الحركة زخما كبيرا ليست انتخابات أكتوبر 2024 بعد أن رأى التونسيون تجربتها في الحكم لسنوات وما قادت إليه من أزمات مازال الناس يعانون من نتائجها، ومن بينها مساعي تفكيك الدولة واختراق المؤسسات وخلق لوبيات تتولى عرقلة الإصلاحات.

ويقلل مراقبون من فرص المكي في المنافسة بجدية على الانتخابات، مشيرين إلى أن النهضة فقدت بريقها، وأن الكثير من التونسيين قد انفضوا عنها بعد خروجها من الحكم، وهناك الكثير من أنصارها غاضبون على أدائها، وهم أيضا لم ينسوا للمكي انشقاقه عن الحركة في ذروة أزمتها، ما يجعل فرصه في المنافسة محدودة حتى لو مر إلى الدور الثاني.

وكان المكي قياديا بارزا في حركة النهضة وعمل وزيرا للصحة في إحدى الحكومات المدعومة من الحركة، لكنه خرج من النهضة وأسس حزبا آخر ومع ذلك يتوقع أن يحظى بدعم غير معلن من حركة النهضة التي لم تتقدم بأي مرشح.

ويرى المراقبون أن عودة المكي تسحب البساط من تحت أقدام المزايدين الذين يتحدثون عن انتخابات مسطّرة مسبقا، وأن قيس سعيد اختار منافسين ضعافا ليمر إلى ولاية جديدة دون الحاجة إلى دور ثان. كما أنها تبدد مزاعم من يتحدثون عن أن القضاء تحت سيطرة قيس سيعد.

فيصل بوقرة: المحكمة أصدرت قرارا بقبول الطعن شكلا وأصلا ونقض الحكم الابتدائي
فيصل بوقرة: المحكمة أصدرت قرارا بقبول الطعن شكلا وأصلا ونقض الحكم الابتدائي

وكانت هيئة الانتخابات استبعدت ملف ترشح المكي بسبب خروقات في جمع التزكيات الشعبية من الناخبين.

وقال المتحدث باسم المحكمة الإدارية فيصل بوقرة إنها “أصدرت قرارا بقبول الطعن شكلا وأصلا ونقض الحكم الابتدائي وإلغاء قرار هيئة الانتخابات” باستبعاد المكي من الترشح.

وقال أحمد النفاتي رئيس حملة المكي إن “القرار عادل ويظهر صورة المحكمة الإدارية المعروفة بنزاهتها حتى في أحلك الفترات في تاريخ تونس”.

وفي 12 يوليو الماضي مُنع رئيس حزب العمل والإنجاز من مغادرة البلاد والإدلاء بتصريحات من قبل قاضي التحقيق الذي استجوبه في إطار قضية قتل شخصية سياسية عام 2014. لكن النفاتي قال إن القرار غير بات ولا يغير شيئا ولن يمنعه من المنافسة في انتخابات أكتوبر.

وتم إعلان تأسيس حزب العمل والإنجاز في 28 يونيو 2022 من قبل عدة شخصيات منشقة عن حركة النهضة. ومن بين هذه الشخصيات قيادات سابقة في النهضة مثل وزير الزراعة الأسبق محمد بن سالم، ووزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية الأسبق سمير ديلو.

وقال المكي في تصريحات سابقة إن “حزب العمل والإنجاز هو حزب محافظ ديمقراطي اجتماعي ووطني، ونعني بكلمة محافظ المحافظة على مكتسبات الأجيال التي سبقتنا بما يخلق فكرا تراكميا ضد فكر القطيع الذي يسود اليوم والمحافظة على القيم التي تبني هوية المجتمع”.

1