ترشح أبناء القذافي للرئاسة عنوان الشائعات في ليبيا

الظهور الإعلامي لسيف الإسلام القذافي أثار عاصفة من التكهّنات حول إمكانية ترشّحه للانتخابات الرئاسيّة.
الخميس 2021/10/07
هل الشعبية الحقيقية أكبر أم الافتراضية

طرابلس – أثار الظهور الإعلاميّ الأخير لسيف الإسلام القذافي ومن ثَمّ الإعلان عن إطلاق سراح شقيقه الساعدي في الأسابيع الماضية والحديث عن انتقاله إلى تركيا، شائعات وتكهّنات على مواقع التواصل الاجتماعي عن دور سياسي مُقبل لأبناء العقيد الراحل معمّر القذافي، لاسيّما مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقرّرة في ديسمبر المقبل.

وبعد عشر سنوات على الإطاحة بالعقيد القذافي وغياب عائلته عن المشهد السياسيّ في ظل فوضى وصراع على السلطة غرقت فيه البلاد، من بقي من أبنائه وما هي الشائعات التي تحوم حولهم على مواقع التواصل؟

وبعد 42 عاماً من الإمساك بمقاليد ليبيا بيد من حديد، أدى سقوط نظام الراحل معمّر القذافي في العام 2011 إلى استهداف أقاربه الذين كانوا من أركان حكمه. وقُتل ثلاثة من أبنائه، المعتصم بالله، سيف العرب وخميس خلال الانتفاضة الشعبية التي أدت إلى سقوطه والمواجهات التي تخللتها أو تلتها. وقد أدى خميس دوراً كبيراً في قمع الاحتجاجات في بنغازي، مهد الثورة في الشرق الليبيّ.

الظهور الإعلامي لسيف الإسلام القذافي أثار عاصفة من التكهّنات حول إمكانية ترشّحه للانتخابات الرئاسية

أما أبناؤه الباقون فقد توزّعوا بين السجن والمنفى، إذ سُجن في ليبيا كلّ من سيف الإسلام والساعدي. وفي لبنان ما يزال هنيبعل موقوفاً لدى السلطات منذ العام 2015، فيما تُقيم عائشة في عُمان، وكذلك أخوها محمّد الذي كان بعيدا عن الأضواء الإعلاميّة أصلا ولم يلعب دورا سياسيا.

وفي مطلع أغسطس أثار الظهور الإعلامي لسيف الإسلام القذافي للمرّة الأولى منذ أربع سنوات عاصفة من التكهّنات حول إمكانية ترشّحه للانتخابات الرئاسيّة، لاسيّما بعد حديثه عن إمكانية عودته إلى المشهد السياسيّ.

وبعد أيام على هذه المقابلة التي نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، تداولت صفحات ليبيّة على فيسبوك تسجيلاً صوتياً يُسمع فيه سيف الإسلام يقول بنبرة متأهّبة “نحن اليوم أمام اختبار تاريخيّ.. نحن اليوم كلّنا مسلّحون”، بما يوحي بأنّه يستعدّ لتحرّك سياسيّ أو ميدانيّ واسع النطاق.

وأرفق التسجيل الصوتي بواحدة من الصور التي نشرتها الصحيفة والتي شكّكت بعض المصادر في أن تكون عائدة بالفعل إلى سيف الإسلام.

وجاء ذلك في ظلّ غموض يلفّ مكان وجود سيف الإسلام الذي اعتقل عام 2011 وحُكم عليه بالإعدام عام 2015. ثمّ قالت المجموعة المسلّحة التي كانت تعتقله إنها أطلقت سراحه عام 2017 من دون معلومات مؤكّدة في هذا الشأن سوى ما أعلنته المحكمة الجنائيّة الدولية التي تلاحقه بتهم ارتكاب جرائم حرب، بأنها حدّدت مكانه في مدينة الزنتان الليبية في نهاية العام 2019.

وتعرّف صحافيو خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس على مصدر التسجيل الصوتي، وهو مجتزأ من كلمة متلفزة توجّه بها سيف الإسلام إلى الليبيين في العام 2011 بعد اندلاع الانتفاضة التي أسقطت نظام والده، ولا علاقة له بالتالي بالسياق الحاليّ في ليبيا.

وسبق نشر مقابلة “نيويورك تايمز” التي ألمح فيها سيف الإسلام إلى إمكان ترشّحه للرئاسة، ظهور منشورات على صفحات ليبيّة ادّعت، على لسان محاميه، الإعلان رسمياً عن ترشحه.

لكن المحامي خالد الزايدي وفي كلمة بثّتها “قناة الجماهيريّة العظمى” المؤيّدة للقذافي في العشرين من يوليو الماضي، لم يأت على ذكر ترشّح سيف الإسلام، بل دعا الليبيين إلى تسجيل أسمائهم للمشاركة في الانتخابات من أجل “إنقاذ البلاد من التدمير والتقسيم”.

وستكون أمام ترشّح سيف الإسلام للانتخابات عوائق كثيرة. فهو مدان في محكمة ليبيّة ومطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، لكنّه قال في المقابلة مع “نيويورك تايمز” إن هذه العوائق القانونية “يُمكن التفاوض بشأنها” في حال اختاره الليبيون زعيماً، من دون أن يعلن ترشّحه صراحة.

وفي السادس من سبتمبر أعلنت السلطات الليبية الإفراج عن الساعدي القذافي بعد سجنه لسبع سنوات إلى جانب مسؤولين آخرين في نظام والده.

وقالت السلطات إن إطلاق سراحه جاء “تنفيذاً لأحكام القضاء النافذة”، من دون تقديم معلومات عن مكان وجوده.

وبعد أربعة أيام أعلن وزير الإعلام في نظام القذافي موسى إبراهيم أن الساعدي موجود مع عائلته في تركيا.

لكن وزارة الخارجية التركيّة قالت لوكالة فرانس برس يومها إن لا علم لها بهذا الأمر.

وفي هذا الإطار ظهرت على مواقع التواصل في ليبيا صورة قيل إنها تُظهر الساعدي في تركيا مع صديق له. ومع أن هذه الصورة مركّبة تركيباً واضحاً، إلا أن ذلك لم يمنع من انتشارها على نطاق واسع، ومن تعامل كثيرين معها على أن الخبر صحيح.

وبعد إعلان السلطات الليبية الإفراج عن الساعدي، تداولت صفحات ليبيّة خبراً عن طلبه تعويضات بقيمة مئة مليون دولار “لتقييد حريّته من دون وجه حقّ”.

لكن هذا المنشور الذي لا يُعرف إن كان ظهر أول الأمر على سبيل السخرية أم لا، ليس صحيحاً. فقد أكّد مصدر في النيابة العامّة الليبية عدم وصول أي طلب من الساعدي بهذا الخصوص.

وقبل ثلاثة أشهر على الموعد المقرر للانتخابات ظهرت في سبتمبر منشورات على صفحات ليبيّة تدّعي أن عائشة القذافي، وهي محامية في الخامسة والأربعين من العمر، أعلنت ترشّحها للانتخابات.

ويأتي ظهور هذه الشائعة بعد بضعة أشهر على رفع اسم عائشة القذافي في مايو من قائمة سوداء للاتحاد الأوروبي وضع عليها عام 2011.

وكانت عائشة من الوجوه البارزة إعلامياً بين أبناء القذافي، وهي عرفت أيضاً باشتراكها في الدفاع عن الرئيس العراقي الأسبق الراحل صدّام حسين أثناء محاكمته.

لكن المنشور المتداول عن إعلان ترشّحها للانتخابات لا أصل له من الصحّة حتى تاريخ صدور هذا التقرير.

ويبقى فيسبوك الوسيلة الأولى للاطلاع على الأخبار بالنسبة إلى الليبيين، رغم غياب الضمانات حول صدقية ما ينشر عبره. ويمضي البعض أبعد من الشائعات من خلال بث رسائل كراهية أو حض على العنف وسط غياب العقاب السائد في البلاد الغارقة في الفوضى. ورغم الإشاعات التي تملأ شبكات التواصل الاجتماعي، فإن البعض نجح في استخدامها بشكل جيد لمصلحة السكان.

19