ترحيل المهاجرين الأفارقة يضع الجزائر في دائرة الاتهام مجددا

الجزائر- أعاد ترحيل الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة، الجزائر مجددا إلى دائرة الاتهام بسبب ما يوصف بالظروف غير الإنسانية التي يعاني أو يرحّل فيها هؤلاء، مما دفع مسؤولين سامين في الدولة إلى التدخل دفاعا عن الخطوة. .
وانتقدت المنظمات الحقوقية السلطات الجزائرية غداة حملة ترحيل مست خمسة آلاف مهاجر أفريقي نحو بلدانهم الأصلية، وذلك على خلفية ما أسمته بـ”الظروف غير الإنسانية” التي يتم فيها تهجير هؤلاء من مختلف المدن والمحافظات الجزائرية، ووضعهم في النقطة صفر على الحدود الفاصلة بين الجزائر والنيجر، وهي انتقادات تتجدد مع كل عملية ترحيل تباشرها المصالح المختصة.
وذكرت منظمة “هاتف إنذار الصحراء”، المهتمة بشؤون الهجرة غير الشرعية، خاصة تلك التي تتم انطلاقا من دول الساحل وجنوب الصحراء نحو دول شمال أفريقيا بغرض الاستقرار أو الاستمرار نحو السواحل الأوروبية عبر حوض المتوسط، أن “السلطات الجزائرية قامت في وقت سابق هذا الشهر بحملة ترحيل غير مسبوقة، حيث ألقت القبض على أكثر من 1800 مهاجر وتركتهم عند الحدود مع النيجر”.
وقالت منظمة “هاتف إنذار الصحراء” التي تراقب حركة الهجرة في المنطقة، إنه تم نقل المهاجرين بحافلات إلى منطقة صحراوية نائية تعرف باسم “النقطة صفر” بعد القبض عليهم في مدن جزائرية.
الرئيس الجزائري يرى أن بلاده لا تريد أن تتحول الهجرة السرية إلى مشاكل أمنية، في ظل وجود جهات تريد استغلال هؤلاء لزرع خلايا تنشط لغرض المساس بأمن واستقرار الجزائر
وصرّح المنسق الوطني للمنظمة التي تتخذ من النيجر مقرا لها عبدالعزيز شيخو، بأنه “تم إحصاء 1845 مهاجرا لا يتمتعون بوضع قانوني في الجزائر، لدى وصولهم إلى مدينة أساماكا الحدودية في النيجر بعد الطرد الجماعي في 19 أبريل الجاري”، مشددا على أن ذلك رفع العدد الإجمالي للمهاجرين المرحلين الذين وصلوا إلى أساماكا خلال هذا الشهر إلى أكثر من أربعة آلاف شخص.
ونظمت الجزائر منذ مطلع الشهر الجاري عمليات ترحيل للمهاجرين السرّيين من دول الساحل وجنوب الصحراء، حيث لوحظت عملية توقيف وتجميع لهؤلاء في مراكز مختصة، ونقلهم عبر حافلات منها نحو الحدود البرية الفاصلة بينها وبين النيجر على مسافة تفوق 2000 كلم.
وتزامنت الحملة مع تصاعد حالة الاحتقان السياسي والدبلوماسي الناجم عن إسقاط الجيش الجزائري لطائرة مسيرة مالية مطلع الشهر الجاري، وما تبعها من قرارات تصعيدية بين الجزائر ودول الساحل، على غرار سحب السفراء وغلق المجال الجوي المتبادل بين الطرفين.
وفي أول رد فعل رسمي جزائري، أدلى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بتصريح مقتضب خلال لقائه بما يعرف بالمجتمع المدني أثناء زيارته لمحافظة بشار في أقصى الجنوب الغربي للبلاد، أشار فيه إلى أن بلاده “لا تمانع الهجرة، لكن لا بد من عملية تنظيم وتدقيق، كي لا يتم استغلالها لأغراض أخرى”.
ولفت إلى أن بلاده لا تريد أن تتحول الهجرة السرية إلى مشاكل أمنية، في ظل وجود جهات تريد استغلال هؤلاء لزرع خلايا تنشط لغرض المساس بأمن واستقرار البلاد، أو بناء شبكات تجسس، وأن الحاجة إلى يد عاملة أفريقية مرحب بها في ظل احترام القانون والشروط اللازمة، خاصة وأن عدة قطاعات كالزراعة والبناء في حاجة إلى هؤلاء.
وأعاب الرئيس الجزائري على السلطات النيجيرية خروجها من الاتفاق المبرم بين البلدين بشأن الهجرة السرية وتنقل الأفراد، حيث لم يعد الأمر مجرّما في القانون المحلي، منذ قدوم السلطة العسكرية الحاكمة في البلاد، وهو ما يوحي بحسب المتحدث، بأن “الجزائر لم تجد الطرف النظير لمعالجة المشكلة معه”.
ومن جهته يواصل وزير الاتصال محمد مزيان حملة تعبئة قطاع الإعلام في الجزائر، من أجل ما أسماه بـ”تكوين الجبهة الداخلية”، وحضّ العاملين في القطاع على التجنّد من أجل تسويق صورة إيجابية عن البلاد، وإلى “عدم الانجرار وراء التقارير المغلوطة”، ويقصد بها الانتقادات الحقوقية، وحتى بعض المحتويات الإلكترونية التي زعم أنها تستهدف تشويه سمعة البلاد وصورتها.
وكانت قناة “تيلي ساحل” قد ذكرت أن “الجزائر، كعادتها، أي في ازدراء للقوانين والاتفاقيات الأفريقية والدولية، قامت بترحيل آلاف المواطنين الأفارقة من بينهم نيجريون”.
ونقلت عن مسؤولين أمنيين في مدينة أساماكا النيجرية الحدودية مع الجزائر “من الأول من أبريل 2025 إلى 21 منه، تمّ ترحيل 2753 نيجريا بينهم 308 قاصرين من الجزائر”.
وقالت “المهاجرون النيجريون وصلوا فيما يسمى القوافل الرسمية، أي أنّه تمّ نقلهم في سيارات واستُقبلوا في أساماكا من قبل السلطات المحلية، بموجب اتفاقات بين البلدين”.
في حين أوضحت منظمة “هاتف إنذار الصحراء”، أن “هؤلاء المشاة هم مهاجرون أفارقة، غالبيتهم من غير النيجريين، وقد تمّ إنزالهم في نقطة الصفر، وهي منطقة صحراوية تمثّل الحدود بين البلدين، وكان عليهم أن يسيروا 15 كيلومترا للوصول إلى أساماكا في ظروف جوية قاسية”.
وكان وزير الداخلية النيجري محمد تومبا قد صرح منذ عدة أسابيع، بأن “قضية المرحلين الذين نستقبلهم من الجزائر تشكل وضعا يخل بالتوازن الأمني للنيجر، وأنه طلب من المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إعادة المهاجرين إلى بلدانهم”.
وكانت عملية ترحيل سابقة (جرت العام الماضي) قد تسببت في استدعاء السلطات العسكرية الحاكمة في نيامي السفير الجزائري للاحتجاج على ما أسمته بـ”الطبيعة العنيفة لعمليات الإعادة والترحيل”.