ترحيب واشنطن بالحكومة الانتقالية يمهد لدور أميركي أكبر في مالي

الاعتراف الأميركي بحكومة باماكو الانتقالية يفتح الباب أمام عودة التعاون الأمني الأميركي وهو تعاون بالغ الأهمية في مواجهة الجهاديين.
الاثنين 2020/10/05
جيش متعثر يحتاج إلى دعم خارجي

فتح اعتراف مجموعة غرب أفريقيا (إيكواس) بحكومة مالي الانتقالية الأبواب أمام تجاوز بقية التحفظات الدولية، ما يسمح للحكومة الفتية بالعمل في كنف الشرعية الدولية وهو عامل مهم للمحافظة على استقرار البلد الذي تتهدده الجماعات الجهادية.

واشنطن- قالت الولايات المتحدة إنها ترحب بتشكيل حكومة انتقالية في مالي معتبرة ذلك “خطوة أولية باتجاه العودة إلى النظام الدستوري”، في خطوة صنفها مراقبون في خانة الاعتراف الضمني بالحكومة الجديدة المنبثقة عن انقلاب عسكري في 18 أغسطس الماضي نددت به واشنطن وقطعت على إثره تعاونها الأمني مع باماكو المتعثرة في مواجهة المتشددين الإسلاميين.

ودعت مورجان أورتاجوس المتحدثة باسم الخارجية الأميركية في بيان، الحكومة الانتقالية إلى محاربة الفساد وإصلاح العملية الانتخابية، كما قالت “ندعو الحكومة إلى احترام حقوق الإنسان واتخاذ خطوات ملموسة لمنع انتهاك قوات الأمن الحكومية لهذه الحقوق والتحقيق مع المسؤولين عن وقوع الانتهاكات ومحاسبتهم”.

وتابعت أورتاجوس “نحث الحكومة الانتقالية على الوفاء بالتزاماتها أمام المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) ومنها إجراء انتخابات ديمقراطية في غضون 18 شهرا”.

ويأتي الترحيب الأميركي ، الذي سيفتح للحكومة الانتقالية في باماكو آفاقا أوسع للتحرك ضمن الشرعية الدولية، إثر اعتراف مجموعة غرب أفريقيا بشرعية الحكومة الانتقالية ورفعها العقوبات المفروضة على باماكو إثر الانقلاب العسكري.

مورجان أورتاجوس: على الحكومة الانتقالية الوفاء بالتزاماتها أمام إيكواس
مورجان أورتاجوس: على الحكومة الانتقالية الوفاء بالتزاماتها أمام إيكواس

ويفتح الاعتراف الأميركي بحكومة باماكو الانتقالية الباب أمام عودة التعاون الأمني الأميركي وهو تعاون بالغ الأهمية في مواجهة الجهاديين في مالي والساحل الأفريقي. وقالت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا الجمعة إنها سترفع العقوبات التي تسببت في تراجع الواردات بنسبة 30 في المئة، بمجرد تعيين رئيس وزراء مدني وهو ما تم فعلا.

وخففت المجموعة مطالبها الأولى بتعيين قيادة مدنية، حيث يأتي تعيين مختار وان بعد يومين من أداء الكولونيل المتقاعد باه إندو اليمين رئيسا للبلاد، وأداء قائد الانقلاب الكولونيل أسيمي غويتا اليمين نائبا له.

وسيضطلع الرجال الثلاثة بمهمة الإشراف على عملية العودة إلى الحكم المدني خلال 18 شهرا حتى تعود مالي إلى الحكم المدني بعد الإطاحة بالرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا. وكانت الولايات المتحدة قد علقت كل أشكال الدعم العسكري لمالي عقب الانقلاب الذي نفذه عسكريون في البلد الأفريقي.

وقال المبعوث الأميركي لمنطقة الساحل الأفريقي بيتر فام إنه “لا للمزيد من التدريب أو الدعم للقوات المسلحة المالية. أوقفنا كل شيء حتى يتضح لنا الوضع”. وأضاف الدبلوماسي الأميركي “لا نعرف من هي بالضبط القوى المشاركة في التمرد ولا لمن ولاؤها”. ولفت إلى أن التمرد “لن يساعد بالتأكيد” القوات متعددة الجنسية التي “تتصدى للمجموعات الجهادية في الساحل”.

وتوفر واشنطن خصوصا دعما في مجال الاستخبارات والمراقبة، وعمليات نقل لوجستية لصالح فرنسا التي تقود منذ 2014 عملية “برخان” لمساعدة جيش مالي المتعثر في مكافحة الجهاديين.

وهناك أيضا بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في مالي العاملة منذ 2013، وهي إحدى أهم بعثات المنظمة الأممية، إضافة إلى القوة العسكرية المشتركة التي أنشأتها موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد عام 2017.

وكانت قوى دولية تخشى من أن يؤدي الانقلاب إلى زيادة الاضطراب ويقوض المعركة المشتركة ضد المتشددين الإسلاميين بالبلد الأفريقي وفي منطقة الساحل.

وحرصت المجموعة العسكرية التي استولت على السلطة في مالي على التأكيد على أن “السلام في مالي أولويتنا” وأن القوات الإقليمية والأجنبية المنتشرة في البلاد “تبقى شريكتنا”.

وأحد ثوابت استراتيجية باريس يقضي بالتعاون الوثيق مع القوات المسلحة المحلية على أمل أن تصبح قادرة في المستقبل على التكفل بضمان الأمن في الساحل.

وبالرغم من مشاركة فرنسا العسكرية ودعم الولايات المتحدة وبعض القوى الأوروبية، كان الأمن يزداد سوءا منذ تدخل باريس في عام 2013 لمنع تقدم الجماعات الجهادية نحو العاصمة المالية باماكو.

وعلى الرغم من تشتت الجماعات الجهادية وطرد جزء كبير منها من شمال مالي منذ 2013، ما زالت مناطق بأكملها خارجة عن سيطرة القوات المالية والفرنسية وتلك التابعة للأمم المتحدة.

وفي مارس 2012، مع إطلاق المتمرّدين الطوارق هجوما كبيرا على شمال مالي، تمرد عسكريون على ما اعتبروه تقاعسا للحكومة في التعامل مع الوضع، وأطاحوا بالرئيس توماني توريه.

توفر واشنطن خصوصا دعما في مجال الاستخبارات والمراقبة، وعمليات نقل لوجستية لصالح فرنسا التي تقود منذ 2014 عملية "برخان" لمساعدة جيش مالي المتعثر في مكافحة الجهاديين

لكنّ الانقلاب عجّل بسقوط شمال البلاد في أيدي الجماعات الإسلامية المسلحة، قبل أن يتم دحرها خصوصا بعد تدخل عسكري فرنسي في يناير 2013 لا يزال مستمرا.

وتوسعت هجمات الجماعات الجهادية إلى وسط البلاد عام 2015، ما أدّى إلى خسائر مدنية وعسكرية جسيمة. وهذه الهجمات المتداخلة مع نزاعات محليّة، امتدت أيضا إلى النيجر وبوركينا فاسو المجاورتين.

وقال خبير منطقة الساحل في مجموعة الأزمات الدولية جان إرفيه جيزيكيل “ثماني سنوات من الجهود والاستثمار والحضور أفضت في النهاية إلى العودة بالوضع في مالي إلى وقت الانقلاب عام 2012، مع وضع مضطرب أيضا في باماكو وانتفاضات مسلحة أكثر عنفا، وأعمال عنف متزايدة بين المجموعات”.

وأضاف جيزيكيل “على فرنسا ودول الساحل والشركاء الآخرين مراجعة الخيارات الاستراتيجية حقا، تلك التي قامت بها في السنوات الماضية، فلا يمكن ضمان أمن منطقة بشكل مستديم دون تغيير أنماط الحكم فيها”.

5