ترجيح تسارع موجة الاستحواذات بين الشركات في الخليج

تتسارع وتيرة تحركات الشركات الخليجية بحثا عن صفقات اندماج لإنشاء كيانات كبرى تعزز موقعها وخارطة الخدمات، التي تستطيع تقديمها لزيادة القدرة التنافسية مع الشركات المحلية والعالمية، سعيا إلى خفض النفقات التشغيلية في خضم التطوّرات التي يعيشها قطاع الأعمال.
دبي - يرجّح محللون أن تتسارع وتيرة عمليات الاستحواذ والاندماج بين الشركات في منطقة الخليج هذا العام، بعد أن شهدت زيادة كبيرة خلال العامين الأخيرين لمواجهة انحسار هوامش الأرباح جرّاء تراجع إنفاق الحكومات والأفراد.
وتزايدت خلال الفترة الأخيرة صفقات اندماج واستحواذ مليارية في اقتصادات دول الخليج العربي، وسط مساع إلى تعزيز تنافسيتها بالأسواق العالمية، وتنويع مصادر الدخل وخفض التكلفة، والحيلولة دون التأثر الكبير بهزات أسواق النفط.
وشهد الأسبوع الماضي صفقتين، الأولى استحواذ أرامكو، أكبر منتج للنفط عالميا، على 70 بالمئة من الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، تمثل حصة صندوق الاستثمارات العامة السعودية، بقيمة 69.1 مليار دولار وتعدّ الصفقة الأغلى بالمنطقة.
والصفقة الثانية، استحواذ شركة أوبر الأميركية لحلول النقل التشاركي عبر تطبيق على الهواتف الذكية على منافستها في الشرق الأوسط شركة كريم الإماراتية بقيمة 3.1 مليارات دولار، وتقدر أنها الصفقة الأكبر في هذا القطاع نفذت بالمنطقة.
ويقول جاسم عجاقة، الخبير الاقتصادي والأستاذ في الجامعة اللبنانية، إن دول الخليج دخلت مرحلة الاستحواذات التجارية بقوة، بغرض تعزيز قدرتها التنافسية بالأسواق العالمية.
وأوضح لوكالة الأناضول أن اقتصادات المنطقة تذهب بالاتجاه الصحيح وسط خطط تنويع مصادر الدخل، والعمل على الاستفادة من الدمج والاستحواذ بغرض خفض التكلفة وتقليل المخاطر المالية والتجارية، والوصول إلى أسواق جديدة.
ويرى أن الاستحواذات المليارية يدلّ على الحجم الحقيقي للاقتصادات الخليجية، التي أصبحت بعض شركاته بأحجام عالمية.
ويتوقّع توسّع دول المنطقة بمزيد من صفقات الدمج والاستحواذ لتشمل قطاعات أخرى، مثل الصناعة والزراعة والخدمات عامة.
وفي ظل التباطؤ الذي تشهده الأسواق العالمية، فمن المتوقّع أن يؤدي ذلك إلى زيادة نسبة الاستحواذات بين كيانات حكومية خاصة النفطية أو بالقطاع المصرفي بالخليج.
وعلى صعيد دمج الكيانات الحكومية خليجيّا، يعتقد البعض أنّ هناك عملية تسريع لدمجها نظرا إلى انخفاض أسعار النفط، وما سببه من خلق عجز بموازنات الدول مما يفرض على هذه الأخيرة التوجّه نحو الدمج كأحد الحلول لتخفيض الكلفة.
وفي صفقة مشابهة لاستحواذ أرامكو على سابك، قامت الدوحة مطلع العام الماضي بدمج شركتيْ قطر غاز ورأس غاز الحكومتين، وسط سعيها إلى زيادة المنافسة عالميا على صعيد إنتاج وبيع الغاز المسال.
ويعتبر محمد رمضان، الخبير الاقتصادي الكويتي، أن صفقة أوبر وكريم مختلفة جوهريّا عن صفقة أرامكو سابك، فالأولى تعكس النجاح المحقق من استنساخ نموذج ناجح عالميا وتأسيسه بالسوق المحلية والإقليمية، مثلما حدث مع صفقة استحواذ أمازون على سوق دوت كوم بقيمة 580 مليون دولار.
وقال في تصريحات لوكالة الأناضول إن “تلك الشركات أثبتت نجاحها محليا وفي ظل مساع نحو الاستحواذات الجيّدة ودخول أسواق جديدة تقوم المؤسسات العالمية بشراء الشركات المشابهة لنشاطها”.
أما أرامكو وسابك، فيرى رمضان أن الأمر مختلف، مع التوجه لخفض التكاليف وخلق فرص جديدة وزيادة كفاءة تحقيق الأرباح.
وأشار إلى أن عمليات الاندماج والاستحواذ تتم في حالات توسيع الاستثمار، أو لتجنّب التعثّر، أو لتوحيد شركات في مجموعة واحدة.
وحول اندماج البنوك فيقول الخبير إن المصارف تطمح لتقوية عملياتها والتغلّب على أزمة نقص السيولة التي ظهرت عقب تراجع أسعار النفط في 2014 عبر صفقات الاندماج.
ويعتقد وضاح ألطه عضو الجمعية العالمية لاقتصاديات الطاقة، أن تزايد حالة عدم اليقين حيال الاقتصاد العالمي تدفع الشركات بمنطقة الخليج للبحث عن فرص الاستحواذ والاندماج، لتحقيق الاستدامة المطلوبة لدعم الاقتصادات المحلية.
وقال إن “هناك حاجة ملحّة لتأسيس كيانات تجارية قوية تخدم تطلعات اقتصادية كبرى بالمنطقة وتنجح الخطط طويلة المدى، مثل صفقة أرامكو سابك والتي تؤهل السعودية لتصبح أكبر منتج للبتروكيماويات قريبا”.
ورجّح كذلك أن تنشط الاستحواذات والاندماجات في القطاع المصرفي بغرض تأسيس كيانات مصرفية كبرى لتمويل المشروعات العملاقة بالمنطقة، فضلا عن خفض النفقات التشغيلية.
وتترقب أسواق الخليج صفقات اندماج بقطاع البنوك بين 11 مصرفا تعمل بالمنطقة، بإجمالي أصول تقترب قيمة أصولها من 500 مليار دولار.
وتضمّ صفقات الاندماج المصرفية في السعودية مصرفي الأهلي التجاري والرياض بإجمالي أصول تقدر بأكثر من 180 مليار دولار، إضافة إلى اندماج مصرفي الأول والسعودي البريطاني بأصول متوقعة 76.7 مليار دولار.
وفي الإمارات تقوم بنوك أبوظبي التجاري والاتحاد الوطني والهلال بمفاوضات لتكوين كيان بأصول 113 مليار دولار، فيما يعتزم بيت التمويل الكويتي الاندماج مع الأهلي المتحد البحريني بأصول 92 مليار دولار.