ترتيبات عشائرية في الأردن تمهد لعفو ملكي عن أسامة العجارمة

توقعات بلملمة قضية العجارمة على شاكلة قضية الأمير حمزة.
الاثنين 2022/02/14
صفقة تحفظ هيبة الملك ولا تستعدي العشيرة

تختبر مآلات قضية النائب المفصول أسامة العجارمة العلاقة بين المكون العشائري النافذ مجتمعيا واقتصاديا والنظام الأردني، في ظل قطيعة بدأت ملامحها تتشكل منذ سنوات. ويرى محللون أن السلطة الأردنية ستسعى للملمة القضية تلافيا للمزيد من استعداء العشائر في وقت تحتاج فيه إلى هدوء مجتمعي مطلوب بشدة لتمرير الإصلاحات السياسية.

عمان - استبعدت أوساط سياسية أردنية أن تكون دعوة النائب رمزي العجارمة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني للعفو عن النائب المفصول أسامة العجارمة، الذي يواجه حكما نافذا بالسجن لاثني عشر عاما، أن تكون مناشدة شخصية وإنما جاءت بعد ترتيبات تمهد للململة القضية على شاكلة قضية الأمير حمزة.

وقالت تلك الأوساط إن الدعوة إلى عفو ملكي عن النائب المفصول تأتي في فترة يبحث فيها النظام الأردني عن تحصين الجبهة الداخلية وتفادي الدخول في خلافات مع العشائر النافذة في وقت تعيش فيه المملكة على وقع ديناميكية تحديث المنظومة السياسية وما يرافقها من جدل مجتمعي.

وطالب رمزي العجارمة الأحد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بإصدار عفو ملكي عن معتقلي الرأي.

ودعا النائب للإفراج عن النائب المفصول أسامة العجارمة ورفقائه. وقال “إن عشيرة العجارمة قدمت للوطن الشهداء والولاء والانتماء، والعفو من شيمكم”.

رمزي العجارمة: عشيرة العجارمة قدمت الولاء والانتماء والعفو من شيمكم

ومنح العاهل الأردني قبل أشهر عفوا خاصا عن المدانين بتهمة “إطالة اللسان” على الملك، ما اعتبرته أوساط سياسية نيه جدية للإصلاح السياسي الذي يطالب به الأردنيون منذ فترة.

ويتوقع مراقبون أن يعفو العاهل الأردني عن النائب المفصول بعد أن يصدر ضده حكم نهائي وأن العفو المتوقع متفق عليه مع عشيرة العجارمة منذ أن بدأت القضية.

ووفقا للقانون الأردني لا يمكن أن يتمتع شخص بعفو ملكي خاص ما لم يصدر في حقه حكم قضائي نهائي وبات، في حين أن الحكم الذي أصدرته محكمة أمن الدولة ضد العجارمة قابل للطعن أمام محكمة التمييز.

ويدلل هؤلاء على قولهم بعدم تحرك عشيرة العجارمة والاحتجاج على الحكم الصادر في حق ابنهم في إبانه وهو ما يدلل على أن صفقة طبخت في الكواليس.

وسارعت الأسرة المالكة إلى لملمة قضية الأمير حمزة بإصدار حكم قضائي مستعجل على كل من رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله والشريف عبدالرحمن حسن بن زيد أحد أفراد العائلة المالكة، بتهمتي “جناية التحريض على مناهضة نظام الحكم السياسي القائم بالمملكة” و”جناية القيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه إلى الخطر وإحداث الفتنة”.

وفي الثاني عشر من يوليو الماضي، قضت محكمة أردنية بسجن المتهمين ، بالسجن 15 عاما؛ لإدانتهما بـ”التحريض على مناهضة نظام الحكم السياسي القائم بالمملكة” و”القيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وإحداث الفتنة” وتبرئة الأمير الحمزة .

وأشارت مصادر سياسية أردنية حينها إلى أن الاستعجال في الحكم في قضية الفتنة التي هزت المملكة يمهد لتسوية سريعة تتمحور حول عفو ملكي مرتقب على المتهمين.

وفي السادس من يونيو الماضي، صوت مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، لصالح فصل العجارمة على خلفية ما اعتبرها تصريحات “مسيئة” بدرت منه بحق العاهل الأردني، ثم اعتُقل منتصف ذات الشهر، وبدأت محاكمته بعد ذلك بثلاثة أشهر.

وجاء قرار فصل العجارمة بعد أيام على تجميد مجلس النواب لعضويته، أواخر مايو؛ بسبب “إساءته للمجلس وأعضائه ونظامه الداخلي”، حسب قرار المجلس، إثر مداخلة له في المجلس بشأن حادثة انقطاع الكهرباء عن عموم المملكة.

وأدت قرارات مجلس النواب بحق العجارمة إلى خروج مسيرات ووقفات مؤيدة ومنددة، توسعت إلى حدوث مواجهات مع قوات الأمن في مسقط رأسه في منطقة بلواء ناعور (تابعة للعاصمة عمان).

وينتمي النائب أسامة إلى عشيرة العجارمة، إحدى أكبر العشائر في الأردن، وهو نائب مستقل من مواليد عام 1981، خدم في القوات المسلحة وخرج منها برتبة رائد.

العلاقة بين الدولة والعشائر بدأت بالتراجع منذ نحو عقدين، مع توجه الأردن نحو تحولات اقتصادية واجتماعية

وتتمتع العشائر في الأردن بنفوذ كبير في الحياة السياسية نظرا إلى دورها المؤثر في الانتخابات، فيما أحدثت قضية العجارمة تداعيات على مستوى العلاقة بين المكوّن العشائري والدولة.

وفي وقت تتّهم فيه أوساط أردنية النائب المفصول العجارمة باستغلال العشائرية والقبلية كورقة ضغط للمطالبة بإصلاحات سياسية، لا تبدو العلاقة بين القيادة الأردنية والعشائر في أحسن حالاتها.

وظلت العلاقة بين النظام الأردني والعشائر طوال سنوات إيجابية وقوية، بموجب عقد اجتماعي، لكن منذ سنوات تشكو العشائر الأردنية من الإقصاء ومحاولات إبعادها عن مراكز صنع القرار .

وانخرط العديد من العشائر الأردنية منذ سنوات في تحركات مطلبية تهدف إلى الإصلاح السياسي وإخراج البلاد من حال التردي الاقتصادي.

وأحدثت قضية العجارمة، تداعيات على مستوى العلاقة بين المكون العشائري وبين الدولة، فيما يؤكد مراقبون أن ثمة أسبابا أخرى أكثر أهمية وعمقا أدت إلى توتر العلاقة بين الطرفين في السنوات الأخيرة.

ويشير هؤلاء إلى أن من أسباب هذا التوتر، وجود إشكاليات في إدارة الدولة للملفات الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية، بالإضافة إلى عدم وجود مقومات تدفع بالحالة التنموية في المناطق النائية التي يقطنها أبناء العشائر.

وأضافوا أن هذه الإشكاليات أوصلت إلى مرحلة يمكن للأوضاع أن تتأزم فيها جراء أيّ حادثة كحادثة النائب المفصول العجارمة.

وبدأت العلاقة بين الدولة والعشائر بالتراجع منذ نحو عقدين، مع توجه الأردن نحو تحولات اقتصادية واجتماعية كالخصخصة ووقف ريعية الدولة، واليوم، وعلى وقع ارتفاع نسبة البطالة بين الأردنيين إلى 50 في المئة، وارتفاع مديونية المملكة إلى 50 مليار دولار، تبدو العلاقة أكثر تأزماً بين الأردنيين وحكوماتهم المتعاقبة.

2