ترامب يهدد إيران بقوة "غير مسبوقة" وينأى بواشنطن عن الهجمات الإسرائيلية

واشنطن - قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الأحد إنه إذا هاجمت إيران الولايات المتحدة بأي شكل من الأشكال، فستواجه قوة الجيش الأميركي "بمستويات غير مسبوقة"، وذلك في خضم تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط مع استمرار تبادل الهجمات بين إسرائيل وإيران.
يأتي هذا التحذير في وقت تسعى فيه إدارة ترامب إلى النأي بنفسها عن الضربات الجوية الإسرائيلية الواسعة النطاق الأخيرة على إيران، والتي شُنت في إطار عملية "الأسد الصاعد".
وفي منشور على منصته للتواصل الاجتماعي (تروث سوشيال)، أكد ترامب أن الولايات المتحدة لا علاقة لها بالهجوم الجاري على إيران، مشيرًا إلى إمكانية التوصل بسهولة إلى اتفاق بين إيران وإسرائيل لإنهاء "هذا الصراع الدموي!".
ويُظهر هذا الموقف محاولة من ترامب للحفاظ على معادلة مزدوجة تجمع بين الردع العسكري الكامل والانفتاح السياسي المشروط، وهي مقاربة اتبعها في ملفات سابقة، أبرزها مع كوريا الشمالية.
وتأتي تصريحات ترامب بعد اتهام عدة مسؤولين إيرانيين بوقت سابق، الولايات المتحدة بالضلوع في الهجوم الإسرائيلي الذي بدأ الجمعة الماضي، مستهدفاً عدة مواقع عسكرية في إيران، فضلا عن منشآت نووية. كما اغتالت إسرائيل عدة قادة عسكريين رفيعي المستوى، وتسعة علماء ذرة إيرانيين.
وفي جلسة طارئة لمجلس الأمن يوم السبت، صرح سفير إيران الدائم لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، أن الهجمات الإسرائيلية على بلاده تتم بدعم من الولايات المتحدة، مؤكدا أن "إسرائيل، التي تعتبر أكثر الأنظمة عنفا في العالم، نفذت هذه الهجمات الهمجية بدعم استخباري وسياسي كامل من الحكومة الأميركية".
وأفاد موقع "أكسيوس" الإخباري الأحد، بأن إسرائيل طلبت من إدارة ترامب الانضمام إليها في الضربات التي توجهها لإيران.
ونقل "أكسيوس" عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن إسرائيل طلبت من إدارة ترامب خلال الـ48 ساعة الماضية الانضمام إلى الحرب مع إيران للقضاء على برنامجها النووي.
وأشارت "أكسيوس" إلى أن إسرائيل طرحت فكرة مشاركة الولايات المتحدة في تدمير منشأة فوردو النووية، نظرًا لافتقارها إلى القنابل الخارقة للتحصينات والطائرات القاذفة الكبيرة اللازمة لذلك.
ورغم هذه المطالب، نأت إدارة ترامب بنفسها عن المشاركة في العملية الإسرائيلية حتى الآن، معتبرة أن أي مشاركة أميركية قد تُعطي إيران حجة للرد بضرب أهداف أميركية، مما يجر واشنطن إلى حرب مباشرة مع طهران.
ومع ذلك، إذا ظلت منشأة فوردو تعمل بعد انتهاء العملية، فإن إسرائيل ستكون قد فشلت في تحقيق هدفها المتمثل في "القضاء" على البرنامج النووي الإيراني.
وقال مسؤول إسرائيلي لـ"أكسيوس" إن الولايات المتحدة قد تنضم إلى العملية الإسرائيلية ضد إيران، وأن الرئيس ترامب اقترح أنه سيفعل ذلك إذا لزم الأمر في محادثة حديثة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وبينما نفى مسؤول في البيت الأبيض ذلك الجمعة، أكد مسؤول أميركي ثانٍ لـ"أكسيوس" السبت أن إسرائيل حثت إدارة ترامب على الانضمام، لكنه قال إن الإدارة لا تدرس الأمر حاليا.
وصرّح مسؤول كبير في البيت الأبيض لـ"أكسيوس" السبت بأنه "مهما حدث اليوم، لا يمكن منعه"، في إشارة إلى الهجمات الإسرائيلية.
وأضاف المسؤول "لكن لدينا القدرة على التفاوض على حل سلمي ناجح لهذا الصراع إذا كانت إيران مستعدة لذلك. أسرع سبيل لإيران لتحقيق السلام هو التخلي عن برنامجها النووي".
وشهدت المنطقة خلال الليل وحتى صباح اليوم الأحد موجة جديدة من الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران. وأعلنت السلطات الإسرائيلية أن فرق الإنقاذ مشطت أنقاض مبان سكنية مدمرة في الغارات، بالاستعانة بالمصابيح والكلاب البوليسية للبحث عن ناجين بعد مقتل ما لا يقل عن سبعة أشخاص.
وقررت طهران إلغاء المحادثات النووية التي وصفتها واشنطن بأنها السبيل الوحيد لوقف القصف الإسرائيلي فيما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن الهجمات التي تعرضت لها إيران حتى الآن لا تقارن بما ستشهده في الأيام المقبلة.
ومن جانبها، أعلنت إيران مقتل 78 شخصا في اليوم الأول من الحملة الإسرائيلية عليها وسقوط عشرات آخرين في اليوم الثاني من بينهم 60 شخصا عندما دمر صاروخ مبنى سكنيا من 14 طابقا في طهران وكان من بين القتلى 29 طفلا.
وقالت إيران إن مستودع النفط في شهران استُهدف في هجوم إسرائيلي لكن الوضع تحت السيطرة، وأفادت وكالة تسنيم للأنباء اليوم الأحد بأن حريقا اندلع بعد هجوم إسرائيلي على مصفاة للنفط قرب العاصمة وأن الغارات الإسرائيلية استهدفت أيضا مبنى وزارة الدفاع في طهران، مما أدى إلى وقوع أضرار طفيفة.
وبدأت الموجة الأحدث من الهجمات الإيرانية بعد الساعة 11 مساء السبت بقليل (20:00 بتوقيت غرينتش)، عندما دوت صفارات الإنذار في القدس وحيفا ليهرب نحو مليون شخص إلى الملاجئ.
وفي حوالي الساعة 2:30 صباحا بالتوقيت المحلي (2330 بتوقيت غرينتش أمس السبت)، حذر الجيش الإسرائيلي من إطلاق وابل جديد من الصواريخ من إيران، وحث السكان على البحث عن ملاجئ. وتردد دوي الانفجارات في تل أبيب والقدس مع إطلاق صواريخ لاعتراض الوابل الجديد. وألغى الجيش تحذير الاحتماء بعد ساعة تقريبا من إصداره.
وقالت جماعة الحوثي اليمنية الأحد إنها استهدفت مدينة يافا في وسط إسرائيل بعدة صواريخ بالستية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، في أول مرة تنضم فيها جماعة متحالفة مع إيران إلى التصعيد.
وأفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية بمقتل سبعة أشخاص على الأقل خلال الليل، بينهم طفل في العاشرة وامرأة في العشرينيات، وإصابة أكثر من 140 في هجمات متعددة.
وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن ما لا يقل عن 35 شخصا في عداد المفقودين بعد ضربة أصابت مدينة بات يام جنوبي تل أبيب. وقال متحدث باسم خدمات الطوارئ إن صاروخا أصاب مبنى من ثمانية طوابق هناك، وتم إنقاذ العديد من الأشخاص، لكن سقط قتلى.
ولم يتضح عدد المباني التي أصيبت خلال الليل.
وحتى الآن، قتل تسعة أشخاص على الأقل في إسرائيل وأصيب أكثر من 300 منذ أن بدأت إيران شن هجماتها الانتقامية الجمعة.
وأُلغيت جولة المحادثات النووية الأميركية الإيرانية التي كان من المقرر عقدها في عُمان اليوم الأحد، إذ قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إنه لا يمكن إجراء المحادثات بينما تتعرض إيران لهجمات إسرائيلية "همجية".
وفي أول هجوم على البنية التحتية للطاقة على ما يبدو، أفادت وكالة تسنيم للأنباء بتعليق إنتاج الغاز في جزء من حقل بارس الجنوبي، وهو أكبر حقل غاز في العالم، في أعقاب هجوم إسرائيلي على الموقع أمس السبت أدى لاندلاع حريق.
ويقع حقل بارس الجنوبي قبالة ساحل إقليم بوشهر بجنوب إيران، وهو مصدر معظم الغاز الذي تنتجه إيران.
وأدت المخاوف من التعطيل المحتمل لصادرات النفط في المنطقة إلى ارتفاع أسعار الخام بنحو تسعة بالمئة الجمعة، على الرغم من أن إسرائيل لم تستهدف قطاع النفط والغاز الإيراني في اليوم الأول من حملتها.
وقال الجنرال الإيراني وعضو مجلس الشورى (البرلمان) إسماعيل كوثري السبت إن طهران تدرس جديا إغلاق مضيق هرمز، منفذ وصول الناقلات إلى الخليج.
ومع إعلان إسرائيل أن عمليتها قد تستمر لأسابيع وحث نتنياهو الشعب الإيراني على الانتفاض على حكامه من رجال الدين، تتزايد المخاوف من تصعيد في المنطقة يستقطب قوى خارجية.
وحذرت طهران حلفاء إسرائيل من أن قواعدهم العسكرية في المنطقة ستتعرض للقصف أيضا إذا ساعدوا في إسقاط الصواريخ الإيرانية.
لكن الحرب المستمرة منذ 20 شهرا في غزة والأعمال القتالية في لبنان العام الماضي تسببا في إضعاف أقوى حليفين لطهران، وهما حركة حماس في غزة وجماعة حزب الله في لبنان، مما قلص خيارات الرد المتاحة أمام إيران.
وترى إسرائيل البرنامج النووي الإيراني تهديدا لوجودها، وقالت إن حملة القصف تهدف إلى منع طهران من اتخاذ الخطوات المتبقية نحو صنع سلاح نووي.
وتؤكد طهران أن برنامجها مدني بالكامل وأنها لا تسعى إلى امتلاك قنبلة ذرية لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت أن طهران لا تمتثل لالتزاماتها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي.