ترامب ينهي التزامات واشنطن المالية مع منظمة التجارة العالمية

جنيف - كشفت مصادر تجارية أن الولايات المتحدة أوقفت مساهماتها في منظمة التجارة العالمية، في الوقت الذي تُكثف فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب جهودها لخفض الإنفاق الحكومي.
وتنسحب إدارة ترامب من دعم مؤسسات عالمية مشيرة إلى أن الدعم يتعارض مع سياساتها الاقتصادية القائمة على مبدأ “أميركا أولا.”
كما تخطط للانسحاب من بعضها، مثل منظمة الصحة العالمية، بعدما خفضت مساهماتها في مؤسسات أخرى في إطار مراجعة شاملة للإنفاق الاتحادي.
وقال إسماعيل ديانغ المتحدث باسم منظمة التجارة إن مساهمات الولايات المتحدة كانت في طريقها، لكنها “علقت بسبب توقف جميع المدفوعات للوكالات الدولية.”
وأضاف “بشكل عام، يمكن للمتأخرات أن تؤثر على القدرة التشغيلية لأمانة منظمة التجارة العالمية. لكن الأمانة تواصل إدارة مواردها بحكمة، ولديها خطط جاهزة لتمكينها من العمل في ظل القيود المالية التي تفرضها أي متأخرات”.
وتأثرت منظمة التجارة بالفعل بقرار أميركي في 2019، خلال ولاية ترامب الأولى، بمنع تعيين قضاة جدد في أعلى محكمة استئناف بها، مما أدى إلى تعطل نظامها الرئيسي لتسوية النزاعات جزئيا.
وكانت واشنطن قد اتهمت هيئة الاستئناف التابعة للمنظمة بتجاوز صلاحياتها في النزاعات التجارية. وتشير التزامات ترامب المتغيرة إلى التآكل الوشيك للنظام الدولي الليبرالي ومبادئه الأساسية.
وبينما يزعم البعض أن هذه التطورات جاءت كرد فعل على صعود الصين وتعزيز القوة الاقتصادية والعسكرية الأميركية، فإنها تشير إلى أن الولايات المتحدة تجد نفسها في مهمة لتفكيك النظام الدولي الليبرالي، الذي كانت تزعم هي نفسها بأنها وصية عليه وزعيمته.
وبدلا من الدفاع عن نظام قائم على القواعد، تعطي واشنطن الأولوية للقومية الاقتصادية والانسحاب الاستراتيجي من الأصدقاء. وتمثل حرب التعريفات الجمركية التي شنها ترامب إعادة تفكير أساسية في الأمن الاقتصادي الأميركي.
وتقليديا، افترض الفكر الاقتصادي الليبرالي أن الترابط الاقتصادي يقلل من الصراع ويعزز الاستقرار. ومع ذلك، فإن سياسة التجارة الأميركية أولا تعيد صياغة الاعتماد الاقتصادي باعتباره مسؤولية، مما يشكل تحديا للمبادئ الأساسية للتجارة الدولية الحرة والمفتوحة.
وبلغت الميزانية السنوية للمنظمة، التي تتخذ من جنيف مقرا لها، 205 ملايين فرنك سويسري (232.06 مليون دولار) في 2024.
وكان من المقرر أن تساهم الولايات المتحدة بنحو 11 في المئة من هذه الميزانية بناء على نظام رسوم يتناسب مع حصتها في التجارة العالمية، وذلك وفقا لوثائق عامة لمنظمة التجارة العالمية.
وقال مصدران مطلعان لرويترز إن “مندوبا أميركيا أبلغ اجتماعا للمنظمة بشأن الميزانية في الرابع من مارس بأن مدفوعات واشنطن لميزانيتي 2024 و2025 مُعلقة ريثما تُراجع مساهماتها في المنظمات الدولية” وأنه سيُبلغ المنظمة بالنتيجة، لكن لم يحدد تاريخا.
وأكد مصدر تجاري ثالث رواية المصدرين، وقال إن منظمة التجارة تدرس “خطة بديلة” في حال توقف التمويل لفترة طويلة، دون الخوض في تفاصيل.
وطلبت المصادر الثلاثة عدم نشر أسمائها نظرا لأن اجتماع الميزانية كان خاصا ولم يُعلن رسميا عن توقف التمويل الأميركي.

ووقع ترامب الشهر الماضي أمرا تنفيذيا يوجه وزير الخارجية ماركو روبيو بإعادة النظر بشأن جميع المنظمات الدولية التي لدى الولايات المتحدة عضوية فيها خلال 180 يوما “لتحديد ما إذا كانت تتعارض مع المصالح الأميركية.”
وقال باسم وزارة الخارجية الأميركية “يخضع تمويل منظمة التجارة العالمية، إلى جانب منظمات دولية أخرى، للمراجعة حاليا.”
وحتى نهاية ديسمبر الماضي، بلغت متأخرات الولايات المتحدة 22.7 مليون فرنك سويسري (25.7 مليون دولار)، وفقا لوثيقة لمنظمة التجارة العالمية حصلت عليها رويترز، مصنفة أنها “سرية” بتاريخ 21 فبراير.
وبموجب قواعد منظمة التجارة العالمية، يخضع أي عضو يتخلف عن سداد مستحقاته لأكثر من عام “لإجراءات إدارية”، وهي سلسلة من الخطوات العقابية التي تزداد صرامة كلما طالت مدة عدم سداد الرسوم.
وأكد إثنان من المصادر التجارية لرويترز أن تصنيف الولايات المتحدة الآن يجعل ممثليها غير قادرين على رئاسة هيئات المنظمة أو استلام وثائق رسمية. ولم يتسن التأكد بعد مما إذا كانت المنظمة تطبق هذه الإجراءات بالفعل على الولايات المتحدة.