ترامب يفتح النيران على الصين لفرض شروط تجارية

فتح الرئيس الأميركي دونالد ترامب نيران أسلحته التجارية الثقيلة على الصين بزيادة الرسوم على الواردات من الصين، ويبدو أنه يريد من وراء ذلك إجبار بكين على تقديم تنازلات في آخر القضايا التي تعرقل إبرام اتفاق تجاري وشيك بين البلدين.
واشنطن - لا يخفي الرئيس الأميركي دونالد ترامب هدفه من تصعيد الحرب التجارية مع الصين، حيث تشير تصريحاته بوضوح إلى أنه يريد فرض آخر الشروط التي يريدها بعد أن أكد مرارا قرب التوصل إلى اتفاق
تجاري.
لكن محللين يقولون إن ترامب يغامر باستخدام سلاح ذي حدين، وأنه يختبر صبر التنين الصيني، الذي لوح أمس بأنه سيتخذ الإجراءات المضادة الضرورية، دون ذكر أي تفاصيل.
وقال ترامب أمس إنه “لا حاجة للإسراع″ في مفاوضات التجارة مع الصين، في اعتداد واضح بقدرته على التفاوض، والذي أصدر كتابا بعنوان “فن إبرام الصفقات” قبل وصوله إلى البيت الأبيض.
وجاء تصريح ترامب بعد ساعات قليلة على دخول زيادة في الرسوم الجمركية فرضتها واشنطن على سلع صينية حيز التنفيذ، وتوعد بكين برد في المقابل. وكتب على تويتر أن “المحادثات مع الصين تتواصل بشكل ودي جدا. لا حاجة على الإطلاق للإسراع، فيما تسدد الصين رسوما جمركية بنسبة 25 بالمئة للولايات المتحدة على سلع ومنتجات” تصدرها إلى الولايات المتحدة.
ودخلت أمس زيادة في الرسوم الجمركية من 10 إلى 25 بالمئة فرضتها واشنطن على واردات من السلع الصينية بقيمة 200 مليار دولار حيز التنفيذ، ما دفع وزارة التجارة الصينية لتكرار توعدها باتخاذ “الخطوات اللازمة”.
وقال ترامب أيضا “إن الرسوم في بعض النواحي أفضل من التوصل لاتفاق تجاري… الرسوم ستعود على بلدنا بثروة أكبر بكثير من اتفاق تقليدي وهي أيضا أسرع وأكثر سهولة”، في مشاكسة قد تفجر غضب بكين.
ووسط خلاف تجاري منذ أكثر من عام، عاد مسؤولون من أكبر اقتصادين في العالم إلى طاولة المفاوضات مساء الخميس، يتقدمهم نائب رئيس الوزراء الصيني ليو خه والممثل الأميركي للتجارة روبرت لايتهايزر ووزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين.
ومنذ العام الماضي تبادل الطرفان رسوما جمركية على أكثر من 360 مليار دولار من المبادلات في الاتجاهين، ما أضر بالصادرات الزراعية الأميركية إلى الصين وبقطاعات التصنيع في البلدين.
ورغم تلك المناوشات الثقيلة، اتفق مفاوضو البلدين في واشنطن على الاستمرار في التفاوض، الأمر الذي يُبقي على آمال التوصل إلى اتفاق في نهاية المطاف.
وفي بكين، قالت وزارة التجارة الصينية إنها “تأسف بشدة” للقرار الأميركي، مضيفة أنها ستتخذ الإجراءات المضادة الضرورية، لكنها واصلت ضبط النفس بعد الإعلان عن تفاصيل تلك الإجراءات.
وتحدث نائب رئيس الوزراء الصيني والممثل التجاري الأميركي ووزير الخزانة ستيفن منوتشين لمدة 90 دقيقة يوم الخميس، وعقدوا اجتماعات أمس لإنقاذ اتفاق قد يُنهي حربا تجارية مستمرة منذ 10 أشهر بين أكبر اقتصادين في
العالم.
وقالت وزارة التجارة الصينية إن المحادثات مستمرة، وإنها “تأمل في أن يكون بمقدور الولايات المتحدة الالتقاء مع الصين في منتصف الطريق، وبذل جهود مشتركة، وحل القضية عبر التعاون والتشاور”.
وقال مكتب الممثل التجاري الأميركي إن الشحنات القادمة بحرا من الصين قبل منتصف ليل الخميس لن تخضع للضريبة الجديدة طالما وصلت إلى الولايات المتحدة قبل مطلع يونيو. وستدفع تلك الشحنات الرسوم الأصلية البالغة 10 بالمئة.
ويعني ذلك إمكانية إلغاء زيادة الرسوم في حال التوصل إلى اتفاق لأن معظم السلع التي جرى شحنها بحرا لن تصل قبل أسابيع إلى الموانئ الأميركية، في وقت يرجح فيه محللون إمكانية إبرام اتفاق تجاري شامل بحلول نهاية الشهر الحالي.
ولم يتم تطبيق فترة سماح في الجولات الثلاث السابقة من الرسوم الجمركية التي فُرضت العام الماضي على سلع صينية، والتي حظيت بفترات إخطار أطول بلغت ما لا يقل عن ثلاثة أسابيع قبل دخول الرسوم حيز النفاذ.
ومنح ترامب المستوردين الأميركيين إخطارا تقل مدته عن 5 أيام بشأن قراره زيادة الرسوم على سلع بقيمة 200 مليار دولار إلى 25 بالمئة، والتي تماثل حاليا النسبة المفروضة في وقت سابق على آلات ومنتجات تكنولوجية صينية بقيمة 50 مليار دولار.
وقال جيمس غرين المستشار لدى ماكلارتي اسوسيتس، والذي كان حتى أغسطس الماضي أكبر مسؤول بمكتب الممثل التجاري الأميركي في السفارة في بكين، “أعتقد أن الصينيين في النهاية سيرغبون في استمرار المفاوضات. السؤال: أين سيتوجهون بالرد؟”. ورجح أن تعزز الصين الحواجز غير المتعلقة بالرسوم على الشركات الأميركية، مثل تأجيل موافقات الجهات التنظيمية، إذ ليس بمقدورها فرض رسوم جمركية أعلى على واردات سلع أميركية بنفس القيمة بسبب قلة وارداتها من السلع الأميركية.
ويبدو القطاع الأكبر تأثرا من الواردات الأميركية من الصين هو فئة تبلغ قيمتها نحو 20 مليار دولار، وتضم أجهزة مودم الإنترنت وأجهزة أخرى لنقل البيانات، تليها لوحات الدوائر المطبوعة البالغة قيمتها نحو 12 مليار دولار والمستخدمة على نطاق واسع في منتجات مُصنعة في الولايات المتحدة.
كما تتصدر قائمة المنتجات الخاضعة لزيادة الرسوم الجمركية الأثاث ومنتجات الإضاءة ومكونات السيارات والمكانس الكهربائية ومواد البناء.
وتحبس الأسواق العالمية أنفاسها لمعرفة نتائج تصعيد ترامب على حافة الهاوية، لأنه قد يؤدي إلى تسريع التوصل لاتفاق لكنه قد يؤدي أيضا إلى عواقب وخيمة.