ترامب يطوي صفحة العزل ويتفرغ للمعركة الانتخابية

مجلس الشيوخ الأميركي يبرّأ ترامب لينهي بذلك معركته الشرسة مع خصومه الديمقراطيين ويستعد لمعركة إعادة الانتخاب.
الجمعة 2020/02/07
محاكمة ترامب لم تحفل بأي مفاجآت

تمكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من حسم معركة عزله مستفيدا من الحزام الذي شكله الجمهوريون لحماية رئيسهم في مجلس الشيوخ ليفتتح الآن معركة إعادة الانتخاب التي سيحدد بالفعل من خلالها الناخبون إذا كان الملياردير الأميركي قد توفق في الحكم أم أساء إليه.

واشنطن – برّأ مجلس الشيوخ الأميركي الرئيس دونالد ترامب لينهي بذلك معركته الشرسة مع خصومه الديمقراطيين ويبدأ استعداداته لمعركة إعادة الانتخاب.

وانتهت محاكمة ترامب، مساء الأربعاء، بنهاية لم تحفل بأي مفاجآت. وقال ترامب غداة تبرئته أنه مرّ بمحنة فظيعة خلال المحاكمة وقال إن هذه المحنة دُبرت من قبل بعض الأشخاص غير “الشرفاء والفاسدين“.

وتابع في أول تعليق بعد تصويت البارحة “لقد فعلوا كل ما بوسعهم لتدميرنا، ومن خلال القيام بذلك ألحقوا ضررا كبيرا بأمتنا“.

وبالرغم من انتهاء إجراءات العزل إلا أن نهاية القصة على أرض الواقع سوف تتكشف في نوفمبر عندما يتوجه الناخبون الأميركيون إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم.

فعندها سيدرك الديمقراطيون أخيرا ما إذا كانت مقامرتهم لعزل الرئيس، في خطوة هي الثالثة من نوعها في التاريخ الأميركي، قد أتت ثمارها وحققت لهم مكاسب انتخابية في الفوز بأصوات الناخبين الذين لم يحسموا رأيهم بعد.

وقد أشارت استطلاعات الرأي خلال المحاكمة إلى أن ترامب لم يلحق به ضرر سياسي يذكر إذ كانت آراء الجمهوريين والديمقراطيين ثابتة إلى حد كبير منذ البداية.

وفي شهر نوفمبر أيضا ربما يدرك نواب الحزب الجمهوري في الكونجرس الأميركي خاصة في الدوائر والولايات غير المحسومة الثمن السياسي لإقامة حائط بشري للتصدي للمساعي الرامية لإخراج ترامب من المكتب البيضاوي.

وجادل محامو ترامب بأنه يجب في ضوء إجراء الانتخابات بعد تسعة أشهر أن يُترك للناخبين إصدار الحكم النهائي على ما إذا كان ترامب قد أساء استخدام سلطاته بالضغط على أوكرانيا للتحقيق في تصرفات منافسه السياسي الديمقراطي جو بايدن. وأثر المحاكمة على الانتخابات أبعد ما يكون عن الوضوح.

وعندما يحين موعد الانتخابات ربما تكون محاكمة ترامب والمعركة الحزبية التي دارت حولها مجرد ذكرى بعيدة عند عدد كبير من الناخبين المهمومين بدرجة أكبر بأرزاقهم.

على رغم انتهاء إجراءات العزل إلا أن نهاية القصة ستتكشف في نوفمبر عندما يتوجه الأميركيون للإدلاء بأصواتهم

ومع ذلك فقد هزّت محاكمة واحد من أكثر الرؤساء إثارة للخلافات في التاريخ الأميركي الحديث السباق الانتخابي وذلك باستنهاض همم قواعد الحزبين.

وقال لاري ساباتو مدير مركز الدراسات السياسية بجامعة فرجينيا “أعتقد أنها حققت أمرا طيبا واحدا للديمقراطيين. فقد أيقظت بعض الناشطين على مدى واقعية احتمال فوز ترامب بولاية ثانية”.

وقد جمع ترامب الملايين من الدولارات لحملة إعادة انتخابه من جراء المحاكمة فبلغ حجم التبرعات لحملته 46 مليون دولار في الربع الأخير من العام الماضي محققا أكبر قدر من التبرعات حتى الآن. وقال مسؤولون جمهوريون إن هذه الأموال، التي تجمعت خلال فترة التحقيق بهدف عزل ترامب، جاءت في أغلبها من مؤيدين له غاضبين من مساعي الديمقراطيين لعزله من منصبه.

كما شهد الديمقراطيون الذين تقلقهم أيضا الأغلبية الهشة التي يتمتعون بها في مجلس النواب جمع تبرعات ضخمة للمرشحين الديمقراطيين للرئاسة وللكونجرس.

وقال بعض المحللين السياسيين إنه من المرجح أن يوجه الجمهوريون والديمقراطيون سهام النقد إلى تصويت خصومهم في المحاكمة بمجلس الشيوخ ومجلس النواب في إعلانات عبر وسائل الإعلام خلال الحملة الانتخابية. وقد بدأ ذلك يحدث بالفعل في بعض المناطق. فقد نشر النائب الديمقراطي جو كاننجهام، الذي انتزع دائرة ساوث كارولاينا في 2018 بعد أن ظلت في أيدي الجمهوريين للعشرات من السنين، إعلانات في دائرته هذا الشهر للتأكيد على إنجازاته التشريعية وذلك للرد على موجة إعلانات هجومية مناهضة للمحاكمة نشرها الجمهوريون.

ويردد نهج كاننجهام أصداء كثيرين من الديمقراطيين ولاسيما في الدوائر المعرضة للخطر. وقال النائب “لا أريد سوى التأكد من وضوح السجل تماما في ما نفعله ومحور تركيزنا”.

وعندما أعلنت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب، أرفع الديمقراطيين مقاما في الكونجرس، فتح التحقيق بهدف عزل ترامب في سبتمبر الماضي راود الأمل عددا كبيرا من الديمقراطيين في الفوز بنصيب أكبر في استطلاعات الرأي.

وعلى مدار شهور مال الرأي العام لتأييد التحقيق لكن الموجة الكبيرة المأمولة لم تتحقق رغم بث التحقيق في الكونجرس على شاشات التلفزيون في جلسات كشف فيها مسؤولون حكوميون حاليون وسابقون عن تفاصيل حملة ضغط لدفع أوكرانيا لإجراء التحقيق الذي طلبه ترامب بحق خصمه الديمقراطي.

وأخمد قرار بيلوسي إجراء التحقيق ضجة متنامية في صفوف حزبها لاسيما من تيار اليسار وذلك بعد أن ظلت تقاوم الاتجاه للتحقيق شهورا وسط مخاوف من أن يرتد بالوبال على الديمقراطيين في الانتخابات.

ويمكن لترامب أيضا الآن أن يتباهى بخروجه سالما من التحقيق الذي أجراه المحقق الخاص روبرت مولر في التدخل الروسي في الانتخابات عام 2016 لمساعدته في الفوز بالانتخابات ومن محاكمته في الكونجرس.

وكان ترامب قد وصف التحقيقين بأنهما مساع تبذلها عناصر في “الدولة العميقة” معارضة لرئاسته داخل الحكومة الأميركية.

وتبين استطلاعات الرأي التي تجريها مؤسسة رويترز إبسوس أن إجراءات المحاكمة لم يكن لها أثر على شعبية ترامب بين الأميركيين.

وأوضح أحدث استطلاع، أجري يومي الثالث والرابع من فبراير الجاري، أن 42 بالمئة من البالغين الأميركيين راضون عن أداء الرئيس بينما يعارض 54 بالمئة الآخرون تحركاته.

وتلك النسبة لم تتغير تقريبا عما كان عليه الحال عندما بدأ مجلس النواب التحقيق في سبتمبر حيث كان 43 بالمئة يقرون أداء الرئيس الجمهوري و53 بالمئة يرفضونه.

5